شعر وحكاياتعام

أخيرا” , انتصرت لغة الزهور


حنان عبد الحليم
عندما يتقدم شاب لخطبة قتاة , يسأل أهل العروس عن وظيفتة , عائلته , أخلاقه ,حالته المالية , ولكن لايسأل أحد هل يحس؟؟ 
نعم.. ي ح س , فالإحساس بالحياة يحدد كيف يعيشها الإنسان , هل سيعيشها أبيض وأسود , أم سيعيشها بالألوان الطبيعية .
قصة صديقتى تعكس بصدق , هذا المشهد الذى لايخلو من الطرافة , رغم ما حملته لها الأيام فى بعض الأوقات من خيبة أمل:
إنها فتاة متفتحة , شبت على كل مفاهيم الالتزام والتدين , ولكن ذلك لم يمنعها من أن تعشق السينما , أو أن تحلق مع راقصات الباليه , و تتباع صيحات الموضة العاقل منها والمجنون , تعشق المطر , و السباحة , كما انها بنت نكتة 
فهى تؤمن ايضا بالتغير , فعلى الانسان ان يقوم بتغير شئ ما فى حياته من آن لآخر .. بدأ” من لون الشعر وصولا لمكان العمل والمهنة إذا لزم الأمر , انها نموذج حى لمن يرى الحياة بكل ابعادها وترى ان التفاصيل هى التى تعطى للحياة مذاقا” خاصا” .
.. لطالما رأيتها مختلفة ,, وثورية 
كانت تبحث عن حياة تحمل نكهة خاصة ,سواء فى عملها وحياتها الزوجية المنشودة . ولكن المفارقات فى هذا الشأن عديدة وتترواح بين الكوميديا السوداء و التراجيديا الفاقعة , فالعرسان كالمصائب لاتأتى فرادى ,, بل فى مجموعات والنتيجة .. لم ينجح أحد . 
الى أن فاجأتنى يوما”بنبأ خطبتها وعندما قابلت خطيبها وجدته اليفا” جدا , هادئ بلا حضور و تعجبت , ولكنى علمت فيما بعد أن قلق والديها واصرار الشاب كانا وراء اتمام الخطبة .ومع اقتراب الزواج لم الاحظ أى تقارب بينهما , وكانت تسر لى بأنها تشعر أن الحياة معه تسير بالعكس , للخلف وليس للأمام , 
ففى حين كانت تميز الأشياء يتفاصيلها , كان هو لا يرى من الحياة إلا الخطوط العريضة , كمن يشاهد إطار الصورة ولايلتفت للصورة نفسها . فالزواج عنده بيت بمعنى شقة أو مبنى , والطعام يعنى ثلاث وجبات , والمهم وجود أطفال وليس محل اعتبار ان يكونوا سعداء , والزوجة هى الماكينة والأيدى العاملة فى نفس الوقت . وكان تقيمة لشخصيتها أنها توقفت عند المرحلة الثانوية , انها تحمل مشاعر مراهقة لم تنضج بعد. فكيف لها ان تحب الركض تحت المطر , بل وتطلب منه أن يشاركها , و كيف تسمح لنفسها بالتنزه معه بالجينز , , وكأنها فى “حصة العاب ” ولم ير من الباليه سوى العرى . لم اتفائل وشعرت بالشفقة نحوها فهى لن تعيش سعيدة معه , ولكن أهلها لن يروا هذه الفروق عيوبا وتوقعت ان يقمعوا “ثوريتها” .
ولكنها يوما انفجرت فى وجهه , ولكن الانفصال لم يكن تقليديا كالارتباط , فأثناء حضور حفل زفاف أحد ألأصدقاء , وفى غمرة الانشغال فى ثرثرة الشابات و نعومة الموسقى وتفاصيل الحفل , تنبهت على صوته يقول : عقبى لنا . 
كانت هذة الجملة بمثابة ” افتح يا سمسم” وفتحت علية من حيث لايدرى مخزن المتفجرات . و باغتته بنظرة مذعورة , وكأنها فوجئت بوجوده فى المشهد . وطلبت الانصراف , واسدلت الستار
ومرت فترة غير قصيرة ولم ترتبط ,,ولم تشعر بالندم ,, بل أقسمت ألا تعيش الحياة ,أبيض وأسود , إما بالألوان الطبيعية أو .. لأ.
الى جاءت يوما تبشرنى : أخيرا” انتصرت لغة الزهور , وأضافت : لقد وجدته .
, كنت أزور صديقا مريضا فى المستشفى , كما تعلمى انى احب اللونين الأبيض فى الأصفر خاصة فى الزهور وفوجئت بشخص يحمل باقة ورد بنفس الألوان , ابتسمت داخلى وشعرت انها علامة من القدر ,, لم نسلم من سخرية المريض : الذى رأى الوان الزهور تحمل أجواء الجنازات , واننا اتفقنا على دفنه .
الزهور عرفتنا, لم نغادر المستشفى إلأ بعد أن تبادلنا أرقام المحمول , كانت حجته لطيفة , فالوان الزهور تدل على تقارب فى الرؤية الفنية , ودعانى لمعرض للفن التشيكلى . لم يطل بعدها , وطلبنى للزواج .
إنه ليس كامل الأوصاف ويكبرها بسنوات ليست قليلة , قاوم والداها فكرة الزواج منه , عندما عرفا أنه مطلق وله ابنة , لكنما
رضخا أمام إصرارها , فكلاهما يعرف انها متفردة فى مزاجها وربما ان أصروا على رفضه , لا تقبل بغيره فى المستقبل القريب كان زففهما .. معزوفة منتاغمة من الموسيقى والزهور والخضرة , , وفى عز الظهر , , فى حديقة قصر . اشبه بزفاف سندريلا على انغام الكمان , ورايتهما يحتفلا ن منفردان رغم الجمع ورغم مجاملة الأصدقاء , كان يتحاوران بالعيون على بعد , وكانا يلتفتان لبعضهما فى وقت واحد , بنفس الابتسامة , ويمدان ايديهما لتشابك الأصابع فى نفس اللحظة , وكانها رقصة تدربا عليها .
انها عفوية التشابه . وفراسة الحب ,
وزفاف يليق بثورية 
هنيئا” صديقتى .. لقد حصلتى أخيرا على رجل 
ي ح س
مدير قسم الأدب والشعر

علا السنجري


مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock