مقالات

( دايلوك) يهودي .. دردشة صناعة الدولة !

حسين الذكر

( إن الدولة تشبه أبناءها، فلا نطمع بترقية الدولة إلا بترقية أبنائها) .. هكذا قال سقراط عن الدولة التي لا يمكن ان تبنى بعقلية الطائفة ومفهوم العشيرة ونزوات وشهوات الأفراد .. إنها عملية بناء ومراحل تاريخية تنطلق من الذات وتولد من رحم معاناة الأمم وتقودها العقول الجبارة وترسخها دماء المباديء وتقودها سواعد الرجال المؤمنين بسيادة الجميع لأجل الجميع وتحت إشراف حكماء الأمة .

تذكر بطون التاريخ ان يهوديين – قبل الإسلام – كانا في طريقهما من الشام إلى اليمن وقد مرا قرب مكة .. فاجريا الحوار التالي :-

– دعنا نسترح هنا قبل المضي نحو اليمن ..؟

– إنها مدينة بائسة لا تملك ما يستراح فيه ..!

– يقال أن نبيا سيظهر في هذه المدينة يغير مجرى التاريخ !

– أما زلت تصدق .. إن هذا البؤس الكامن والمعشعش هنا يتمخض عن وعي ووحي .. !؟

بعد ذاك بسنوات أعلن الله جل وعلا ، على لسان الوحي .. أن محمدا المصطفى ( ص ) خاتم النبين ورسول الرحمة إلى العالمين .. لم يمض وقت طويل حتى تحول ذلك المجتمع البدوي في المدينة ومكة الذي لا يمتلك من الحضارة شيئا . قائدا للعالم ومصدر لحضارة امتد شعاعها من المدينة المنورة إلى بقاع في أقاصي الأرض لم يتوقف تأثيرها إلى اليوم برغم كل ما يحاك ويجند ضد هذه الأمة التي صنعت المعجزة ..

ثمة سؤال يطرح .. كيف تبلورت تلك الأمة ؟ .. كيف تحولت من مجتمع متخلف ، جلف ، يؤود النفس المحرمة ، ويغير على بعض .. يسرق ويقتل ويهتك … ثم يعبد الأوثان .. ! لا يوجد فيه من يجيد القراءة والكتابة إلا ما ندر .. ! في سنوات معدودة يقود حضارة تسود العالم ..

لا نحتاج إلى كثير من التفكير كي نجد أن النبي وآله ومن معه من أصحابه .. اسسوا الدولة الإسلامية التي أخذت على عاتقها زمام المبادرة .. في عملية إحياء وبناء الفرد والمجتمع .. تطرد الخائن وتقطع يد السارق وتمنع التعربد .. وتحاسب سلاطين الجور وولاتهم وتقيل الموظفين الفاسدين وتحاسبهم … سنت القوانين ووثقت العلاقات الاجتماعية ونظمتها بفترة وجيزة كما فتحت المؤسسات تؤدي دورها وتنهض بمسؤولياتها .. كما أنها بنت المساجد ووضعت لها وظائف كبرى ومسؤوليات جسام لتحقيق أهداف عدة أهمها :- ( تحول المسجد إلى برلمان للمؤمنين يتداولون فيه شؤون الأمة ويصدرون القرارات ويحافظون على أسس وبنيان الدولة .. في ذات الوقت أصبح المسجد قوة روحية لتربية وبناء ذات الأفراد والجماعات للنهوض بمهام تلك الدولة .. كما غدى جامعة علمية تصنع قادة الدولة ومستقبلها ) .. كما أجاد في وصفه الدكتور علي شريعتي .

يقول أرسطو : ( إن بناء وتربية الدولة .. أهم وأقوى من تربية الأسرة .. إن للدولة وسلطاتها التنفيذية المتمثلة بالحكومة والزعامة الروحية أقدر على إصلاح الفرد والتأثير بما ينهض قوى المجتمع لينطلق إلى حدود إعجازية عصية التفسير ). إنه حب الأوطان وعبادة الله الحقة بلا تدنيس بلا استغلال .. فمن أراد الإدراك سيدرك .. ومن قبع في شهواته سيكون الدرك الأسفل مثواه .. ذاك سلوك يعرفه الله جل وعلا وتعيه عقول الأمة ويعيشه الناس .. لا شعار يفرض على الأمة ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock