حياة الفنانين

منال ديب”أرى أن الفن كالقصائد التي تحملها الألوان والتي تنقذ الإنسان من

الاختناق و الضياع والهلاك"

 
حاورتها/لطيفة القاضي

إخراج / ريما السعد

منال ديب فنانة تشكيلية عالمية ،فلسطينية أمريكية، هاجرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة الفن التشكيلي و إقامة العديد من المعارض المتنقلة في مختلف دول العالم و عرضت لوحاتها في العديد من المعارض الدولية و منها مقر الأمم المتحدة .
نالت قسطا كبيرا من الشهرة في أمريكا و العالم لأن لوحاتها متميزة حيث تناولت فيها المعاناة الفلسطينية والآلام و القضايا التي تعاني منها الأمة العربية .
تعتبر الفنانة التشكيلية لوحاتها وطنها الذي حملته معها منذ سنين.
اهلا بك أستاذة منال ديب

• كيف تقدمين نفسك منال ديب؟

فنانة فلسطينية الأصل من قرية دير طريف قضاء مدينة اللد ومواليد مدينة رام الله. حاليا أسكن في ضواحي مدينة واشنطن، العاصمة الأمريكية

• كيف اكتشفتي بأنك فنانة ولديك موهبة،و من الذي ساندك و ساعدك ووقف بجانبك من أجل أن تظهري موهبتك؟

منذ الصغر وأنا أقوم بالتعبير عن نفسي بالرسم، ولكنه لم يأخذ منحنى تعليميا وعمليا إلا عندما درسته في أمريكا, وقتها بدأت اهتماماتي بالفن تتبلور وتتضح أكثر.
عائلتي الصغيرة متمثلة بزوجي وبناتي الثلاث كانوا وما زالوا أهم عامل مساند في بداياتي وفي رحلتي الفنية. وجودهم بجانبي في جميع المراحل والمعارض أعطاني زخما وإيجابية كبيرة.
الرسم هو حالة خشوع، عبادة، تصوف، وانصهار. ولا أعد العمل الفني خلقا مبدعاً إن لم يأتِ تبعا لكل هذة المشاعر مجتمعة معا.

الرسم والإبداع كما الأمومة والحب، مشاعر تأتي مع لحظات الولادة، والفن كذلك يأتي مع رحلة طويلة من المخاض والعذاب والألم يمر بها الفنان وتتبلور في نفسه حتى تكون بهاءا ورونقا بأعمالة.

هو الإبداع يُخلق من خلال العذاب والألم والحزن والفرح والتشكل من جديد. نعم، لا بد من صهر الموهبة بالدروس والمواظبة والتجديد، ولكن إن لم يكن صاحب العمل أصلا يحمل ذاك الكم من المشاعر العفوية والأحاسيس المجسمة فلن تصل إلى قلب المتلقي ابدا.

• ما هي أهم العقبات والعراقيل التي تعرضتي لها،و كيف تخطيتي كل العقبات؟

أواجه الكثير من الإنتقادات السياسية والدينية من الإنتقادات التي لا تذهب من مخيلتي، وهو في خلال معرضي في مقر الأمم المتحدة،
وبعد 12 يومًا تم نشر مقالة على الموقع الإخباري (بريتبارت) تقارن بين عدد من لوحاتي في المعرض بشعارات فلسطينية مألوفه، حسب رأي الصحفيّة (آن بيفسكي) أنها تصوّر كل إسرائيل كفلسطين وتطالب بحل الدولة الواحدة .. فلسطين وبدون إسرائيل.
صدمت من بعض المقالات ردًّا على لوحاتها من وجهة نظر إسرائيليّة، ومن طريقة
تفسيرهم للرمزيّة في أعمالها ، إن ما يراه المُشاهد في اللوحة يعتمد على خبرته في الحياة وعلى ما يريد أن يراه في اللوحة.

فأنا فخورة جدًّا بالمرأة الفلسطينيّة بشكل عام لأنها قويّة –مثل والدتي-، اما بالنسبة للشخص الذي يعارض الفلسطينيّين وينظُر إلى اللوحة ويشعر أن هذا شيء مُزعج ويثير القلق لديه، فإذا حقًا هذا هو الدرس الذي أردته من تلك اللوحة.”-
أؤمن بمقولة للفنّانه الأمريكيه (أودري فلاك): “إذا مات الإنسان قبل أن يموت، فإنه لا يموت عندما يموت. ومن خلال الفن يستطيع الفنّان أن يعيد الحياة لأعماله كي تموت في وقتها.”

• انت تعشين في أمريكا و ترسمين الوطن فلسطين من خلال لوحاتك متعددة ،ماذا يمثل لك الوطن فلسطين؟

في جل لوحاتي تصور من مكنونات القلب بما يحتويه من حنان وحنين للأرض البعيدة بالمكان القريب بالروح فهذه اللوحات تطرح الحوار بين الشعر والريشة يحمله المشاهد معه حتى يشكل الحكاية من جديد حسب تجربته الشخصية مع الحياة”
الفن لغة عالمية ومن خلال تجربتي في المعارض هناك تجاوب ملحوظ فكل شيء غريب يجذب المشاهد والكثير من الأجانب يعرفون في لوحاتي أنها لغة عربية وقضية فلسطينية رغم عدم فهمهم لما هو مكتوب.. إلاّ أنها تنال إعجابهم.. وهذا هدفي اطلاع العالم على الفن العربي الراقي وقضيتي الأم وهناك الكثير من الأسئلة يسألونها عن لوحاتي والتي يطمعون من خلالها فهم الثقافة العربية“ وكم هي قضية فلسطين إنسانية الجذور

الفنان الفلسطيني يترجم كل هذه الأحاسيس المركبه في أعماله التي من خلالها يعمل الفن رسالته السحريه كلغة مفهومة عالميا، فالفن رساله يتم إستغلال إيحاتها في توعية العالم عن طبيعة الظلم والمعاناه التي نعيشها بلا وطن وتحت إحتلال.
ولي تجارب كثيره في معارض جعلت غير الفلسطيني يفتح قلبه للرسائل المستوحاه من أعمالي الفنيه

• تتناول لوحاتك آلام المنفى و الذاكرة و الهوية ،كيف تم إختيار موضوعات، أو قصص اللوحات؟

كل لوحةٍ من أعمالي تحمل حكايةً تسرد ذاتها بصوت عميق، بعضه آتٍ من التاريخ، والبعض الآخر يسرد قصة أنثى تجابه الغربة، وتسعى لإثبات شخصيتها رغم السنين، وأخرى تعيش في بلادها تواجه عدواً غاشماً بكل وحشيته وجبروته.
أعمالي الفنية تتناول القضية الفلسطينية بكل جوانبها وإرهاصاتها السياسية والحقوقية والتاريخية والثقافية، وهناك ثمة أعمال تتناول الجانب الإنساني بمفهومه الكوني، وتتناول العديد من قضايا حقوق المرأة والطفل، وثمة أعمال فنية لإبراز الجماليات بشكل مجرد.

• انت فنانه تشكيلية فلسطينية أمريكية مسلمه اشتركت بلوحه فنية عنوانها (البدائية) مع معرض دولي متنقل،تصدرت هذه اللوحه مشهد الإنسان الذي يولد بدائي، و تحوي اللوحة ثلاث أطفال لتصور الديانات السماوية الثلاث ،حدثيني عن هذه اللوحه؟

الفن هي القصائد التي تحملها الألوان في السكون. اشتركت بلوحة فنية عنوانها ”البدائية“ في معرض دولي متنقل يدعى ”الجسر“ والذي نظمته مؤسسة ”كارافان“.

تصور هذه اللوحة مشهدية الإنسان الذي يولد بإيمان بدائي خالص. اللوحة تصور وجوه لثلاثة أطفال لتعبير ”الديانات السماوية الثلاث“.

اللوحة تبين مقدرة الطفوله على النظر المبصر والبرئ في نفس الوقت على العالم وما يحدث به من صراعات ونزاعات.

وتشير اللوحة إلى جملة تعبر عن فكرة التأمل التي تضم الإتجاهات الدينية المختلفة ”نملك العالم ببراءتنا وقوة إيماننا“. ويأتي المعرض كفكرة للدعوة لبناء جسور محبة وقبول بين الأديان الثلاث.

• لماذا أكثر لوحاتك تمثل وجه امرأة، و صورة وجه بشكل عام؟

هو الفنان ربما نرجسي بطبعه، ولا أدري ربما تكون هذه النرجسية لدي. منذ فترة طويلة والوجوه تستهويني في معظم أعمالي، خاصة الوجه الأنثوي، ربما تحيزاً للمرأة أو ربما هو الشوق لوجه أمي لأنني أعيش في الغربة. أحب أن أرى إنعكاس الوجه والحروف العربية مبعثرة دون ترتيب، تعجبني الحروف العربية بجمال تعرجتاها كما الموسيقى حول وجه الأنثى سواء كان وجهي أم وجه امرأة أخرى. لا أكتب الحروف لكي تقرأ وإنما لجمالها فقط حول معالم الوجه الأنثوي وإيحاءاته، كما الرموز الموسيقية لا يفهمها سوى من يتقن فن العزف.

هذه الوجوه تكون في تناغم مع حالات نفسية أعيشها أشبه بالروحانيات بعد قراءة الشعر أو مقتطفات من الصوفية التي تحفزني لكي أمسك الفرشاة وأنطلق بالألوان.

• ماذا عن فن الديجيتال(الرسم الرقمي)؟

هو سحر اللحظة مع الفكرة، الفن الرقمي بالنسبة لي هو السرعة الجميلة في إخراج الصور من اللاوعي ورؤيتها حقيقة بين يدي. أحب الرسم الرقمي أو الديجيتال جداً والجميل فيه أنه ومن خلال القيام بتنغيذ فكرة معينة تكتشف أفكاراً أخرى غير متوقعة. الفن الرقمي هو فن راق سريع يوصل الأفكار في لحظتها، يأخذني إلى عوالم سحرية ويوصلني إلى اللامعقول في لحظات، يبهرني ويقوي العلاقة ما بين الصورة واللوحة التشكيلية في آن معاً. في نظري، الرسم الرقمي لا يعوض عن الرسم التشكيلي بالفرشاة وإنما يعزز الأسلوب وينمي الفكر ويأتي بالمزيد من السحر بالألوان والأفكار.

• الفنانه التشكيلية الأستاذة منال ديب ،أنت تمنيتي بأن تتغير نظرة الانسان العربي للفن التشكيلي إيجابيا،كيف ذلك؟

الفن يُربي الحواس من خلال الواقع محولاً المجهول إلى معلوم، يزيد الوعي. الفن هو شكل متخصص من العمل الإبداعي به يكتشف الناس العالم ويكتشفون صفاتهم وقدراتهم كبشر. الفن هو إدراك الجمال والوعي للفرح والقفزة الشديدة للقوة الإنسانية.
الفن التشكيلي في مجتمعاتنا العربية للأسف ليست له القيمة الفردية العالية. أهمية الفن التشكيلي في البلاد العربية وتأثيره على نفوس الأفراد غير متداول. الاهتمام به قليل مقارنة مثلاً بالفن الموسيقي الأكثر إتساعاً وقبولاً.
لتغيير النظرة العامة للفن التشكيلي، يجب الاهتمام بالتربية الفنية كمادة أساسية في التعليم وفي طرق تعليم المواد الدراسية لتربية أجيال تستطيع التواصل الفني وفهمه، وأيضاً إعطاء الأُسر فرص لزيارة معارض ومحافل فنية ونقاش الأمور الفلسفية والنفسية من خلالها.

• أن الفن يمثل إدراك و فهم لجميع معاني الجمال و الوعي ،ما يمثل لك الفن التشكيلي؟

الفن ملجأي الوحيد في الغربة ولوحاتي بمثابة الوطن الذي حملته معي منذ هجرتي عن فلسطين. ، من خلال الفن أضع أفكاري أمامي .. أحاورها وتحاورني… لوحاتي هي وطني هو وجه أمي ، هو لغتي العربية وهي تلف الوجوه الأنثوية كشال من العزة والثقة والاستمرار بالحفاظ على الهوية الفلسطينية”

تحمل كل لوحة فنية من لوحاتي قصة وحكاية تروي الصعوبات والتحديات التي تواجهها الأنثى في الغربة، بصوت عتيق عريق

•ما هي أهم هواياتك، و ما هي الاضافة التي تقودك لها هذه الهواية؟

أعشق إلى جانب الفن التشكيلي الشعر حيث أواظب على قراءته منذ الطفولة ومن خلاله تجد فيه حب الوطن،.. وهو حنين مقصود وغير مقصود لكل شيء في بلادي.. وقراءتي للشعر تعطيني الكثير من الإثراء ودفقات من الغواء العاطفي والفكري والوطني .. فأنا اقرأ الشعر أولاً ومن ثم ابدأ بتنفيذ لوحات”

الرسم بالنسبة لي هو حالة خشوع، عبادة وتصوّف وانصهار، ولا أعتبر العمل الفني عملا مبدعًا إذا لم يأت وفقًا لكل هذه المشاعر مجتمعة معًا. الرّسم والإبداع يشبهان إلى حدّ كبير مشاعر الأمومة والحب، مشاعر تأتي مع لحظات الولادة، والفن كذلك يأتي مع رحلة طويلة من المخاض والعذاب والالم يمر بها الفنان وتتبلور في نفسه حتى يخلق بهاء ورونقا بأعماله.

دراستي لعلم النفس وممارستي للفن أضفت علامات ملونة على سايكولوجيتي وسايكولوجية المشاهد للوحاتي. بدأ الفن لي كعلاج نفسي بخصوصيته المتمثلة بي شخصيا، ومن ثم بدأ التفرع لجميع أطياف المجتمع

أرى ان الفن كالقصائد التي تحملها الألوان والتي تنقذ الإنسان من الاختناق والضياع والهلاك فتكون كاليد الخضراء المنقذة له

• كلمة أخيرة…. رسالتي للأنثى العربية ”

كوني خلاّقة ولا تُحدي من قدراتك, كوني حرة في تفكيرك, أطلقي خيالك لما وراء كل حقيقة, تقبلي الآخر, جازفي, كوني إنسانة بمعنى الكلمة, لا تتوقفي“.

 

وفاء موصللي “كل فترة من حياتي الفنية كانت منعطفا جديدا ..

“صفية العمري ” كنت أول سفيرة على مستوى الوطن العربي ودوري في البيه البواب الأقرب لقلبي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock