عاممقالات

“الجريمة “تعريفها و أركانها .. سحر الحياة


"الجريمة "تعريفها و أركانها .. سحر الحياة

المحامي : بشار الحريري

عندما يولد الإنسان يولد على الفطرة السليمة ، الناصعة البياض التي لم تتعرض بعد إلى أي تأثيرات مكتسبة تسهم في تكوين شخصيته التي سينشأ عليها و قد تكون هذه التأثيرات إيجابية أو سلبية بأثارها التي ستنعكس فيما بعد على البيئة التي أسهمت بشكل مباشر في هذه التأثيرات المكونة لشخصيته التي لم تكن قبل ذلك تعرف الأذى أو الإجرام .

أولا – تعريف الجريمة :


1 – تعريف علماء النفس للجريمة :


يذهب التحليليون النفسيون إلى اعتبار السلوك الإجرامي سلوكا معاديا للمجتمع . و هو كغيره من أنواع السلوك الشاذ . 
و لذلك فإن الشخص المجرم لا يختلف عن الشخص المريض الذي يأتي بالسلوك الشاذ .

فالسلوك الإجرامي هو نوع من السلوكيات الشاذة المريضة التي تحتاج إلى العلاج و الوقاية كما هي الأمراض العقلية .

فكل فعل إجرامي ما هو إلا تعبيرا عن صراعات نفسية تؤدي بصاحبها إلى الوقوع في الجريمة .
و بالتالي يمكن تعريف الجريمة من الناحية النفسية على أنها إشباع لغريزة إنسانية بطرق شاذة غير سوية لا يتبعه الرجل العادي في إرضاء الغريزة ذاتها و ذلك بأحوال نفسية شاذة غير سوية انتابت مرتكبي الجريمة في لحظة ارتكابها بالذات .

المرجع : د. سلوى عثمان صديقي و د. جلال الدين عبد الخالق ( انحراف الصغار و جرائم الكبار ).

2 – تعريف الجريمة في الفقه الإسلامي : 

إن الجريمة مشتقة من الجرم وهو الاعتداء على مصلحة أو حق يحميه الشرع أو النظام (القانون)، وقد ورد لها ذكر في القرآن الكريم في عدد من الآيات نورد منها قوله جل من قائل:

(قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين)

وقوله تعالى (فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون)

وقوله عز من قائل (إن المجرمين في ضلال وسعر)

وقوله سبحانه وتعالى (إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون) .

والقرآن الكريم أورد السلوك الإنساني المنحرف عن الطريق القويم وهو الإجرام في قواعد مبينة الجرم والعقاب بالنسبة للحدود والقصاص والديات وما عدا ذلك من الجرائم التعزيرية، فإن ولي الأمر يقوم بسن الأنظمة المحددة للجرائم وعقوباتها وفق مقتضيات الصالح العام التي تحمي الإنسان في المجتمع. وبعد هذا التمهيد الموجز نورد تعريف الجريمة بأنها (سلوك إنساني منحرف يمثل اعتداء على حق أو مصلحة من الحقوق أو المصالح التي يحميها الشرع أو القانون الصادر بناء عليه) .

وبتعريف أكثر دقة فإن الجريمة (كل سلوك إنساني غير مشروع إيجابياً كان أم سلبياً عمدياً كان أم غير عمدي يرتب له القانون جزاء جنائياً) .

وعلى أساس هذا التعريف وما قبله نجد أن الجريمة تعد سلوكاً إنسانيا معوجا عن الطريق المستقيم باعتباره فعلاً غير مشروع لأنه يمثل اعتداء على حق من الحقوق أو مصلحة من المصالح التي يحميها الشرع الحنيف أو النظام (القانون) الذي سنه ولي الأمر ، ويستوي أن يكون الفعل إيجابياً أو سلبياً أو عمدياً أو غير عمدي.

وتعريف الجريمة كما يروى عن الماوردي (أنها محظورات شرعية زجر الله عنها بحد أو تعزير, والحد والتعزير هو العقوبة المقررة شرعاً …)

وعلى هذا الأساس فإن التعريف للجريمة بعموميتها في الفقه الشرعي الإسلامي يتفق مع التعريف في فقه القانون الوضعي, وليس ثمة اختلاف يذكر إلا في كلمة أو عبارة من العبارات المترادفة نظرا لغزارة اللغة العربية.

المرجع : اقتباس من مقال د. إبراهيم بن عيسى العيسى 2009 : الجريمة تعريفها، أنواعها.

3 – تعريف الجريمة في الفقه : 

أنكر الزعيم الثالث للمدرسة الوضعية ( غاروفالو ) على فقهاء القانون حقهم في تعريف الجريمة .
وذلك لأن نقطة الانطلاق يجب أن تكون من المفهوم الاجتماعي للجريمة ، على اعتبار أن الجريمة هي واقعة اجتماعية قبل أن تكون واقعة قانونية . 
وقد عرف الفقيه جان جاك روسو الجريمة بأنها : (( الفعل الذي يفصم عرى العقد الاجتماعي )) .
وعرفها الأستاذ الفرنسي إميل دوركهايم بأنها: 
(( قطع علاقة التضامن الاجتماعي ومن الواجب أن تقابل بعقوبة )).
وقد عرف الفقهاء المسلمون الجريمة بأنها : (( محظورات شرعية زجر الله عنها بحد أو تعزير )) .
وقد قيدت المحظورات بأنها { شرعية } لكي يلتزم القاضي بشأنها بقواعد الشرع وهو تعبير يماثل تعبير 
{ مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات } الذي يُطبق في القانون الوضعي .
وقد عرف الدكتور رؤوف عبيد الجريمة بأنها : (( كل أمر يحظره الشارع عن طريق العقاب الجنائي إذا لم يقم استعمالاً لحق أو أداءً لواجب )) . 
وعرف الدكتور فايز الخوري الجريمة بأنها : (( كل ما سبق ونهى عنه القانون من الأفعال أو أمر به من الامتناعات تحت طائلة عقوبة معينة مما ليس له مسوغا قانونيا ولا يُستطاع تبريره )) . 
وكذلك عرفها الدكتور محمود محمود مصطفى تعريفاً مختصراً :
(( الجريمة هي كل عمل أو امتناع يرتب القانون على ارتكابه عقوبة )) .

ثانيا – أركان الجريمة :


1- الركن المادي : 

يتكون الركن المادي للجريمة ، كقاعدة عامة ، من عناصر ثلاثة : 
– السلوك الإجرامي 
– النتيجة الجرمية 
– العلاقة السببية بينهما

أركان الجريمة هي الركن المادي والركن المعنوي والركن القانوني

1 – الركن المادي في الجريمة:


يتكون الركن المادي في الجريمة التامة من ثلاثة عناصر هي : السلوك الإجرامي، النتيجة الإجرامية، علاقة السببية بين السلوك والنتيجة.

أـ السلوك الإجرامي :

ويتنوع إلى سلوك إيجابي وسلوك سلبي.

– السلوك الإيجابي: و هو كل حركة عضوية إرادية تصدر عن الجاني ويتوصل بها إلى ارتكاب الجريمة.

– السلوك السلبي: و هو امتناع عن القيام بعمل يفرضه القانون.

ب ـ النتيجة الإجرامية :

يقصد بها الأثر الذي يحدث في العالم الخارجي كأثر للسلوك الإجرامي.
وهذا التغير لا يقصد به التغير الواقعي وإنما التغير القانوني، أي الذي يتطلبه المشرع في النموذج القانوني للجريمة.

وفي حال تخلف النتيجة فإننا نكون بصدد شروع في الجريمة إذا كانت عمدية، أما إذا كانت غير عمدية كأن تكون ناتجة عن إهمال أو عدم احتياط فلا شروع في الجريمة.



ج ـ علاقة السببية:


يقصد برابطة السببية ضرورة توافر رابطة بين سلوك الجاني والنتيجة الإجرامية بحيث يمكن القول أن النتيجة حدثت بسبب سلوك الجاني لا غيره.

2 – الركن المعنوي فى الجريمة هو القصد الجنائي سواء عام أو خاص حسب ظروف و نوع الجريمة .

3 – الركن القانوني :

 و يمكن اختصاره ب : لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص قانوني .

المراجع :



– د. سلوى عثمان صديقي و د. جلال الدين عبد الخالق ( انحراف الصغار و جرائم الكبار ).
– المرجع : اقتباس من مقال د. إبراهيم بن عيسى العيسى 2009 : الجريمة تعريفها، أنواعها.
– د. عبود السراج : علم الإجرام و العقاب .
– منشورات على الانترنت . 
– منشور يتعلق بالموضوع على الفيس بوك ( صفحة محامون معا ) .





مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock