عاممقالات

مجدي يعقوب .. قلب الصعيد النابض

مجدي يعقوب .. قلب الصعيد النابض

يعد الدكتور مجدي يعقوب واحداً من أهم وأكبر الأسماء التي لمعت في تاريخ مصر، بل في تاريخ العالم أجمع، حيث سطر حروف إسمه بأجمل وأسمى وأعظم معاني الحب والإنسانية، فلا يذكر إسمه الا وتجده مقترنٱ بأنبل الصفات البشرية.

إنه المصري ابن النيل السير بروفيسور مجدي حبيب يعقوب، ورغم امتلاكه للجنسية الانجليزية أيضاً إلا أنه متشبع من جينات الحب والنيل والإنسانية التي دائمٱ ما يعرف بها فراعنة مصر، إنه المثال الرائع المتميز في جراحة القلب والأوعية الدموية، “ملك القلوب” الذي يعد نبض كل من ضعف نبض قلبه، وأمل كل من أشرف على أبواب اليأس مرتكزا.

نشأة وميلاد مجدي يعقوب

ولد مجدي حبيب يعقوب في 16 نوفمبر 1935، بمدينة بلبيس محافظة الشرقية لعائلة قبطية أرثوذكسية تمتد أصولها إلى إحدى محافظات الوجه القبلي “الصعيد”.

التحق بكلية الطب جامعة القاهرة ليقتضي بوالده الذي كان يعمل طبيب جراحة عامة ، وبعد أن أنهى الجامعة تعلم في شيكاغو ثم انتقل إلى إنجلترا في عام 1962 ليلتحق بمستشفى الصدر بلندن، منحته الملكة إليزابيث الثانية لقب فارس في عام 1966 ويطلق عليه في الإعلام البريطاني لقب “ملك القلوب”.

أسرته

أنجب الدكتور مجدي يعقوب 3 أبناء بعد زواجه من امرأة ألمانية، اﻻول منهم يعمل طيار، والثانية تعمل أخصائية إجتماعية، والأخيرة تدرس فى مجال الطب وهي الوحيدة من أبنائه التي إقتدت بوالدها في مجال الطب. كما أن يعقوب لديه 3 أحفاد، يعملون دكاترة في جامعات سنغافورة بلد إقامتهم. 

المؤهلات والمناصب التي حصل عليها

– حصد الدكتور مجدي يعقوب العديد من المؤهﻻت خﻻل مسيرته العلمية والمهنية، فحصل أوﻻ على بكالوريوس الطب من جامعة القاهرة مستشفى القصر العيني، ليعمل بعد ذلك جراحاً نائباً في قسم عمليات الصدر في المستشفى ذاتها.

_ثم حلق بعد ذلك مسافراً إلى بريطانيا عام 1962، ليستكمل دراسته، فمنحته 3 جامعات بريطانية وهي “لندن، أدنبره، وجﻻسكو” درجة الزمالة الملكية في الجراحة.

_وفي عام 1969 إشتغل باحثاًً في جامعة شيكاغو الأميركية.

وكانت لمهارة وإبداع يعقوب دورا متميزاً حيث ترأس قسم جراحة القلب عام 1972م ، وعمل بعد ذلك أستاذاً لجراحة القلب في مستشفى برومتون في لندن عام 1986، ثم ترأس مؤسسة زراعة القلب فى بريطانيا عام 1987.

_ليستقر أخيراً فى عمله كأستاذ لجراحة القلب والصدر في جامعة لندن.

_ثم يصبح يعقوب بعد ذلك مستشاراً فخرياً لكلية الملك ادوار الطبية، ومدير مركز البحوث والتعليم الطبي فى لاهور فى باكستان، الى جانب منصبه في رئاسة مؤسسة زراعة القلب والرئتين البريطانية.

_أصدر رئيس الجمهورية المؤقت عدلى منصور فى سبتمبر 2103م، قراراً بضم الطبيب مجدى يعقوب للجنة الخمسين المكلفة بصياغة دستور للبلاد عقب ثورة الـ30 من يونيو.

التكريمات والجوائز التي حصل عليها

حصل الدكتور مجدي يعقوب على الكثير من الجوائز والعديد من التكريمات من أكثر من جهة، نظراً لجهوده الوافرة وتأثيره الفعال في مجال جراحة القلب ومنها:

_تم منحه لقب بروفسير فى جراحة القلب عام 1985 .

-في عام 1991م منحته الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا لقب “سير”، الى جانب وسام فارس فى عام 1992.

-في عام 2000 تم منحه جائزة الشعب التى نظمتها هيئة الإذاعة البريطانية “BBC”.

-فاز بجائزة اﻹنجازات المتميزة في المملكة المتحدة بعد انتخابه من قبل الشعب البريطانى، تلك الجائزة التى تقدم ﻷصحاب اﻹنجازات المتميزة بالمملكة المتحدة.

حيث يقوم فيها الشعب البريطاني بترشيح الفائزين، والتصويت لهم.

-قام البابا شنودة بزيارة بريطانيا في مارس 2002، وتم تكريم الدكتور مجدى يعقوب من قبل البابا خلال تلك الزيارة.

-في يوم الطبيب لعام 1988 تم منح ملك القلوب وسام الواجب الأول ووسام الجمهورية من مصر .

-فاز بزمالة كلية الجراحين الملكية بلندن.

-حصد عدة درجات شرفية وألقاب من عدة جامعات كبرونيل وكارديف ولوفبورا وميدلساكس، وهي جامعات بريطانية، إلى جانب جامعة لوند بالسويد.

-كما منحته أيضاً جامعة سيينا بإيطاليا درجة شرفية .

– بحضور جوردن براون رئيس وزراء بريطانيا تم منحه جائزة فخر بريطانيا فى 11 أكتوبر 2007 والمقدمة على الهواء مباشرة من قناة “ITV”البريطانية.

وتمنح تلك الجائزة للأشخاص الذين قدموا اﻹنجازات المتميزة وساهموا بدرجة كبيرة في العطاء.

_ تم تكريم الدكتور مجدى يعقوب في إحتفالية كبيرة في 11/1/2011، بمقر رئاسة الجمهورية والتي أقامها الرئيس السابق محمد حسني مبارك، ومنحه فيها قلادة النيل العظمى تقديراً‏ لجهوده الوافرة والمخلصة فى مجال جراحة القلب.

مصر ﻻ تمنح تلك الجائزة اﻻ لمن يقدمون الخدمات العظيمة للإنسانية والوطن، حيث تعتبر جائزة قلادة النيل أهم وأعلى أوسمة الوطن.

 أعمال مجدي يعقوب الخيرية

تميز مجدي يعقوب بأعماله الخيرية الكثيرة، حيث كان دائماً سباقا للخير، ومن أهم تلك اﻷعمال:

1_ إنشاء مؤسسة “سلاسل الامل” للأعمال الخيرية عام 1995، وتتميز بتقديم الخدمات الإنسانية المتنوعة لمرضى القلب من الأطفال فى العديد من الدول النامية.

2_يحرص مجدى يعقوب على زيارة مصر كل فترة، حيث يقوم أثناء تلك الزيارات بإجراء العمليات الجراحية مجاناً من عمليات قلب مفتوح بالمجان.

إضافةً الى أن “مؤسسة مجدي يعقوب” الخيرية تتبني برنامج أمراض القلب الوراثية على المستوى القومي، وبالتعاون مع ” مكتبة الإسكندرية “بدايةً بمحافظات أسوان والقاهرة ووصوﻻ للإسكندرية والمنوفية.

3_ أنشأ وحدة رعاية متكاملة بالقصر العيني، تهتم بعلاج التشوهات الخلقية في القلب.

4-أسس مركز جراحات القلب في أبريل 2009 على مساحة 9اﻵﻵف متر مربع، لعلاج الغير القادرين والحالات الحرجة في”أسوان”.

ثم أحلق به مركز آخر متخصص في دراسات وأبحاث أمراض القلب.

5- أجرى ذلك المركز حوالي 200 عملية قلب مفتوح إضافةً الى حاﻻت كبيرة من قسطرة القلب.

أهم إنجازات يعقوب الطبية

-السير بروفيسور مجدي حبيب يعقوب ثاني طبيب يقوم بزراعة قلب بعد “كريستيان برنارد” عام 1967، وواحداً من أهم وأشهر 6 جراحين للقلب على مستوى العالم

_قدم العديد اﻷساليب الجراحية الجديدة لعلاج أمراض القلب وخاصة الأمراض الوراثية.

-بعد نجاحه المذهل في إجراء أول عملية جراحية لزراعة القلب عام 1980م، إستمر فترة يجري تلك الجراحات على نفقته ونفقة المتبرعين لفترة، حيث لم تكن هذه الحراجات قد خضعت للتأمين الصحي أنذاك.

_ حقق يعقوب نجاحاً باهراً في مجال زراعة القلب والرئة أوﻻ، ثم زراعة الإثنين في الوقت نفسه عام 1986م.

-عمل على ابتكار أساليب جديدة تساعد وتنمي مهارات الجراحيين بالشكل الذي يجعل جراحات القلب أكثر سهولة مما سبق، لينتصر بذلك على كل ما هو صعب في مجال جراحة القلب.

-عمل على تأسيس البرنامج العالمي لزراعة القلب والرئة.

-تخطت أبحاث يعقوب العالمية الـ400 بحث في مجال جراحة القلب والصدر.

-ويحطم يعقوب كل التوقعات ليكون أول من ابتكر جراحة “الدومينو”، وهي الجراحة التى تتضمن زراعة قلب ورئتين فى مريض يعانى من فشل الرئة، وفى الوقت نفسه، يؤخذ القلب السليم من المريض عينه ليزرع فى مريض ثان.

_ أجرى يعقوب عملية زرع قلب عام 1983 لرجل إنجليزي، ليدخل ذلك الرجل بسبب تلك الجراحة موسوعة جينيس كأطول شخص يعيش بقلب منقول، حيث عاش لمدة 33 عام بعد الجراحة، حتى وافته المنية عام 2016.

-أجرى السير بروفيسور مجدى يعقوب خلال مشواره الطبي ما يقرب من 25 ألف عملية.

-ظل كإستشاري لعمليات نقل الأعضاء رغم تقاعده واعتزاله العمليات الجراحية حين أصبح عمره 65 عامًا، إضافةً الى كونه استشاري ومُنظر لعمليات نقل الأعضاء.

-من أشهر انجازاته الطبية أيضاً ومن العمليات الهامة التى قام بها عملية إعادة قلب الرضيع “هادي” إلى مكانه، والتي كانت أخر جراحاته الناجحة، بعد أن أعاد قلب الرضيع “هادي” إلى مكانه حيث كان خارج قفصه الصدري.

وﻻ ننسى العملية التي أجراها لطفلة تبلغ من العمر عامين، وتدعي “هنا كلارك”، والتي كانت تعاني من تضخم بنسبة 200% بالقلب، والذي استعاد حجمه الطبيعي وعاد للنبض مرة أخرى بعد عشر سنوات وبعد مساعدة القلب الصناعى له الذي قام ملك القلوب بزرعه الى جانب القلب اﻷصلي ورفض إستئصاله، ليفتح يعقوب بذلك باباً جديداً فى العلاج، يقوم على زرع جهاز ميكانيكى يعمل على مساعدة القلب المريض على الشفاء.

وجاءت تلك الحالة لتجبر يعقوب على قطع اعتزاله إجراء الجراحات في عام 2006، حيث عاد ليقود عملية خطيرة ومعقدة تتطلب إزالة قلب مزروع فى مريضة بعد شفاء قلبها الطبيعى، فرجع يعقوب ثانيةً من أجل مساعدة الفريق الطبى للفتاة ومتابعة حالتها.

إنجاز يعقوب في مجال زرع الخلايا الجذعية

تمكن السير بروفيسور مجدي يعقوب وفريقه الطبي البريطاني من تطوير صمام للقلب مستعيناً بالخﻻيا الجذعية، مما يسمح باستخدام أجزاء من القلب تم زراعتها صناعياً في خﻻل 3 أعوام.

تلك الخلايا التي نجح الفريق الطبي برئاسة البروفيسور يعقوب في استخراجها من العظام، وزرعها وتطويرها إلى أنسجة تحولت الى صمامات للقلب، وعند وضع هذه الخﻻيا في بيئة من الكولاجين تكونت إلى صمامات للقلب بلغ طولها 3 سنتيمتر، وقد قال الدكتور مجدي يعقوب أنه في خلال عشرة أعوام سيتم التوصل إلى زراعة قلب كامل باستخدام الخلايا الجذعية.

إستطاع يعقوب اﻹنسان قبل يعقوب الطبيب أن يرسخ وبقوة أرقى ما كانت وزالت تنادي به اﻹنسانية من نبل وأخﻻق، ذلك النموذج المصري المشرف الذي ﻻبد وأن يحتذى به على مر العصور وبتعدد اﻷجيال.

فاطمة عبدالحميد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock