شعر وحكايات

الساقطة “انشراح علي مرسي” “الحلقة الثامنة”… “حمدا لله على السلامة يا مدام دينا”

كتب/خطاب معوض خطاب
ما إن فتحت انشراح باب منزلها ودخلت إلا ووجدت في انتظارها ما لم يخطر على بالها أبدا، فقد وجدت رجال المخابرات المصرية ينتظرونها بالداخل، ولم تشعر بنفسها إلا وقد اقترب منها أحدهم وهو يجذبها من يدها ويقول لها: “حمدا لله على السلامة يا مدام دينا”، وعلى الفور أبدت انشراح تعجبها واستنكارها من مخاطبتها بهذا الاسم وقالت: من دينا هذه؟ أنا اسمي انشراح.
وإذا بابني انشراح الصغيرين محمد وعادل يقبلان عليها ويحتضناها ويبكيان ويخبراها بأن المخابرات المصرية قد ألقت القبض على والدهما وشقيقهما الأكبر نبيل، وأنهما موجودين حاليا في مبنى المخابرات المصرية للتحقيق معهما، وبعد تفتيش انشراح عثر رجال جهاز المخابرات المصرية بحقيبة يدها على مفتاحين لتشغيل جهاز الإرسال اللاسلكي، فتم اصطحابها هي الأخرى إلى مبنى المخابرات العامة المصرية، وطوال الطريق كان السؤال الذي أصاب انشراح بالحيرة ولم تجد له إجابة هو: كيف كشفت المخابرات المصرية سر أسرتها؟
والذي لم تعلمه انشراح في ذلك الوقت أن المخابرات المصرية قد كشفت سر أسرتها يوم حاولوا استخدام جهاز الإرسال اللاسلكي للمرة الأولى، وذلك عن طريق جهاز روسي متطور اسمه “صائد الموجات”، و”صائد الموجات” هذا هو الذي التقط ذبذبات جهاز الإرسال اللاسلكي وهم يحاولون إرسال الرسالة لرجال الموساد.
ووقتها قامت المخابرات المصرية بتمشيط المنطقة كلها، ومع تكرار محاولات إبراهيم شاهين إرسال الرسالة لرجال جهاز الموساد _بسبب عطل مفتاح التشغيل_ أمكن تحديد مكانه، ووضع منزلهم تحت المراقبة. منذ ذلك اليوم.
وبينما كانت انشراح في إسرائيل، وتحديدا في يوم 5 أغسطس 1974، كان رجال المخابرات المصرية يقتحمون منزل الجواسيس ويلقون القبض على إبراهيم شاهين، الذي وبمجرد أن شاهد رجال المخابرات المصرية أصابته حالة هستيرية وأخذ يردد في هلع: “أنا غلطان، أنا ندمان، الجوع كان السبب، النكسة كانت السبب، اليهود جوعوني واشتروني بالدقيق والشاي والسكر”، وقام رجال المخابرات المصرية وقتها بتفتيش المنزل فعثروا على جهاز الإرسال اللاسلكي، وعلى نوتة الشفرة التي كان يستخدمها الجواسيس، وتم القبض على الجاسوس إبراهيم شاهين وولده الأكبر نبيل، وبقي بعض رجال المخابرات المصرية داخل المنزل بصحبة الولدين الصغيرين محمد وعادل انتظارا لوصول أمهما انشراح من إسرائيل.
وبينما انهار الجاسوس إبراهيم شاهين لحظة القبض عليه، كانت زوجته انشراح علي مرسي في غاية الصلابة وكانت متماسكة وقت التحقيق معها، بل وادعت الإنكار طويلا، ولم تقر أبدا بأنها تعمل مع جهاز الموساد، ولكنها انهارت وبدأ سيل اعترافاتها ينهمر حين فوجئت برجل المخابرات المصرية المكلف بالتحقيق معها يسألها سؤالا هز كيانها: “ماذا فعلت؟ وكيف قضيت ليلة كذا وليلة كذا مع الرائد إبراهام شمعون في إسرائيل؟”.
وقتها فقط أدركت انشراح أنه لا مفر من الاعتراف، حيث أدركت أن المخابرات المصرية قد عرفت عنها أدق التفاصيل، حتى لياليها الماجنة التي قضتها برفقة “أبو يعقوب”، فقد كان الرائد إبراهام شمعون الذي سألها عنه رجال المخابرات المصرية هو نفسه “أبو يعقوب”.
وفي يوم 5 أكتوبر 1974 نشرت الجرائد المصرية خبر القبض على عائلة الجواسيس، وتم تقديم العائلة لمحاكمة عاجلة، وفي يوم 25 نوفمبر 1974صدر الحكم بإعدام كل من الجاسوس “إبراهيم شاهين” وزوجته الجاسوسة “انشراح علي مرسي” بعد ثبوت تهمة الخيانة العظمى عليهما بتجسسهما على مصر لصالح إسرائيل، كما تم الحكم على الابن الأكبر نبيل بالسجن 5 سنوات مع الأشغال الشاقة، وبإيداع الصغيرين محمد وعادل دار الأحداث.
ورغم أن الجميع قد تهيأوا لاستقبال خبر تنفيذ حكم إعدام الجاسوس إبراهيم وزوجته انشراح، لكن فجأة حدثت المفاجأة التي صدمت الجميع، فماذا حدث يا ترى؟ هذا ما سوف نعرفه غدا بإذن الله تعالى، فانتظرونا.

المصادر:
كتاب “أشهر وأخطر الجواسيس عبر العصور” محمود عبد الله.
كتاب “كل شيء هادئ في تل أبيب” حسني أبو اليزيد.
برنامج النادي الدولي، حوار سمير صبري مع الجاسوسة.
كتاب “جواسيس الموساد العرب” فريد الفالوجي.
جريدة الأهرام الصادرة يوم 5 أكتوبر 1974.
فيديو للجاسوس “رافي بن ديفيد”.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock