شعر وحكاياتعام

قصة قصيدة8 علي بن الجهم وعيون المها

قصة قصيدة8| علي بن الجهم وعيون المها

فاضل العباس


علي بن الجهم: نشأ ببغداد، ورحل  الى مصر والشام، واختص بالمتوكل، وخرج من حلب متوجها إلى الغزو، فخرجت عليه خيل من كلب فقاتلهم، وقتل. 
له ديوان شعر.
في بعض كتب الأدب والتراث العربي يروون حكاية طريفة:
وقف الشاعر لأول مرة بين يدي الخليفة العباسي المتوكل، مادحًا، وهو الشاعر البدوي الفصيح المطبوع، فلم تسعفه قريحته بأجمل من هذا الكلام يقوله للخليفة:
أنت كالكلب في حفاظك للود
و كالتيس في قراع الخطوبِ
أنت كالدلو، لا عدمناك دلوًا
من كبار الدلاء، كبيرَ الذنوبِ
يدهش الحاضرون في مجلس الخليفة من هذا الشاعر الذي يمدح الخليفة بأنه كالكلب في حفظه الود، وكالتيس في مواجهة المصاعب والأخطار، وكالدلو الذي يحمل الماء و يجلبها ــ كثير الذنوب ــ اي غزيرة من قاع البئر.
لكن الخليفة المتوكل لا يغضب، ولا تصيبه الدهشة، و إنما يدرك بلاغة الشاعر و نبل مقصده وخشونة لفظه وتعبيره، وأنه لملازمته البادية، فقد أتى بهذه التشبيهات والصور والتراكيب .. ثم هو يأمر للشاعر بدار جميلةٍ على شاطئ دجلة، بحيث يخرج الشاعر الى محال بغداد يُـطالع الناس ومظاهر مدينتهم وحضارتهم وترفهم.
يُـقيم الشاعر “علي ابن الجهم” مدة من الزمن على هذه الحال، والعلماء يتعهدون مجالسته ومحاضراته، ثم يستدعيه الخليفة و ينشده الشاعر قصيدة جديدة … فتكون المفاجأة … قصيدة من أرقّ الشعر و أعذبه… 

 عيون المها بين الرصافة و الجسر    جلبن الهوى من حيثُ ادري ولا ادري
اعدن لي الشوق القديم و لم اكن        سلوت ولكن زدتُ جمراً على جمرِ
سلمن، و اسلمن القلوب، كأنما          تشك بأطراف المُـثـقـفـةِ السمرِ
خليلي، ما احلى الهوى، و أمـرَّهُ        و أعرفني بالحلوا منه و بالمُر
بما بيننا من حُرمةٍ هل علمتما          ارق من الشكوى، و اقسى من الهجرِ
و أفضح من عين المُحب لسِـرهِ        ولاسيما إن اطلقت عبرةً تجري
خليلـي مـا أحلـى الهـوى وأمـره ** أعرفنـي بالحلـو منـه وبالـمـرَّ !
كفى بالهوى شغلاً وبالشيـب زاجـراً ** لو أن الهوى ممـا ينهنـه بالزجـر
بما بيننا مـن حرمـة هـل علمتمـا ** أرق من الشكوى وأقسى من الهجر ؟
و أفضح من عيـن المحـب لسّـره ** ولا سيما إن طلقـت دمعـة تجـري
وإن أنست للأشياء لا أنسـى قولهـا ** جارتها : مـا أولـع الحـب بالحـر
فقالت لها الأخـرى : فمـا لصديقنـا ** معنى وهل في قتله لك مـن عـذر ؟
صليه لعل الوصـل يحييـه وأعلمـي ** بأن أسير الحب فـي أعظـم الأسـر
فقالـت أذود النـاس عنـه وقلـمـا ** يطيـب الهـوى إلا لمنهتـك الستـر
و ايقنتـا أن قـد سمعـت فقالـتـا ** من الطارق المصغي إلينا وما نـدري
فقلت فتـى إن شئتمـا كتـم الهـوى ** وإلا فـخـلاع الأعـنـة والـغـدر
فقال المتوكل : أوقفوه ، فأنا أخشى أن يذوب رقة و لطفا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock