مقالات

 عيد ميلاد الإذاعة المصرية

31 مايو1934 العيد 86 للإعلامين

كتب : عماد وديع

فى السادسة وخمس وأربعين دقيقة من مساء يوم الحادى والثلاثين من مايو عام 1934، بدأ إرسال الإذاعة المصرية حيث انطلق صوت المذيع أحمد سالم مفتتحا البث الإذاعى، قائلا: هنا القاهرة سيداتى وسادتى أولى سهرات الإذاعة المصرية فى أول يوم من عمرها تحييها الآنسة أم كلثوم”.


وقد مرَّت الإذاعة المصرية بالعديد من المراحل منذ بدايتها في منتصف عشرينيات القرن الـ20 فأنطلقت كإذاعات أهلية تجارية و تكونت كمجموعة من الإذاعات على يد شباب هواة في مدينتي القاهرة والإسكندرية تهدف للترويج للبضائع والسلع والإعلانات التجارية وتبادل رسائل الحب والغرام والرسائل الخاصة بين الشباب، وكان منها إذعات مصرية وأخرى أجنبية، مثل “إذاعة مصر الجديدة” وكانت أول إذاعة مصرية أهلية عام 1926، و”إذاعة راديو فؤاد”، و”راديو فاروق” التي أنشأها إلياس شقال، وكذلك محطة “سابو”، ومحطة “راديو فيولا”.

“هنا القاهرة” بهذه العبارة الرشيقة شديدة الدلالة بدأ بث الإذاعة الحكومية في مصر يوم 31 مايو/أيار 1934، والتي بدأت من خلال اتفاقية أبرمتها الحكومة المصرية مع شركة “ماركوني” التلغرافية واللاسلكية تحت إشراف الحكومة المصرية، وكانت عبارة عن 4 محطات تحت إدارة وزارة المواصلات، ثم وزارة الشؤون الاجتماعية، ثم تابعة لإشراف وزارة الداخلية. في ٣١ مايو ١٩٣٤ بدأ بث الإذاعة واستمر إرسال اليوم الأول ٦ ساعات، وكانت أول الأسماء التي شاركت في هذا اليوم أم كلثوم، وعبدالوهاب، والشاعر على الجارم، وصالح عبدالحي، والمونولوجست محمد عبدالقدوس، والموسيقيان مدحت عاصم وسامي الشوا،
واستمر التعاون مع شركة “ماركوني” البريطانية حتى عام 1947 الذي بدأت فيه مرحلة تمصير الإذاعة المصرية على يد خبراء مصريين تحت اسم “الإذاعة اللاسلكية المصرية”، وكانت تابعة لرئاسة مجلس الوزراء، وتمَّ تشكيل مجلس إدارة بميزانية مستقلة وصدور تشريع خاص لها.

وعندما قامت ثورة يوليو/تموز 1952 لعبت الإذاعة المصرية دوراً كبيراً في إنجاحها وتثبيت دعائمها من خلال بث الأغاني الوطنية والبرامج الإذاعية تأييداً للثورة وأهدافها.

وقد انتقلت الآذاعة المصرية من تبعية مجلس الوزراء إلى وزارة الإرشاد القومي، ثم صدر قرار جمهوري باعتبارها مؤسسة عامة ذات شخصية اعتبارية وألحقت برئاسة الجمهورية عام 1958، ثم أصبحت المؤسسة المصرية العامة للإذاعة والتليفزيون في عام 1961، ثم صدر قرار جمهوري في عام 1971 بإنشاء اتحاد الإذاعة والتلفزيون.

وخلال الفترة ما بين 1952- 1981 توسعت الإذاعة في تقديم الخدمات الإذاعية ليرتفع عدد ساعات الإرسال من 15 إلى 179 ساعة يومياً، كما اعتمدت 34 لغة للبرامج الإذاعية، كما تمَّ إنشاء العديد من الإذاعات المتخصصة أهمها إذاعة صوت العرب‏ عام 1953، والإسكندرية الإقليمية‏ 1954،‏ والبرنامج الثاني ‏1957، والشعب‏ 1959، وفلسطين‏ 1960، والشرق الأوسط ‏1964‏، والقرآن الكريم ‏1964، والبرنامج الموسيقي‏، والشباب 1975.

ومنذ عام 1981 بدأت الإذاعة المصرية في تطبيق نظام الشبكات الإذاعية، وأصبحت تتكون من 7 شبكات، وتمَّ العمل بنظام رقمنة البث الإذاعي، وهو ما يتيح انتشاراً أوسع لمحطات الإذاعة المصرية، و كما تمَّ تدشين إذاعات إقليمية ضمت 10 إذاعات هي: القاهرة الكبرى 1981، وسط الدلتا‏ 1982، شمال الصعيد ‏1983،‏ شمال سيناء‏ 1984،‏ جنوب سيناء ‏1985،‏ القناة‏ 1988، الوادي الجديد 1990، مطروح‏ 1991، وإذاعة جنوب الصعيد 1993.

وشكلت الإذاعة المصرية طوال تاريخها الذي يمتد لـ86 عاماً الوجدان المصري والعربي من جيل إلى جيل، من خلال برامجها الإذاعية العامة والمتخصصة، وقد ارتبط المستمع المصري والعربي بالعديد من أسماء الإعلاميين الذين تميزوخلال عملهم بالإذاعة المصرية

. ومن أبرز الأعلامين اللذين ساهموا فى إثراء وانجاح الإذاعة الصرية منذ نشأتها

1- صفية المهندس: المذيعة الراحلة الملقبة بـ”أم الإذاعيين المصريين” وهي شقيقة الفنان العظيم الراحل فؤاد المُهندس
بدأت “صفية” خريجة كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، العمل الإذاعي عام 1947 وذلك من خلال برنامج “ركن المرأة”، ومن قبل ذلك لم يكن هناك برامج خاصة بالمرأة بالإذاعة المصرية لذا عملت على أن يحتوي برنامجها أحاديث مُسجلة لنماذج نسائية مشرفة كالدكتورة سهير القلماوي وبنت الشاطئ (الأديبة عائشة عبد الرحمن).

اشتهرت “المهندس” بتقديمها برنامج “إلى ربات البيوت” الذي احتوى على كل ما يخص المرأة في شتى المجالات، تدرجت في المناصب بداية بحصولها على منصب المشرفة على برنامج المرأة، وذلك عام 1965، ومرورًا بمنصب مديرة البرنامج العام عام 1967 وحتى توليها لمنصب رئيسة الإذاعة من عام 1975 وقبيل تقاعدها عام 1982.

لقب “أم الإذاعيين المصريين” لم يأت من فراغ، حيث كانت بمثابة أم فعلية تقوم بمساعدة كل الإذاعيين، ورحلت عن عالمنا في عام 2007 تاركة بصمة لا يمكن للزمن أن يمحيها من ذاكرة من اعتادوا على سماع صوتها الشجي كل صباح.
2- فضيلة توفيق ( أبلة فضيلة)
صاحبة الصوت الحنون الذي تربى عليه العديد من أطفال جيل الستينات والسبعينات وذلك من خلال برنامجها اليومي “أبلة فضيلة”.

تخرجت “فضيلة توفيق” في كلية الحقوق ومن ثم عملت في مكتب المحامي ووزير النقل وقتها “حمدي باشا زكي”، مُنذ نعومة أظافرها ولديها الرغبة في العمل بمجال الاطفال لأن حسبما قالت في حوار صحفي لها “كنت أجمع جيراني الأطفال وأقص عليهم القصص والحكايات”.
وفي عام 1953 قابلت الإذاعي المشهور “محمد محمود شعبان” المعروف باسم “بابا شارو”، وأخبرته برغبتها في العمل ببرامج الأطفال ولكنه أخبرها أن هذا العمل مسئوليته هو فقط! ثم تم تعيينها للعمل كقارئة للنشرة بالإذاعة وفي عام 1959 تحقق حلمها بالعمل في برامج الأطفال، وذلك فور انتقال “بابا شارو” للعمل بالتليفزيون، ومن هنا بدأت رحلة برنامج “أبلة فضيلة”، وقدمت أيضًا برنامجا آخر بعنوان “غنوة وحدوتة” ومن خلاله حاورت المشاهير من مُختلف المجالات الفنية والأدبية.

ولكنها أصبحت فيما بعد معروفة بـ”أبلة فضيلة” ورمز من رموز الإذاعة التي يُحبها ويتابعها الكبار والصغار.
3- محمد محمود شعبان “بابا شارو”
بابا شارو إذاعي مصري بزغ نجمه مع تقديم أحاديث الأطفال والبرامج الدرامية والغنائية في الإذاعة المصرية، من مواليد الإسكندرية في 21 سبتمبر 1912.

تخرج محمد محمود شعبان في قسم الدراسات اليونانية واللاتينية بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول عام ‏1939‏، ثم التحق بالإذاعة فور تخرجه ‏بتزكية من الدكتور طه حسين، عميد كلية الآداب في تلك الفترة وأستاذه، وهناك تعرف على رفيقة دربه أم الإذاعيين صفية المهندس، ليكونا معا من أبرز مؤسسي الإعلام المصري والعربي.

لم يتعمد أن يتخصص في تقديم برامج الأطفال عندما التحق للعمل بالإذاعة المصرية عام1939، ليلقب برائد أدب الأطفال في العالم العربي، الصدفة وحدها تسببت في تغيير خريطة هذا اليوم، حيث تسبب غياب مذيع برامج الأطفال في دفع شعبان لتقديم الحلقة، وتسبب الخطأ المطبعي على الورق في تحويل اسم محمد محمود شعبان من «بابا شعبان» إلى « بابا شارو» على الهواء.

نالت حلقات «بابا شارو» إعجابا من الأطفال والكبار، فتم تكليفه بتقديم برامج الأطفال بنفس الخُطا ليظل اسم «بابا شارو» علامة مميزة في الإذاعة المصرية والعربية.

واصل «بابا شارو» تألقه في برامج الأطفال والبرامج الدرامية والغنائية والصور الموسيقية مثل «الراعي الأسمر»، و«عذراء الربيع جلنار»، و«أصل الحكاية الدندرمة‏»، و«عيد ميلاد أبو الفصاد»، وانشأ معهد التدريس الإذاعي والتليفزيوني، وقام بالتدريب فيه كما درس في قسم الدراسات العليا بكلية الإعلام جامعة القاهرة، وكان أستاذا زائرا لكلية الإعلام بجامعة الرياض بالسعودية‏،‏ وأستاذًا متفرغًا بجامعة الملك عبد العزيز؛ حيث أنشأ بها كلية الإعلام‏،‏ وحاضر لعدة سنوات بمعهد السينما والفنون المسرحية بأكاديمية الفنون بمصر وكان أول مصري يدرس فنون التليفزيون، وتوفي في 10 يناير 1999.
4- آمال فهمي
إعلامية وإذاعية مصرية وُلدت عام 1926، حصلت على ليسانس الآداب من قسم اللغة العربية جامعة القاهرة، عُينت بالإذاعة عام 1951 وأدخلت الفوازير لأول مرة إلى الإذاعة العربية، قدمت برنامجها الأشهر “على الناصية”، خلفًا للإذاعي أحمد طاهر.

وكانت من أهم من ساهم في دعم الأعمال الخيرية على مستوى مصر وتنسيقها مع حالات متعددة ليعالجها الدكتور مجدي يعقوب، وحازت على جائزة مصطفى وعلي أمين للصحافة، وأصبحت بذلك أول شخص يحصل عليها بالإذاعة والتليفزيون.

حولت تحقيقاتها الصحفية إلى تحقيقات إذاعية، وهو الفعل الذي لاقى إعجاب جماهير ومُستمعي الإذاعة، كما حصلت على لقب ملكة الكلام في الوطن العربي، كانت تعد أول سيدة ترأس إذاعة الشرق الأوسط عام 1964، ثم وكيلًا لوزارة الإعلام فمستشارًا لوزير الإعلام، وتولت منصب مستشار الإذاعة في فترة الثمانينيات إلا أنها طوال هذه السنوات وعلى الرغم من مسئولياتها العديدة، فإنها لم تتخل عن تقديم برنامج “على الناصية”.

5-الإذاعى أحمد سالم
ولد في أبو كبير بمحافظة الشرقية، وهو أول مذيع مصري بالإذاعة المصرية عام 1936، عمل ممثلًا ومنتجًا ومخرجًا وأسس ستوديو مصر، درس وتدرب على الطيران فأصبح طيارًا
واشتهر سالم بالجملة الإذاعية الشهيرة التى ارتبطت فى أذهان المستمعين “هنا القاهرة “

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock