أدم وحواءعام

تأخر سن الزواج ومدى تقبل المجتمع له

تأخر سن الزواج ومدى تقبل المجتمع له

كتبت جيهان عوض


“لستُ عانس!” قالتها صديقتي وهي تحاكيني عبر الهاتف وهي مجهشة بالبكاء، تكاد تتحشرج الكلمات بحلقها وتبتلع الحروف.
 نعم لست عانس وإن كنت قد تخطيت الثلاثين من عمري ولم يؤذن لي بعد بالزواج فهذا نصيبي، ومن قال بالأساس أن الزواج مرتبط بعمر معين! هل هي بوابة لا يعبرها فوق الثلاثين مثلًا!؟
ومن قال أنني يجب أن اخنع لرغبات عائلتي بحجة خرس ألسنة المحيطين وكبح فضولهم! حاولت تهدأتها وهدهدت خاطرها بذكر مميزاتها التي قلما نجدها في النساء المتزوجات ولكن دون جدوى، فشكوت لها معضلتي الحياتية التي تحفظها عن ظهر قلب ونتاج زواجي المبكر، وأشرت بحديثي إلى صديقتنا التي طُلقت بعد انجابها ثلاث اناث وزوجها يريد الولد، وكأنها السبب في نوعه ذكر كان أو أنثى! وغيرهم، وغيرهم، ممن لا يحالفهم الحظ باستقرار أُسري، وحياة هانئة، اغلقت الهاتف بعد محاولة فاشلة لمواساتها.
تأخر سن الزواج ومدى تقبل المجتمع له

إلى أي مدى يتقبل المجتمع تلك الفوارق؟ وإلى أي مدى نحترم خصوصية الفردالفرد؟

هذا تزوج، هذه طُلقت، هذا عاقر، هذه عانس…
لِمَ لا ننشغل بأنفسنا ونترك حياة الآخرين يديرونها كيفما شاءوا ومثلما أرادوا! لِمَ نحشر أنوفنا في شئونهم!
ومن الذي أطلق تلك المسميات بالأساس؟ وما هي المعايير التي على أساسها نصنف غيرنا؟
أسئلة عبثية يجب أن تنتهي.

-اقرأ المزيد: 

هي ليست بعانس! هي فقط رسمت صورة لشريك حياتها ولم تجده بعد، أو ربما هي اختارت طريق آخر، وهو طريق النجاح العلمي والمهني فما إن وصلت إلى درج زادها شغف للتسلق لأعلى، أو ربما خُذلت مرة أو أكثر فامتنعت عن الخوض بتجربة غالبًا ما ستكون فيها هي الخاسرة، أو ارتبطت بأحدهم ولم يرتح له قلبها، فكما قال نجيب محفوظ:ما ﻻ يرتاح له قلبك ﻻ تثق به أبدًا، فالقلب أبصر من العين. وغيرها من الأسباب التي أدت لتأخر سن الزواج. لسنا بحاجة لتبريرهم فيما يفعلون ولا هم بحاجة لاخماد فضولنا.

-ازدواجية: 

وترى أن هناك ازدواجية في المجتمع، حيث تجد من يرضون لغيرهم ما لا يرضون لأنفسهم، فترفض معظم الأسر زواج ابنهم بمطلقة أو من تخطت سن الزواج من وجهة نظرهم طبعًا دون أدنى تفهم أو نقاش، في حين لو تبدلت الأدوار ستجدونهم أشد شراسة واستماتة لدفاعهم عن بنتهم المطلقة أو الكبيرة سنًا!

-اقرأ ايضا:  


هم لا يعلمون أن النبي تزوج المطلقة والأرملة والبكر! وتزوج من هي أكبر منه بخمسة عشر عامًا وهي السيدة خديجة رضي الله عنها وقد ترملت مرتين قبله، فروى أن السيدة خديجة أرسلت أختها هالة إلى عمار وكان صديقا للنبي، وأبدت أمامه رغبة السيدة خديجة في الزواج من الرسول وبعد أن عرض عمار على النبي هذا الأمر وافق دون تردد، وتم الاتفاق على وقت تعقد فيه الخطبة و تزوجها وانجب منها جميع ابنائه عدا ابراهيم، لم يعايرها يوم، بل كانت أحب الزوجات إليه وظل مخلصًا لها بعد وفاتها، لو نهج مجتمعنا نهج نبي الله ما باتت على الأرض معضلة، وسارت حياتنا صافية من تلك الأفكار العقيمة، فالرؤية الصائبة تقودنا دائمًا إلى الفعل الصائب كما قال سقراط.

-اخطب لابنتك:

اتساءل ما الضير الذي يقع على العلاقة الزوجية لو اختار الأب لابنته الزوج الصالح دون الانسياق للعادات والتقاليد المهترأة، فقد فعلها نبي الله “شعيب” حينما طلب من”موسى” أن يتزوج إحدى ابنتيه ويرعى الأغنام ثمانية سنين وان اتمها عشر فيكون كرم منه، بعد ان رأى فيه القوة والحياء والأمانة حينما سقى الأغنام لابنتيه، قال تعالى:”قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ”.
قال رسول الله صل الله عليه وسلم:” إذا جاءَكُم مَنْ تَرْضَونَ دِيْنَهُ وخُلُقَهُ فأنْكِحُوه إلا تَفْعُلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ في الأرضِ وفسادٌ عَرِيض”.

-اطلع على: 






سن الزواج ومدى تقبل المجتمع له

لِمَ لا ننظر للجانب الإيجابي في تأخر سن الزواج فكما به من العيوب إلا أنه أيضا يتمتع ببعض المميزات فهو يعطي مساحة للفرد للمسير في طريق النجاح دون قيود، وكلما كبر في السن صار أنضج وأحوط فما كان ليقع فيه في الصغر لن يقع فيه بالكبر.

-لست عانس: 

يا خليلتي أنتِ لست بعانس، وما صنفكِ غير جاهل لا يعي شيء في القدر ولا يفقه شيء في الدين، فلا تلتفتي لمن يحاولون التنقيص من قدرِك لمجرد عدم انسياقك لأهوائهم وخضوعك لرغباتهم، وسأقول لكِ مثل ما قال”كارل ماركس”:
سر في طريقك ودع الناس يقولون ما يشاءون.




مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock