عاممقالات

الأَّحَقَافْ

تّمُرْ غالبية الأمة العربية، والإسلامية اليوم في أحوال مُزّرية، رغم أنهم أكثر من مليار، ونصف المليار إنسان ولكنهمُ أمسوا كغُثاء السيل، وأوضاعُهم يرثى لهُا، فلا تّسرُ صديقاً، ولا تّكيدُ عدواً!؛ فبلادهمُ مستباحة من الغرب، ومن المشرق، وخيراتهُم منهوبة، ومسلوبة، وأغلب شعوبهم أّمََسَتْ فقيرة، ومكلومة، ومغلوبةً علي أمرها، وجُّلْ عُلماؤهم لا يجدون عملاً أو اهتماماً، أو رعاية، أو عناية، ولا أمن، ولا الأمان لهمُ في معظّمِ بُلدانهم!؛ مما يّضّطَْرُهُم للخروج منها، فّيُهَاجّرِوُنْ لبلاد الغرب، والتي تتلقاهُم بُِكل ترحاب!؛ فّتَخَسرْ البلاد العربية، والإسلامية خيرة أبنائها، من العلماء، والأدباء، والمفكرين، والعقولْ المُبدعة، من أصحاب الكفاءات!؛ كل ذلك ناهيك عن الأيام العصيبة التي يحيياها المواطن العربي في وطنهِ، بعد الربيع الدموي، وكأنهُ يعيش في غُربة، بين المطرقة، والسندان، فلا يجد رحمة من أُوِليْ الأّمَرْ، والنُهي، ولا حُريةً للتعبير!؛ وكذلك تُعاني معُظم الشعوب من الغلاء الفاحش في الأسعار، ومن قلة ذاتِ الّيَدِ، والبطالة والأمراض الخ..، والمشكلة أن من يتولى أمر الأمُة اليوم من الزعماء والحكام، والملوك والأمراء حالهُم مع شعوبهم بعيدين عنهُم بُعد السماء عن الأرض، إلا من رِحمْ ربي!؛ والأدهى، والأّمَرْ من ذلك أن الكثير من المستشارين حول الزُعماء، والرؤساء من البطانة، والحاشية من المتنفذين، والمستفيدين، والمُتسلقين وهُمْ المُحّيِطّينْ بغالبية الحكام، والزُعماء العرب، والمسلمين ويُزينون لأولئك الملوك، والرؤساء، والحكام سُّوُءُ أعمالهم!؛ والحقيقة أن ما تفعلهُ تلك الحاشية والبطانة السيئة هو خيانة الأمانة، ومثلهُم، “كسرابٍ بّقِيعةٍ يّحسُبه الّظمآن ماءً حتى إذا جَاءُّهُ لم يّجدهُ شّيئاً”؛ وكأنهم يّبَْنُونْ للحكام والزعماء أحقافاً أي جبالاً من الرمل، والأوهام، وفي الحقيقة هي جبالٍ من رملٍ ناعمٍ أعوج سرعان ما تنهار وتزول، ولقد ورد ذكر الأحقاف في القرآن الكريم، وهو المكان الذي كان يسكنه قوم عاد، وذلك في قوله سُبحانهُ تعالى “وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ”، ومعني الأحقاف كما ذكر في تفاسير القرآن قال ابن كثير في تفسيره، “أن الأحقاف هي جبال الرمل”، وقال الماوردي: “الأحقاف جمع حقف، وهي ما استطال، واعوج من الرمل العظيم ولا يبلغ أن يكون جبلاً”؛ فما أكثر الزعماء، والملوك، والحكام والأمراء، والبطانة من الطبقة المخملية من فئة، وشريحة المُستفيدين المُحيطين بهم، من الذين بْنّوُاْ لُِشّعوبِهم أحقافاً يظنون أنها جبال عظيمة، وهي جبل من الرمل الناعم، والذي سرعان ما يزول مع هبوب الرياح العاتية، أو الأمطار الغزيرة؛ وهنا لا ندعوْا أبدًا للخروج علي أي حاكم أو زعيم، لأن القاعدة الفقهية الشرعية تقول: “درء المفاسد أولي من جلب المصالح أو المنافع”، ولكن الرسالة هي أن يتعلموا درساً من تجارب ودروس التاريخ مفادهُ: بأنكم جميعاً كالسمكة في البحر، وهو الجماهير، فإن خرجت تلك السمكة أي الملك أو الزعيم أو الأمير الخ..، من البحر فقد مَاتّت!؛ لذلك عليكم مهمة ثقيلة، وأمانة عظيمة عجزت السماوات، والأرض، والجبال عن حّملِها, وأشفقن منها، وحملها الإنسان فكان ظلوماً جهولاً!؛ فلذلك المطلوب منكم حسن اختيار البطانة، والمستشارين، الذين يدلونكم علي فعل الخيرات، والصواب، والرشاد، وينهونكم عن كل سوء، وأن تكونوا كالسمكة في البحر تعيش بكل أمنٍ وأمان، مثلما عاش العُمران رضي الله عنهما عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز، وخُلدت سيرتهما العاطرة الطاهرة في أنصع، وأجمل، وأعظم سجلات التاريخ، فمن قدم خيرًا سيجني خيرًا، ومن قدم شرًا فلا يّلُومَنّ إلا نفسهُ لأن عجلة التاريخ تسير، وتدور، فّمِن المملوك، والحكام والأمراء والرؤساء، من سجل اسمهُ في أنصع صفحات التاريخ، فأصبح يضرب فيه المثل في الخير، والعدل والإحسان، وفاز بخيري الدنيا والأخرة، ومنهم فعل العكس فأصبح مثالاً سيئًا، وخسر الأخرة الباقية، وهو الأن تحت جنادل التراب، فافعل ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فّاِنكْ مّجّزِىٌ بِهِ، رفعت الأقلام وجفت الصحف…
الأديب الكاتب، والباحث الصحفي، والمفكر العربي والإسلامي 
الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل 
رئيس ومؤسس المركز القومي لعلماء فلسطين
عضو نقابة الصحفيين الفلسطيني، والدوليين
عضو مؤسس في اتحاد المدربين العرب 
عضو الاتحاد الدولي للصحافة الالكترونية
dr.jamalnahel@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock