شعر وحكاياتعام

” علي الطواف ” بين نعمان عاشور و شفيق نور الدين

"علي الطواف " بين نعمان عاشور و شفيق نور الدين



كتبت
      علا السنجري 



نعمان عاشور كانت فلسفته في كتابة أعماله هي : “الكوميديا أفضل الطرق لعكس الواقع خاصةً عندما يكون مؤلماً ” ، هو  يعد واحداً من أبرز الذين أمدوا المسرح المصري بالنصوص المسرحية وترك تراثاً كبيراً من مسرحياته المتنوعة .


 تناول نعمان عاشور أمراض المجتمع   بعدما تفاقمت الأزمة الاقتصادية، فغرست أظافرها في جسد المجتمع الأكبر  ، أصيب المجتمع في هذا العصر بالأنانية، وصداع في عواطفهم، وتفكك في أوصال علاقاتهم الإنسانية .  ليجد كل منهم نفسه في عزلة انفرادية ، لاينتمي لغير نفسه ، ولاتشغله غير نفسه ، لا يريد  سوي  لمتاعبه مسكن  حتى لو  في فم واحد من إخوته الضحايا .

عيلة الدوغري  نموذج لأسرة من الطبقة المتوسطة  أصيبت بمرض التمزق . كل فرد في عائلة الدوغري يعيش في عزلة انفرادية ، لاينتمي إلي غير نفسه . 






 نعمان عاشور تناول سكان الطابق الثاني  في عمارة المجتمع المصري ، تدور الأحداث حول الأب الدوغري ، الذي توفى تاركا خمسة أبناء ، الأكبر يعمل ترزياً ، أضاع ماله على ملذاته حتى تدهورت حالته، وتاب بعد فوات الأوان ،  والأوسط مدرس تاريخ تخرج في الجامعة وله تطلعات طبقية،  يريد أن يحصل على الدكتوراه ، و يريد ينفصل عن ابنة خاله الفقيرة، الجاهلة، التي لم تعد جديرة بمركزه العلمي، وطموحه.







 والأخ الأصغر  تعثر في الدراسة، فاحترف كرة القدم، وارتبطت أنانيته بقدمه التي يكسب بها الأهداف والمال والشهرة ، والابنة الكبرى،  مستبدة ومتصابية تتباهى بأمجاد أبيها ، الذي كان ثرياً يملك مخبزا، وهي متزوجة من موظف أرشيف ولها ابنة،  الأخت الصغرى مُدرسة تربية بدنية ، وتحب ابن كاتب حسابات ، ويعيش معهم موزع العيش «الطواف» الذي قضى سبعين عاماً حافياً، وأمنية حياته أن يرتدي حذاءً، فلما احضر له الابن الأصغر حذاءً، لم يستطع ارتداءه كثيراً، فقد تعود أن يمشي حافياً، ويتصارع الجميع على بيع المخبز لتقسيم الميراث، كل يحلم بتحقيق تطلعاته، وعارض البعض ووافق البعض الآخر، ثم يكتشفون أن المخبز قد رهنه أخوهم الكبير ليصرف على تعليمهم.


نعمان عاشور شخصية علي الطواف كرمز  عن صمود الشعب المصري  بالرغم من كل هذه التوترات التي تمزق إنسان العصر الحديث، الشعب البسيط، المتسامح، الشجاع.
علي الطواف تمنح طاقة الحب من دون ثمن،  وتعطي عواطفها بلا مقابل ، وسط الزحام القاتم الغارق في أنانية الأفراد ، وتمزقهم ، وتطلعاتهم الطبقية ، يغفر لهم بصفاء أبيض هذا الإهمال، له، ولأحلامه الإنسانية البسيطة في امتلاك حذاء بديلا له عن المشي حافيا  .


على الطواف  يعد من أهم شخصيات المسرحية، هذا الشخص الدوغري ما فى قلبه على لسانه ، برغم ضعف مركزه الاجتماعي .  اكتسب قوته هذه من السير حافيا ، وسلاطة لسانه بالحق، من هذه الدرجة من الزهد والاستغناء وسلاطة اللسان، ربما ليشير المؤلف لشخصية صوفية تاريخية هي “بشر الحافي”، فالحفاء هنا دليل مكانة روحية اكتسبها الشخص، ولم يعد للمظهر الخارجي أى قيمة .








شفيق نور الدين فنان من طراز فريد لا يختلف في ملامحه عن أغلب أبناء الشعب المصري , مثًل بأدواره جزءا من صورة التاريخ الاجتماعي لمصر . عمل كملقن وكان يؤدي الجمل وهو يهمس بها للممثلين ، تعلم التمثيل من خلال التلقين ،  استطاع بحرفية فناني الزمن الجميل أن يجسد تلك الشخصية ببراعة  و تلقائية كبيرة علقت في أذهان المشاهدين .

اقرأ أيضا
الدكتور شديد






مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock