أخبار وفنعام

“سامية جمال” خانها رشدي أباظة ورفض فريد الأطرش الزواج بها وتم خروج جثمانها من سلم الخدم

"سامية جمال" خانها رشدي أباظة ورفض فريد الأطرش الزواج بها وتم خروج جثمانها من سلم الخدم

كتبت/ فاطمة عبدالحميد


كثيراً ما يفاجئنا الواقع بما لم يكن في الحسبان ذات يوم، فنجد أنفسنا أمام أمر محتم الوقوع لا محالة فلا نجد حق الاختيار، فتفرض علينا الحياة سيطرتها ونفوذها فلا نتمكن من الوقوف حينها أمام رغبتها الجامحة في أن تهوى بنا بما لا نحبه ولا نرضاه، نولد أبرياء ونترك أنفسنا لها لتتحكم في أحلامنا ورغباتنا ولكن صاحب الذكاء والإرادة القوية هو من ينسج ويرسم النجاح من أي طريق ينفتح وإن كان في بدايته غير مرغوب فيه.

لذا سنتطرق في حديثنا معكم اليوم عن فتاة انتهى حلمها وحقها أيضا في العيش داخل جو أسري يغمره الدفء والحنان مبكرا ، لتجد نفسها أمام قسوة زوجة أبيها بعد وفاة أمها وزواج شقيقتها الكبرى، فتفر هاربة لا تعلم إلى أين تأخذها الحياة وماذا سيرتب لها القدر، إنها الفنانة المصرية، الراقصة الفراشة، حافية القدمين “سامية جمال”.


للمزيد

سامية جمال  تلك الفتاة الصغيرة التي تحولت إلى راقصة مصر الأولى بعد عملها بحياكة الملابس في مشغل بحي الأزهر، فلم تكن تعلم أنها سترقص في يوم ما في قصر عابدين أمام ملك مصر والسودان، أو أنها ستأسر عيون كثيرين برشاقتها وخفة حركتها، وأنها ستدخل إلى عالم الشهرة والنجومية من أوسع أبوابه.

“زينب خليل إبراهيم محفوظ” هو اسمها الحقيقي، ولدت في 5مارس عام 1924 في محافظة بني سويف، ثم انتقلت مع عائلتها للعيش بالقاهرة بحي الأزهر، وبعد وفاة أبيها وأمها وزواج شقيقتها الكبرى تحولت إلى خادمة لزوجة أبيها وبعدها عاملة بمصنع حياكة للملابس في حي الأزهر، وهناك تعرفت على شاب كان يرتاد صالات ومسارح شارع عماد الدين، واتفقت معه على أن يصطحبها إلى هناك، لتبدأ مرحلة جديدة في حياتها.

_مشوار سامية جمال الفني


بدأت سامية جمال مشوراها مع الرقص من مسرح بديعة مصابني، وفقاً لما صرح به محمد عشوب في برنامجه “ممنوع من العرض” المذاع على قناة الحياة الفضائية، حيث يعد هذا المسرح بوابة لاكتشاف النجوم، فلم يكن يظهر عليه سوى من يمتلك الموهبة الفنية الحقيقية، وأن ظهور سامية جمال على خشبته نابعاً من اقتناع مصابني بها إذ لمست فيها أنها ستصبح راقصة مصر الأولى.

وتابع: “منحت مصابني سامية جمال الفرصة الأولى وظهرت على المسرح واستقبلها الجمهور استقبالاً حافلاً، إلا أنها اضطربت ولم تستطع أن تتحرك خطوة واحدة وخذلت بديعة التي اضطرت إلى إنزال الستار”.

"سامية جمال" خانها رشدي أباظة ورفض فريد الأطرش الزواج بها وتم خروج جثمانها من سلم الخدم


ولكن لم يؤثر هذا الموقف على تمسك مصابني بسامية جمال إذ أحضرت لها مدربين على أعلى مستوى لتعليمها فنون الرقص الشرقي، وعندما ظهرت سامية على المسرح كانت ترتدي حذاء ذي كعب عال، وبعد أول خطوة كُسر الكعب فخلعته ورقصت حافية، وكان ذلك سبباً في تلقيبها بـ”الراقصة الحافية القدمين”.

_دخولها مجال التمثيل


وشاركت سامية بعد ذلك في عدد من الأفلام كراقصة تؤدي في الفيلم ضمن مجموعة من الراقصات بعد النجاح الذي حققته في الرقص بفرقة مصابني، ثم في ملهى “الرولز”. 

وكان أول ظهور لها على شاشة السينما في مارس 1940، عندما علمت من خلال الصحف أن فريد الأطرش سيقوم ببطولة فيلم مع شقيقته أسمهان بعنوان “انتصار الشباب”، فامتنعت عن الطعام لمدة يومين حتى توفر مبلغ 40 قرشاً قيمة أجر يومين في كازينو مصابني وتشتري باقة ورد كبيرة، وذهبت بها لتهنئة فريد في إستوديو “ناصيبيان” حيث كان يجري تصوير الفيلم.

ومن جانبه قام فريد الأطرش بتعريف سامية بالمخرج الذي طلب منها الدخول إلى غرفة المكياج وتجهيز نفسها للمشاركة في رقصة بالفيلم، فتمكنت بخفة دمها وضحكاتها التي نشرتها على المسرح أثناء الرقصة أن تلفت الأنظار إليها، وانطلقت بعد النجاح الكبير الذي حققه الفيلم لتقدم نفسها كممثلة لا كراقصة.

"سامية جمال" خانها رشدي أباظة ورفض فريد الأطرش الزواج بها وتم خروج جثمانها من سلم الخدم


لتنطلق بعد ذلك في أولى بطولاتها في السينما عام 1942 حيث وقّعت عقداً بسبعين جنيهاً للقيام ببطولة فيلم “من فات قديمه”، ولكن حدث ما لم يكن بالحسبان وسقط سقوطاً شنيعاً في حفلة العرض الأول له، لتتقهقر سامية مرة أخرى إلى الخلف للبحث عن أدوار الكومبارس حتى طلب الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب من المخرج محمد كريم أن يسند لسامية جمال دوراً صغيراً، فجعلها تمسك وسادة على هيئة جيتار ليغني عبد الوهاب “انسي الدنيا وريح بالك” في فيلم رصاصة في القلب الذي عرض عام 1944.
ثم بعد ذلك شاركت في فيلم “تاكسي وحنطور” عام 1945، مع عبد الوهاب أيضا والذي فتح لها طريق الشهرة والنجومية الحقيقية في هذا المجال، إذ قدمت 83 فيلماً أشهرها “أحمر شفايف” و”الأحدب” و”حبيب العمر” و”الرجل الثاني” و”طريق الشيطان” الذي عرض عام 1963.

ولكن اختفت بعدها عن الأنظار لمدة تسع سنوات، بعد زواجهل من الدنجوان رشدي أباظة وهي المدة التي اعتزلت فيها التمثيل لرعاية ابنته لتعود عام 1972 بفيلمي “الشيطان والخريف” و”ساعة الصفر” وكلاهما لم يحقق أي نجاح يُذكر مما جعل سامية تتخذ قرار اعتزال السينما نهائياً.

_الرجال الذين أثروا فى حياتها


1-فريد الأطرش


كانت علاقة سامية جمال وفريد الأطرش فريدة من نوعها، إذ تعد قصة حبهما من أشهر قصص الحب في الوسط الفني المصري على مدار تاريخه، والتي انتظر الجميع أن تتكلل بالزواج خاصة بعد نجاحهما الفني المشترك في عدد من الأفلام، وهذا ما كانت تأمله سامية، في الوقت الذي كان يرفضه الأطرش الذي رأى أن الزواج سيقضي على عاطفة الحب، وبالتالي سيضيع مصدر وحيه وإلهامه لألحانه.


"سامية جمال" خانها رشدي أباظة ورفض فريد الأطرش الزواج بها وتم خروج جثمانها من سلم الخدم


ولكن رغم فراقهما بعد تصميم الأطرش على قراره ورفضه الزواج من سامية إلا أنه ظل يمتدحها فى كل مناسبة يذكر فيها اسمها، فيذكر أنه كان في بينها حوار تلفزيوني ببرنامج “نجوم ولقاء” عام 1972 قال فيه “سامية عايشة في قلوبنا لأنها فنانة وتمتاز بشخصية خفيفة الظل وتؤدي رقصات تعبيرية دون إثارة غرائز المشاهدين كما تفعل راقصات أخريات”.


وعلى الصعيد الأخر وصفته سامية جمال في لقاء تلفزيوني أيضا بـ”حبيب العمر”، قائلة: “لم أكن أعاند فريد، هو كان عنيداً جداً ولكن بطريقة غير مؤذية وكان قلبه أبيض، وما زاد من حبنا لبعض في هذه الفترة هو حب الناس لعلاقتنا”.

وكشفت عن آخر لقاء لها بفريد، قائلة: “رأيته قبل وفاته بشهر ونصف وكنت سعيدة لرؤيته، قال لي “أريد أن أقول لك شيئاً… أنا متضايق لأن المصحف ضاع مني (كان معه مصحف صغير يضعه في جيبه دائماً) ولو ما لقيتهوش هيحصل لي حاجة مش كويسة”، وبعدها بشهر ونصف توفي.


2-شيبارد كينج


وهو الزوج الأول لسامية جمال بعد ما أعلن إسلامه وسمي نفسه عبدالله كينج، وتزوجته فى الفترة من 1951 لـ 1953 وهو أمريكى الجنسية ثم انفصلت عنه.

3-رشدى أباظة


تزوجت سامية جمال من دنجوان السينما المصرية الذى كان الزواج منه حلم لكثير من النجمات، ورغم تعدد زيجاته وعلاقاته، إلا أنها كانت تمتلك وضعا خاصا عنده فأحبها بشكل كبير جدًا وتزوجها عام 1958 وانفصلا عام 1977، وهى الوحيدة التى تربعت على عرش قلبه كل هذه الفترة.


"سامية جمال" خانها رشدي أباظة ورفض فريد الأطرش الزواج بها وتم خروج جثمانها من سلم الخدم



حتى سافر فى عام 1967 إلى لبنان لتصوير فيلم «إيدك عن مراتى» إخراج رضا ميسر، أمام صباح التى طلبها للزواج، وعندما سألته عن سامية جمال كذب عليها وأخبرها انه انفصل عنها، وتزوجا فى الليلة نفسها، وبعد 15 ساعة من الزواج سافرت صباح إلى المغرب لإحياء عيد ميلاد الملك الحسن الثانى، وهناك اتصلت بها شقيقتها وأبلغتها أن سامية جمال مازالت زوجة لرشدى وأن الصحافة مقلوبة عليها لأنها خطفته من زوجته؛ فواجهته ولم ينكر وتم الانفصال بعد 24 ساعة فقط من الزواج، وإن كان الطلاق رسمياً حدث بعدها بعدة أشهر، ثم قرر رشدى العودة إلى القاهرة لبيته وللاستعداد لفيلمه الجديد «حواء على الطريق».


"سامية جمال" خانها رشدي أباظة ورفض فريد الأطرش الزواج بها وتم خروج جثمانها من سلم الخدم



كان وقع خبر هذا الزواج كالصاعقة على سامية التى قرأته فى الصحف بالصدفة، وكانت صباح صديقة مقربة إليها، ورغم الصدمة كانت سامية متماسكة وفضلت الصمت إلى أن انتهى هذا الأمر، وكانت الصحف قد تعاطفت معها وهاجمت صباح بضراوة، وانتظرته سامية فى المطار وهو عائد من بيروت، فقط قالت: «مش راجع لبيته أهلا وسهلا بيه»، واستقبلته واحتضنته، وذهبا إلى البيت وكأن شيئا لم يكن، ورتبت عشاءً له مع أصدقائهما المشتركين، وأثناء العشاء داعبها وقال: «ياريت يا حبيبتى تشغلى لنا أسطوانة للصبوحة عشان تفتح نفسنا على الأكل»، فابتسمت سامية وقالت: «حالاً يا حبيبى أنا من يومين بس اشتريت لها أسطوانتين» وسط صمت جميع الضيوف ودهشتهم، لكن لم يستمر الحال هكذا للنهاية فبعد 17 عاماً من الزواج تطلقا بعد أن غفرت له نزواته الصغيرة وباءت كل محاولات رشدى أباظة فى إعادة سامية جمال إليه مرة أخرى بالفشل، واعترف أكثر من مرة أنها حب حياته وأن مكانتها فى قلبه لم يستطع أحد أن يحتلها، وحتى وفاته فى 27 يوليو 1980، وفى مشهد ميلودرامى شديد القسوة حضرت سامية جمال الجنازة متخفية، وبعدها بـ3 أيام زارت قبره وقرأت له القرآن، ثم جلست بجوار قبره تحدثه: «كان نفسى تموت فى حضنى يا رشدى، إنت اللى اخترت تموت بعيد عنى».


4- الملك فاروق


دارت كثير من الحكايات حول علاقة الراقصة الشهيرة بالملك فاروق، وذكرتها الكاتبة سهير حلمى فى كتابها “فاروق ظالمًا ومظلومًا” باعتبارها واحدة من قائمة النساء التى أطلق عليها “نساء فاروق”، كما ذكرها الراحل “مصطفى آمين” فى كتابه “ليالى فاروق” مشيرًا إلى العلاقة غير المفهومة بينها وبين الملك الذى جعلها الراقصة الرسمية للقصر، رغم زعمه الدائم بكرهه لها، مشيرا إلى غرض الملك الراحل فى التقرب إليها ليحقق انتصارًا على فريد الأطرش حيث كان يكرهه.

_وصيتها قبل رحيلها


وأخيرا وبعد أن أصبحت سامية وحيدة، إلا أنها كانت عزيزة النفس حتى إنها رفضت عرضاً من أحد أمراء الخليج أن يهديها جناحاً خاصاً فى أحد فنادق القاهرة الكبيرة، بينما وافقت تحت وطأة تبدلات الزمن وقسوة الخيارات على عرض الفنان سمير صبرى ومحاولاته لإقناعها بالعودة إلى الرقص وهى فى الستين من عمرها، كان ذلك فى منتصف الثمانينيات لما فاجأت الجميع بقطع عزلتها واعتزالها ووقعت عقداً مع فرقة سمير صبرى بالرقص مقابل ألفين من الجنيهات شهرياً كانت كافية لتسديد ديونها والضرائب ومساعدة أولاد شقيقتها دون أن تمد يدها لأحد.


للمزيد

أبو السعود الإبياري…ظاهرة


وبعدها قررت ألا ترقص ثانية حتى لا تضيع تاريخها الفنى كما أخبرت سمير صبرى، والتزمت فى أيامها الأخيرة بيتها واعتكفت بين جدرانه وكانت قد اشترت مدفناً فى أول طريق السويس كانت تزوره من وقت لآخر حتى ذهبت ذات مرة فوجدت اللوحة الرخام على القبر مكتوب عليها الفنانة سامية جمال فاعترضت بشدة وطلبت تغييرها وقالت: «الموت مافيهوش فنانة ولا غيره»، بل وأوصت بوصية غريبة، وهى حين تموت أن يتم خروج جثمانها فى هدوء من سلم الخدم، ورحلت سامية جمال فى أول ديسمبر 1994 بعدما تعرضت لهبوط حاد فى نسبة الهيموجلوبين فى الدم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock