شعر وحكايات

ثمانية عشر يوما في الجحيم ..

جيلان حسن

في ليله باردة كانت تجلس فوق سريرها و داخلها شعور بالقلق
لا تعرف له سبب فتنظر إلى السماء وتضع يدها على قلبها وتدعو ربها ألا
ترى مكروها في أولادها ولا أحبائها وأن يحفظهم من أي مكروه
فجأة أستيقظت
أبنتها مفزوعة من النوم وجاءت إليها تبكي
وهى تردد أخاف عليك يا أمي أشعر أن شيئا سيئا سيحدث لك
أيقنت ان شعورها بالقلق حقيقي ضمت ابنتها إلى صدرها
وقرأت لها بعض من آيات القرآن الكريم وطمأ نتها أنها بجوارها وان
الله حافظها فهدأت ونامت وسلمت هي أيضا أمرها إلى الله ودخلت في
سبات عميق لتحلم احلاما غير مطمئنة ..
فى صباح اليوم التالي
أتجهت إلى جهة حكومية لإنهاء بعض الأوراق المتعلقة بها
فوجئت أنها مطلوبة لتنفيذ عقوبة السجن
توقف عقلها متى ولماذا ؟
من المؤكد ان هناك خطأ ما
لا لست انا
ترجت الحراس الذين أتوا لاقتيادها إلى السجن ارجوكم
تأكدوا أولا لست انا
كانت الشفقة بادية على وجوههم
أزدادت فى البكاء
قالوا ليس بوسعنا فعل شيئ لك اعذرينا واتركينا نكمل عملنا تحركت معهم وهى تجر أقدامها من واقع الصدمة
حتى فاقت على صوت اجش
يصرخ في وجهها أعطيني بطاقتك
فقدمت له البطاقة
حالة انهيار تام سيطرت عليها حاولت أن تتصل بأول من جاء في رأسها المتسببون فى الكارثة
التي لا ذنب لها فيها
و لسانها يردد ليس لأولادي غيري في لحظة واحدة تحطمت
أمامها أحلامها وطموحاتها وتعبها في لحظة واحدة محي تاريخها
وعملها وكرامتها في لحظة واحدة انقلبت حياتها رأسا على عقب
ولم يبق امام عينيها غير صغارها
يا قهرو قلبها على هؤلاء الأطفال الذين لا يعرفون في الدنيا سواها
وفي وسط كل هذا العذاب تصدم في كل من طلبت مساعدتهم
ما هذه الردود الباردة كيف يتركونى أمضى تلك اللحظات العصيبة وحدي
دون مساعدة ثم يأمرها أمين الشرطة
بتسليم ما في حوزتها أستلم منها حقيبتها وهاتفها ثم صعد
بها سلم في كل درجة كانت تصعدها كانت تصعد روحها معها حتى وصلوا الى نهايته فوجدت بابا اسود فعلمت انه
باب السجن أو بمعنى اصح باب قبرها حاولت تتوسل إليه أرجوك لا تدخلني
بدون رحمة
زج
بها إلى دأخل السجن فنظرت فوجدت قتلة وسارقين ومسجلين خطر
أخذوا يحدقون بأعينهم فيها. وكأنهم يسخرون من بكائها ثم اتجهت إليها سيدة وقالت:
اهدئي فشكلك لا يناسب هذا المكان كيف أتيتي إلى هنا وطبطبت على يدها وهى تردد لا حول ولا قوة إلا بالله
آهناك من يعلم أنك هنا؟,
:-نعم
:- ولم يأت
:- بعضهم أت متأخر اجدا
ومتضررا من المجيء ولم يساعدني بشيء وكل ما سمعته منهم كلمات باردة
:- لا عليك إنها الدنيا الغادرة … أن أردتى أن تتصلي بأحد يساعدك فلدي هاتف هنا
ففرحت
واتصلت بأخيها الذى يسكن بلد غير. ٱخر أمل لها الذي
قبل ان تقص عليه ما حدث قال لا تقلق
لقد علمت بالأمر وأنا في طريقي لك ولامها كيف يحدث لها هذا ولم
تتصل به أول واحد لكن عشمها في الباقين الأقرب في المسافة
خانها وأوهمها ان هناك من سيفعل المستحيل لأجلها خاصه انهم
المتسببون في كارثتها وليست هي!!!! أنها ضحيتهم هم وليس هو!!!!
وقبل ان تمضي ساعه زمن أتى أحد الحراس ليأخذها ويقول لها ببسمة غير
معتادة وتحول في تعبيرات وجهه
من قمة القسوة إلى قمة
اللطف تعالي فأخوك ينتظرك بالخارج لم تصدق نفسها وانه أتاها بتلك
السرعة نزلت السلم بخطوات مسرعة
فوجدته أمامها يبتسم لها ليطمئن قلبها فارتمت بين ذراعيه وكأن هذا
الحضن الصغير الذي لم يستغرق ثانيتين اعاد لها روحها
طمأنها
انها ستخرج من هنا وان الأمر مجرد يومين ثقيلين سوف يمضيان
وزع أموالا كثيرة وتوسل لهم أن يراعوا أخته
حينها فهمت لماذا تحول معها إلى اكثر حنانا ولطفا ثم أعادوها
مرة ثانية إلى محبسها
مرت عليها الثواني والدقائق
أثقل من اعوام كثيرة مضت وبعد يومين تعقد الأمر واخوها يفعل
كل ما بوسعه
ظل يحاول ويحاول
ذهب إلى الأشخاص الذين بيدهم الحل
اصبحت حياته محكمة و ونيابة من الصباح الباكر حتى غروب
الشمس على امل ان يكون هذا اليوم هو الأخير لها في محبسها ثم يقولون
له أذا لم تخرج اليوم سوف تخرج غدا
أحضر لها كل ما تحب من طعام ولكل من يشاركونها حبسها
كان يطمئن عليها دقائق معدودة كل يوم فعل المستحيل ليسمحوا له بها ويقول لها
غدا فتماسكي فكانت ترى خلف كلماته المطمئنة خوفا وكانت تحاول
جاهدة ان تتماسك امامه حتى يمضي فتعود إلى هذا المكان الموحش
الذي يملؤه جميع انواع الحشرات المقززة وسط المجرمين والقتلة
وبائعات الهوى والمظلومين الذين اتت بهم الدنيا إلى هنا دون
ذنب مثلها ولكن مع الفارق ان الله ارسل لها اخ لن يتكرر
عاشت ثمانية عشر يوما في الجحيم لا تنام مضت عليها ليال
ثقيلة وسط رعب غير مسبوق من حراس هذا المكان وكلما غفلت
عيناها من التعب تفيق على صوت اصطدام الباب الذي كان بمثابة
فيلم رعب لها تفيق على اصوات الحراس وهم يصرخون في
البعض ويشتمونهم ويسبونهم ويضربونهم امام عينها وحاله الذعر لا تنتهى
رأت ما لم يخطر على بالها حتى جاءت تلك اللحظة
التي اخبرها اخوها وبطلها ان اليوم سيكون نهاية كابوسها وبالفعل أخرجها الحرس لتنهي اخر اجراءاتها
بعدها
ارتمت فى حضن أخيها ولكن هذا الحضن كان مختلفا
كانت تحضن داخله الحياه كانت تشكره دون كلمات.. خرجت معه من هذا المكان وهى تنظر إلى السماء تحمد الله
اخيرا عادت لتتنفس الهواء اخيرا عادت إلى الحياة ولكنها عادت بقلب
أقوى وعقل أكبر وفهم أوسع لكل المواقف وكل الأشخاص … أعادها
اخوها ورجلها وبطلها إلى حضن صغارها واطمئن انها اصبحت على
شط الأمان حرة فى بيتها وسط صغارها فقبلته وحضنته وكل الكلمات
عاجزة عن شكره دعت له و ودعته وشكرت
الله على نعمة وجوده في حياتها وعلى نعمة البيت والستر
عادت إلى الحياة
وبقلبها جرح غائر لا تعرف كم ستستغرق من الوقت لمعالجته وألم من الذين
خذلوها ورموها مكانهم وخشوا على أنفسهم
وعاشوا حياتهم الطبيعة
يأكلون وينامون ويمارسون عملهم ويترددون على مواقع التواصل
الأجتماعي وكأن شيئا لم يكن وكأن ليس هناك من دفعت ثمن خطأهم
وكأن من عاشت جحيما وكابوسا بشعا لا يعرفونها إو لا تنتمي إليهم
ومع كل ذلك سامحتهم سامحتهم من قلبها فحسابتها الأن مختلفة قالت
لنفسها يكفي ان الله اهداني اخ بألف اخ رجل اسطوريا من زمن اخر
فسامحتهم لوجه الله الذي لو افنت عمرها كله تحمده على نعمه وجوده فلن يكفي عمرها فماذا عن بقية نعمه التي لا تعدد ولا
تحصى…. تألمت وعانت لكنها فكرت في الحكمة الإلهية من هذه المحنة فوجدت انها خرجت منها اقوى وأشجع .. ومنحتها هذه القوه التي تضاعفت داخلها وخرجت وهي توقن ان لا شيء يدوم فكل شيء إلى زوال الألم والمعاناة اوقات مؤقتة وليست ابدية فدوام الحال محال هذا ما تعلمته فإياكم ان تيأسوا وإياكم ان تعتقدو ان هنالك أبدية في شيء فللقدر دائما حسابات اخرى كل ماعليكم فعله ان ترضوا ضمائركم حتى إذا اتت محنة توقنون أنه أمر الله ابتلاكم ليرفع درجاتكم وابتلاكم ليغفر لكم وابتلاكم ليهذبكم وابتلاكم لتعرفوا حقيقة الدنيا والأشخاص حولكم حقيقة حبهم وحقيقة اخلاقهم فربما تظنون ان اقربهم هو أبعدهم وربما تظنون ان ابعدهم هو أقربهم حتى يأتي الشخص في اختبار واختيار حر. فتدرك حينها من هو حقيقي وماهي مكانتك لديه .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock