شعر وحكاياتعام

رواية .. ( ملح السّراب ) الفصل ( الخامس )




الكاتب : مصطفى الحاج حسين .


كان يوماً فظيعاً ، كادت أمي أن تقتل أبي . لأوّل مرّة

في حياتي أراها تثور عليه .

أعرفها دائماً تتحمّل قسوته وضربه وثوراته،

لكنها فيما يبدو لم تعد تأبه به ، لقد فقدت صوابها ،

هجمت عليه عندما دخل علينا ، وضربته على رأسه

بعصا غليظة ، وهي تصرخ بجنون :

– تزوّجتها ياساقط !!! .. تزوّجت أم ” عصّ” ؟!؟! ..

ترنّح أبي ، كاد يسقط ، تلمّس رأسه الملفّع “

بالجمدانة ” ، سال الدّم فوق جبينه ، فنزع “

الجمدانة ” ، صارخاً بغضب :

– أتضربينني يابنت الكلب !!! .. قسماً بالله لأخنقنكِ .

انطلق صوت أمّي على غير عادته ، قوياً كأنّه

نسي خنوعه ، وهي ما تزال ممسكة العصا بيدها ،

تقف متحّدّية متأهبة للعراك :

– أنا التي سأقتلك ، وأقتل أمّ ” عصّ ” الفاجرة ، ماإن

قتل زوجها حتّى خطفتك منّي !! .

صاح أبي وفي صوته شيء من الليونة :

– ماتزوّجتها إلاّ من أجل أولادها .. أولاد أخي ،

صاروا أمانة في رقبتي .

لكنّ أمي لم ينطل عليها هذا القول ، إنّها تكره “

نجوى ” زوجة عمّي المرحوم ، فكيف تتقبّل فكرة

أن تصبح ضرتها ؟! .

زعقت بوجهه المدمّى :

– أمن أجل أولادها تزوّجتها ياحبّة عيني ، أم من

أجل ” عصّها ” ؟!! .. ألا تخجل من شيبك !!! .. أما

كفاك أن تبيع دم أخيك ، أتأكل زوجته وداره ؟!.

كان التّفاهم مع أمّي ، في تلك اللحظة مستحيلاً ،

لذا فقد خطا والدي نحو الباب ، ويده تمسح دمه

السّائل ” بجمدانته ” ، في حين كان يزعق ، وهو

يغادر الدار :

– نعم تزوّجتها ، وهي أفضل منكِ يابقرة ، فافعلي

ماتشائين .

وخرج أبي كالمهزوم ، غير عابئ بصياح أمّي

خلفه :

– رايح لعندها ياقليل الناموس !!؟ .. صار عندك

داران !.

ثم التفتت نحوي ، كنتُ واقفاً مع أختي

( مريم ) وأخوتي الصّغار ، نرقب ما يجري بخوفٍ

ودهشةٍ وحزن .

وبنظرة ملتاعةٍ منكسرة ، أمرتنا أمّي بالدّخول

إلى الغرفة الشّمالية .

مصطفى الحاج حسين .

يتبعها الفصل ( السادس )

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock