شعر وحكايات

الخائنة أمينة المفتي الحلقة 13 والأخيرة… “النهاية”

حكاية أشهر وأخطر جاسوسة عربية للموساد

 

كتب/خطاب معوض خطاب

بينما كان الأمير الأحمر علي حسن سلامة غارقا في شكوكه تجاه الطبيبة أمينة المفتي، جاءته معلومة من أوروبا عن طريق أحد الشباب الفلسطينيين المتواجدين في فيينا أن طبيبة عربية الأصل ومتزوجة من يهودي مفقود على الحدود السورية، وأن هذه الطبيبة موجودة حاليا في بيروت تتقصى أخبار زوجها المفقود، وعلى الفور أمر الأمير الأحمر بعمل حصر لجميع الطبيبات العربيات المتواجدات ببيروت، وخصوصا لمن تلقين تعليمهن بفيينا، فتم حصر 4 طبيبات كانت إحداهن أمينة المفتي، فأمر بتشديد المراقبة عليهن، وفي نفس الوقت أرسل رجاله ليتقصوا الأخبار في فيينا نفسها.

وبحاستها الأمنية شعرت عميلة الموساد أمينة المفتي أنها أصبحت تحت المراقبة وأن نهايتها قد اقتربت، فنوت على الهرب من لبنان كلها إن تيسر لها الأمر، وبينما كانت تركب الباص وتنتطر أن يتحرك من محطته الأولى إذ برجلي أمن يقفان بجوارها ويقولان لها: “نريدك دقائق… لن نؤخرك”، وقبل أن تمتد يدها إلى خصلات شعرها لتتناول كبسولة سم السيانيد إذ بهذين الرجلين يقيدان حركتها ثم يحملانها خارج الباص ويضعانها داخل سيارة بيجو استيشن انطلقت بها إلى المجهول.

تم القبض على أمينة الفقي وجود دليل يثبت أنها عميلة للموساد، فكان القبض عليها نظرا للشكوك التي أحاطت بها ليس أكثر، وتم وضعها مكبلة بالأغلال في سجن في أحد الكهوف، واستخدمت معها جميع الوسائل لاستجوابها، حتى أنهم عذبوها كثيرا ولكنها لم تعترف بأي شيء.

وأخيرا وضعوا معها في نفس المحبس عميلة أخرى للموساد كانوا قد قبضوا عليها، وتم استجواب العميلة الأخرى والتي اتضح أنها فرنسية الأصل أمام أمينة المفتي، وكانت هي أيضا صلبة الرأي ولم تعترف بشيء هي الأخرى، وتم تعذيبها كثيرا ثم أطلقوا النار على رأسها أمام عيني أمينة المفتي، وأخيرا حملوا العميلة الفرنسية القتيلة وهموا برميها فوق صخور الجبل، وعندها فقط انهارت مقاومتها واعترفت أمينة المفتي بكل التفاصيل، وحكت لرجال المخابرات الفلسطينية عن الشبكة التي كونتها وعن جميع العمليات التي قامت بها ولم تنكر أي شيء، بعدها أمروا بحبسها انفراديا.

وما لم تعلمه أمينة المفتي أن العميلة الفرنسية القتيلة لم تكن عميلة للموساد، كما أنها لم تقتل، والأمر كله لم يتعد كونه تمثيلية حبكتها المخابرات الفلسططينية للإيقاع بها، ولكن كان الأمر المثير للدهشة أن أمينة المفتي ورغم ما نزل بها من تعذيب، ورغم ما صارت إليه في محبسها إلا أنها لم تندم مطلقا، بل أنها استغلت فترة حبسها الإنفرادي لتفكر بهدوء في كيفية تجهيز نفسها لخوض المعركة القادمة ضد العرب، فقد كانت واثقة تماما بأن الإسرائيليين لن يتركوها هكذا.
وبالفعل، ورغم كل ما فعلت عميلة الموساد أمينة المفتي، ورغم خداعها للفلسطينيين لسنوات، حيث سببت لهم صدمة العمر فقد كانت تحضر اجتماعاتهم السرية وتشرب معهم القهوة والسجائر ثم تتصل بجهاز الموساد ليقتلهم، أقول رغم كل هذا فإنه في يوم 13 فبراير سنة 1980 وبعد مرور 5 سنوات على القبض عليها تم إجراء عملية تبادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث تم الإفراج عن الجاسوسة أمينة المفتي عميلة الموساد مقابل اثنين من الأسرى الفلسطينيين، وقد أثارت هذه العملية كثيرا من الجدل وقتها، حيث كان الكثيرون ضد تسليمها ويطالبون بقتلها جزاء ما فعلت بإخوانهم.

ما بعد النهاية:
كانت هذه نهاية حكاية الجاسوسة أمينة المفتي مع الفلسطينيين، لكن تظل حكاياتها بلا نهاية، فبعدما تم تسليمها للإسرائيليين أجروا لها عملية جراحية غيرت ملامحها حتى لا يطاردها العرب، وحتى اليوم وبعد مرور كل هذه السنوات إلا أن أخبارها قد انقطعت، ولا يعلم أحد إن كانت ماتت أم لا.

وفي سنة 1984 نشرت مجلة “بمحانية” العسكرية الإسرائيلية خبرا يقول إن وزير الدفاع الإسرائيلي قد أصدر قرارا بصرف معاش دائم للمقدم “آني موشيه بيراد_أمينة المفتي”، كما وضعوا صورتها في صدارة صور أمهر العملاء في مبنى الموساد.

وما يثير الدهشة حقا أن أمينة المفتي وبعد عدة سنوات على وجودها في إسرائيل قد أرسلت رسالة عبر الصليب الأحمر إلى والدتها تطلب منها رؤيتها إلا أن والدتها رفضت الاستجابة لهذا الطلب تماما بل إنها قالت لمندوب الصليب الأحمر إن ابنتها قد ماتت منذ سنوات طويلة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock