أدم وحواءشعر وحكاياتعام

بالأمس كانوا هنا .. الحلقة الرابعة

بالأمس كانوا هنا .. الحلقة الرابعة

بقلم لميا مصطفى

ويقول لنفسه: إن الله لا يعطينا كل شيئ. وينظر في المرآة ليرى ملامحه قد ارتسمت السنين عليها وظهرت فى خصلات شعره الفضي ورغم ذلك ظلت هى بطلة حياته الوحيدة،لم يستطع أن يكرهها ولَم يقو على نسيانها رغم مرور السنين يرى طيفها حين كان يجلسان سوياً ليقول لنفسه: لو كنت أعلم ما ستجريه المقادير بِنَا لأوقفت كل ساعات الدنيا بيدي ويحدث محبوبته حديثاً صامتاً، حديثاً من طرف واحد يتخيلها تُكلمه وتَسعد لنجاحه،ثم يفيق على الواقع ليقول :أين هى الأن؟ فكلٌ أصبحت له دنياه فأمر طبيعي أن تكون تزوجت وأنجبت وتلاشت كل الذكريات مع أطفال تَكبُر كل يوم،ولكني لا أستطيع نسيانها وقد أرهقني هذا الإحساس وفى نفس الوقت لا أتخيلها أُماً وربة منزل، ولكن هى حبيبتي فقط …. 

ياليتني أستطيع أن أنزع هذا الإحساس من قلبي. إنها أوقات صعبة يعيشها في ذكرياته ولكن فى نفس الوقت تؤنس وحدته،وخلال آخر سنتين بدأ يُفكر جدياً فى العودة لوطنه ليكمل نجاحاته هناك وبعد سنة من التفكير وجد أن يبدأ بإنهاء أعماله وتصفية حساباته إستعداداً للمغادره،وبعد عدة أشهر جاء يوم عودته إلى وطنه ليجد أن أشياءً كثيرة قد تغيرت من حوله وظل هذا الإحساس ملازمه لعدة أسابيع حتى بدأ يتكيف مع وضعه الجديد،أما بالنسبة لعمله فقد شغل منصب مدير لأحد فروع البنك الذى كان يعمل به في الخارج،واستطاع تجهيز شقة له فى نفس منطقة عمله وسارت حياته طبيعية مثلما كانت بالخارج مع بعض الإختلافات أصبح يزور أخته كل أسبوع وبدأ يستعيد صداقاته التي حُرم منها طوال إثنان وعشرون سنة،ولَم يحاول أن يبحث عن فتاته ليقينه بأن كل شيئٍ قد انتهى من سنوات طويلة،وبعد عدة أشهر من عمله جاءه عميلٌ يريد الاقتراض من البنك بضمان مصنعه فاستقبله فى مكتبه وإذا به يتطلع إلى وجهه ليجده والد فتاته وقد تقدم به العمر ولكنه استطاع التعرف عليه من أول وهله،وكيف ينساه وكلماته ظلت محفورة فى ذاكرته، فسلم عليه ورحب به ولكن والد فتاته لم يتعرف عليه،وبدأ الحديث فى متطلبات القرض الذى يحتاجه وقد علم منه أنه يمر بضائقة مالية يحتاج على أثرها إلى سيولة نقدية بضمان إحدى المصانع،وتطرقا إلى موضوعات مختلفة في الحياة وفي هذه الأثناء يقول المدير لنفسه ما هذه المصادفة الغريبة ويحاول أن يستعيد تركيزه وفي نهاية حديثهم وعده مدير البنك بدراسة موضوعه فى أسرع وقت وما كاد أن ينصرف والد فتاته حتى سلم عليه وهو يقول: له ألا تذكرنى؟ ليرد عليه وهو يتطلع فى وجهه وعينيه محاولاً البحث عن أي موقف بينهم يُذكّره ولكنه يعتذر: ‘الحقيقة لا أتذكر’…. فيبتسم مدير البنك ويقول له بصوت هادئ: أنا من تقدم لابنتك من إثنا وعشرين عاماً وقد رفضتني…. فيخجل منه والد فتاته ويعتذر له بشده ولكن المدير لم يُظهر له أي ضغينة بل قال له : أنا مُقدّر موقفك تماماً ولا داعي لأي إعتذار بالعكس أنا مدينٌ لك بما أنا فيه الآن فلولا زيارتى القصيره لك وكلماتك لى لَما وصلت إلى هذا المكان. وإنتهى أول لقاء بينهم ورجع الوالد يحكي ما دار لفتاته ووالدتها وكيف حَزِن على….. يتبع في الحلقة القادمة

إقرأ الحلقات الأولى 




مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock