عاممقالات

التحرش الجماعي والتكنوفوبيا …

بقلم أحمد عاطف آدم
كشفت حادثه التحرش الجماعي بفتاة منطقه ” القومية ” بمدينه الزقازيق عاصمه محافظه الشرقيه عن الوجه القبيح لمجتمع اصبح يعج بالسلبيات والنواقص الأخلاقية التي لم ترد بخاطرنا ذات يوم ، تلك الممارسات السلوكية الشاذة والتي تدفعنا بقوة لوقفه مع النفس ولأطراف بعينها توجه إليها اصابع الإتهام دون غيرها لتسببها في إحداث تلك البؤر السرطانية التي اصبحت تستنسخ نفسها كل يوم مهددة كياننا الراسخ في الوجدان بأصالته وعراقته. 

وبالنظر لبعض الحوادث الفردية للتحرش او حتي الاغتصاب ومهما كانت درجه شذوذها او انحطاطها إلا اننا من الممكن ان نقبل ولو جزئيا ان هذا المتحرش او المغتصب هو فرد مختل لا يمثل إلا نفسه وسط مجتمع حافظ علي لغته وهويته العربيه مع تعدد الموجات الاستعمارية وتعدد لغاتها وهو قادر علي مناطحه اي موجه عاتيه من التحدي لموروثاته وثوابته الإجتماعية والسلوكية ، وعلي النقيض تماما فإننا نجد انه لا يجوز ان تهضم عقولنا نفس التبرير عندما يتخطي الانزلاق والتدني حاجز الفرديه ليصبح السفور جماعي وتفاعلي ، ففي حادثه فتاة الزقازيق كان هناك مجموعه من الشباب المتحرش وآخرون متفاعلين بالحشد أمام المقهي الذي احتمت به الفتاه من الذئاب الجائعه فقط لمتابعه الموقف دون نخوة قد تدفع فئه مستقيمة لتقويم أخري ضلت وشذت. 

ارصد في تلك الحادثه الدخيله علي مجتمعنا والتي اصبحت متكررة للأسف مثلما حدث خلال مثيلاتها بالتحرير أثناء الثورات الأخيرة اهم الأسباب لتفشي هذا الوباء وبصفه خاصه بين الشباب والمراهقين . 

أولا : الإعلام الملاكي …

انه لطالما عكست الوسائل الاتصالية بمنابرها المختلفه صورة عن قوه الشعب وثقافته ووعي افرادة ، وعندما تجد أن الإعلام تفرع إلي عام وخاص فمن الضروري ان تتفرغ تلك النوافذ المملوكة لأشخاص للدفاع عن مصالح اصحابها بتحقيق اكبر قدر من الأرباح عن طريق تباريات غير شريفه للظفر بكعكه الإعلانات المدفوعه ، وهنا لا مانع من إنتاج برامج ترفيهية تعتمد علي اللعب علي وتر الإثارة الجنسية تحديدا بكل اشكالها مسموعه ومرئية وإيحائيه والتي يتأثر بها الشباب المراهق وبالتالي يحدث لهم تغييب متعمد للثوابت التي ينحت ذويهم في الصخر من اجل تأصيلها دون جدوي ، فالمناخ لا يساعدهم بل يدحضهم ويكبلهم بدم بارد . 

ثانيا : انهزاميه اولياء الأمور …

جيل الإنترنت ” خليهم يعيشوا أيامهم ” ، ” نعمل ايه جيل بايظ ” ، ” عليه العوض ومنه العوض ” . كل تلك الجمل الانهزاميه بمثابة مسلمات الفشل التربوي الذي وصل إليها ارباب الاسر والذين فقدوا الامل في السيطرة علي أجيال واجيال أصبحت تقف بنا علي حافه البركان علي أساس أنهم هم قادة وامل المستقبل ، وباتت الآن التكنولوجيا بمثابة غول ينهش في عقول شبابنا بدلا من استخدامها كأداة من ادوات التقدم والازدهار للدرجه التي من الممكن ان نطلق عليها مجازا بال ” تكنوفوبيا ” او الخوف من التأثير السلبي للتكنولوجيا .

طوق النجاة : 

في اعتقادي ان طوق النجاه اصبح في متناول الدوله وحدها ممثله في تشريعاتها التي يجب ان تضرب بيد من حديد كل من سولت له نفسه سرطنه الثوابت والاخلاقيات العتيقه والمتجذرة ، وهنا اري ان جهاز الرقابه علي المصنفات يجب ان تدب فيه الروح من جديد ومن الممكن ان يتبع جهازا سياديا يخشي من بطشه رجال السطوة الإعلامية والذي يذهب معظمهم لتغليب الخاص علي العام من المصالح والمكاسب ، هذا بالإضافة لتطبيق الإلتزام بالزي الموحد بكل حزم وحسم علي طلبه المدارس وكذلك إلزام طلبه الجامعات المصريه بزي له ضوابط من الإحترام الأخلاقي ، وان تكون الحريه داخل الحرم الجامعي مشروطه ، وايضا يجب ان يكون للتنمية البشرية دور جوهري في كل مراحل التعليم ، فمن الممكن ان نخصص مناهج تدرس بأسلوب علمي وتدريجي لتوعيه التلاميذ والطلاب بأهميه المشاركات الفعاله التي تدعم روح الجماعه إيجابيا وليس سلبيا ، وكذلك يجب تطوير الأخصائيين الاجتماعيين وإثقال مهاراتهم لتأدية دور فاعل وليس هامشي داخل المؤسسات التعليميه لتصحيح المفاهيم والسلوكيات الخاطئة . وإذا اجتمعت كل العوامل السابقه ستكون بمثابه اليد الطولي التي تمتد لتساعد اولياء الأمور في تأديه دورهم علي الوجه الأكمل  .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock