عاممقالات

عفوا لقد نفذ رصيدكم”

“عفوا لقد نفذ رصيدكم”
بقلم آية راضي
نستخدم هواتفنا كثيرا حيث أصبحت عنصر أساسي في حياة الجميع…جعلت من البعيد قريب و حتي ربطت العالم ببعضه عبر الإنترنت.
جعلنا من الهواتف عقول تحركنا حتي بدون هدف و لا بسابق إرادة منا و كأننا ننساق وراء ما نشره الغرب علي هيئة تحضر.
إذا خرجنا من عنق الزجاجة و رآينا ما نحن عليه الآن سنجد أنها فرقت شمل الأسرة ، و جعلت الحديث بلا مشاعر ، و الحياة إلكترونية مملة ، و الضحك و الحزن مجرد منشورات ، و هونت الكثير من المعاني و المشاعر النبيلة في حياتنا ، إلا أنها أصبحت صاحبة الأهمية الأولي و الأخيرة في حياة جيل بأكمله ، و أصبحت وسيلة تواصل عائلي بدلا من الزيارات و المقابلات ، و إتخذت المرتبة الأولي في وسائل التهنئة في الأعياد و المناسبات ، و إحتلت نشر خصوصياتنا بأدق التفاصيل إن إنساقنا بلا وعي إليها ؛ و رغم كل هذا فلا يوجد من يحب سماع مقولة “عفوا لقد نفذ رصيدكم” التي تقف حاجزا بينه و بين التواصل و الإنترنت و غيرها من إستخداماته.
مهوسوا الإنترنت و الهواتف المحمولة جعلوا من أولي الأولاويات هي شحن رصيدهم في هواتفهم حتي يستطيعوا تدمير حياتهم التي من منظورهم تتطور و ليست تتحطم.
إن إختبرت قدرتك علي تحمل فترة لهاتفك دون شحن رصيده ستجد أنها لن تطول عن ثلاث أيام حتي و إن لم تكن من هؤلاء محبي التصفح و الهواتف و ذلك ليس لأنها عديمة الأهمية بالقدر الكبير و لكن لأن الهواتف كما تحمل السلبيات فهي تعتبر تطور حضاري و وسيلة تواصل إن قننت إستخدامها و لكن للأسف يتم توظيفها خطأ.
ربما أخذك كلامي إلي جانب الحفاظ علي المال و عدم إهدار الوقت و هذا شئ مهم و مرغوب فيه ، و لكن شرحت هذا لتأخذ تلك المقولة المزعجة كشئ مادي يعبر عن شئ معنوي قليل منا ما يقدره و يراه بقلبه و هي المشاعر عامة…
عندما تزعج أحدهم و لو علي سبيل المزاح ، أو تغضب أهلك ، أو تنفر زميلك ، أو تجرح شخصا ما أحبك ، أو الكثير من الأفعال المزعجة غيرهم سواء كان عمدا أو دون قصد..عندما يسامحك هذا الصديق أو الحبيب او والديك دون عتاب مرة و في الثانية يبدأ ذلك الشخص بتلميح ثم يتجه في الثالثة للعتاب و أخيرا يظهر عليه الغضب و الحزن الذي يجعله يتجنبك و يبتعد شيئا فشئ حتي و إن كان عن شئ ليس بالأهمية الكافية و لكن تراكماتك تكفي لذلك كما لو كنت قد ملئت البلون بالهواء أكثر ن تحملها فإنفجرت.
لم تفكر من قبل لما إبتعد ؟!
أو لما تألم من فعل أو كلمة بسيطة ؟
و لماذا تحمل في البداية ؟
حتي و إن عاد لماذا لم يعد كما كان !
الأجابة لكل الأسئلة هي أنك من أنهيت كل رصيد الحب لدي أحدهم و حتي لم تعتني بتجديد ذلك الرصيد…فعفوا لقد نفذ رصيدكم
لم يخطر ببالك أن المشاعر تحتاج إلي شحنها أو كنت تعلم و تناسيت حتي نسيت فإعتدت و جفت مشاعرك و ذبل الحب بداخلكما.
مثلا لم تنتظر أمك منك يوما أنا ترد لها معروفا و لو بكلمة و لا أباك أن تقبل يده كل صباح و لا أن تجدد رصيدك لديهم حتي ، و لكن لما لم تفكر بهذا من قبل بدلا من أن تنام غاضبا من كلمة أو موقف من أحدهما..أن تنشر المحبة في البيت و تكن أنت المثال الذي يقتدي به ﻹخوتك..أن تطمئنهما أنك لازلت تحبهما و تبرهما رغم أي خلافات.
لماذا لم تفكر بشحن رصيدك لدي صديق الطفولة الذي دام علي ترابطكما حتي الكبر و تقابله بمشغوليات و عدم إهتمام و أن تتصل به أنت و تبدأ في الحوار…و ذلك الصديق الذي إبتعد فجأة بعدما شعر أنه يثقل عليك بإهتمامه الذي إعتاد أن يعطيه لك و لم يجد منك مقابل له فخجل و إنسحب من حياتك.
لماذا لم تكن أنت الحبيب الذي يهون الخلافات و ليس من يعظمها..لماذا تتذكر أن تخبرها بحبك لها كل عيد حب و ليس كل صباح أو بوردة تخبرها أنك مشتاق لماذا لم ترسل رسالة في وسط يوم حافل بالأعمال و تطمئن علي أحوالها و تكن لها الصديق الذي يشجعها وقت فعل شئ مهم بالنسبة لها مهما كان مهمش بالنسبة ﻹهتماماتك…هل حوالت أن تجدد رصيد حبك لها بأفعالك التي تشعرها بالثقة بالنفس و حبك لها الذي يطمئنها و كلماتك التي تهمس بأذنيها أنا هنا..أنا معك و تشعرها بأن الكون كله إذا إنقلب رأسا علي عقب فأنت و هي ستظلان سويا.
لماذا لم تكن الأخ الذي يبر أخيه و دائما تجدد رصيد حبكما بحركة أو بإهتمامك بما يحب و زيارتك له و كلمة تخفف همه.
في كل المشاعر بيننا يوجد مساحة كبيرة من التحمل فيتحملك من يحبك في وقت غضبك..حزنك..وحدتك و حتي عندما تغضبه أو تهمله و لكن لماذا لم نسعي لأن نكون مصدر أمان و طمأنينة لمن يحبوننا فهم لم ينتظروا المقابل فنحن نعطي الحب ﻻن الله قذفه بقلوبنا و لكنه يزيد أو ينقص بالعشرة التي نقابل فيها المواقف التي تقويه أو تضعفه.
لماذا لم يكن في مفهومنا من قبل تجديد رصيد المحبة بقلوبنا علي الرغم من أن تجديد رصيد الهواتف يكلفك ماديا إلا أن تجديد رصيد محبتك لا يكلف شئ.
فبكلمة صغيرة أو فعل بسيط يجعل من يحبك يشعر بالراحة و يطمئن أنه مازال له الأهمية الكبري في حياتك رغم إنشغالاتك و إهتمامتك المتزايدة يوما عن يوم و أن المشاكل لم تأخد من قلبكما مساحة و أنه لازال له الأولوية و لازلت تحبه بنفس القدر بل و حتي يزداد حبكما كل يوم و تقويه و تظهر معدنه المشاكل و الخلافات.
تجديد رصيد المحبة ليس بمرهق بل إنه بممتع فيجعلك تشعر أحدهم بالراحة و السعادة كما تجعله يظل يحبك و تظلان علي علاقتكما الوطيدة و بذلك الرصيد تبتعدا عن مشاكل العتاب و حزن الفراق و جرح العشم الذي لا يقابله حب.
جددوا رصيد محبتكم و لو بالدعاء بظهر الغيب فإن الله مطلع علي ما في القلوب و إن من السبعة الذين يظلهم الله في يوم لا ظل إلا ظله هما “إثنان تحابا في الله فإجتمعا علي حبه و تفرقا علي معصيته”
إجعلوا الله رقيبا علي حبكم و إشحنوا القلوب رصيدا بالحب و الدعاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock