رياضة عربية وعالمية

هل تغلبت الكره على كورونا

بقلم / محموددرويش

أرقام الإصابات والوفيات وحالات الشفاء المسجلة في العالم هذه الأيام والعودة الموفقة للنشاط الكروي في أوروبا خاصة، ثم عودة الحياة الاجتماعية والنشاطات الاقتصادية والتجارية والسياحية في عديد بلدان العالم مع تزايد نسق رفع الحجر والحظر، كلها معطيات توحي بأن وباء كورونا في طريقه للانحسار ثم الزوال مع الوقت بفضل التحديات التي رفعتها عديد الدول والتزام مؤسساتها وشعوبها بالإجراءات الوقائية، خاصة عند بداية تفشي الفيروس إلى غاية تحديه من طرف الحكومات والمؤسسات التي واجهت 12 مليون حالة اصابة مؤكدة عبر العالم، أدت إلى وفاة 542 ألف شخص لحد الأن، ليبدأ تراجع الأرقام وتزايد إقبال الناس على ممارسة حياتهم الطبيعية بعدما قادت الكرة الأوروبية قاطرة المقاومة وإعادة الأمل للنفوس.

بعد الولايات المتحدة الأمريكية التي بلغ فيها عدد الإصابات ثلاثة ملايين، و132 ألف حالة وفاة، شهدت أوروبا أكبر نسبة بمليون وثلاثمئة ألف اصابة و121 ألف حالة وفاة، لكن ذلك لم يمنع من رفع التحدي بكل الطرق والوسائل، فكانت كرة القدم الأوروبية بمثابة النشاط الرياضي الأساسي الأول في خط المواجهة من بوابة ألمانيا التي بلغ فيها عدد المصابين الى اليوم 200 ألف، وتسعة آلاف حالة وفاة، لكن ذلك لم يمنع من استئناف مباريات الدوري مبكرا في منتصف مايو/أيار الماضي، بدون مشاكل ولا مضاعفات، ما شجع باقي الدوريات الكبرى على العودة حتى من دون حضور جماهيري في المدرجات لكن بطموحات وأمال كبيرة في تجاوز المحنة وإعادة الأمل في نفوس الناس.

صحيح أن الهيئات الرياضية الدولية قررت تأجيل كل المسابقات الرياضية المقررة هذا الصيف كإجراء وقائي ضروري، واستأنفت أغلب الدوريات بدون حضور جماهيري، لكن ذلك لم يمنع عودة الروح، بل شجع على عودة باقي النشاطات الاجتماعية والاقتصادية وحتى الثقافية، في انتظار عودة حركة الطيران وتنقل الأشخاص من بلد لآخر، ما يسمح أيضا بحضور جماهير الكرة مباريات دوري أبطال أوروبا في بداية أغسطس/آب ولو بأعداد محدودة في العاصمة البرتغالية لشبونة التي ستحتضن مباريات المسابقة بدءا من الدور ربع النهائي في بلد لم يتعد فيه عدد الإصابات 40 ألفا وعدد الوفيات 1600 حالة، سيوفر كل شروط الوقاية للفرق المتأهلة ومرافقيها.

كل المؤشرات توحي بإعلان وشيك عن تواريخ انطلاق دوريات كرة القدم للموسم الجديد والمسابقات القارية والدولية، مثلما حدث مع الدوري الفرنسي الذي سينطلق في الثاني والعشرين من أغسطس، والدوريين الإنجليزي والإسباني في الثاني عشر من سبتمبر/أيلول، ما شجع الكونفدرالية الافريقية على اعلان شهر سبتمبر أيضا موعدا لإجراء نصف نهائي ونهائي دوري أبطال أفريقيا وتحديد موعد الصيف المقبل لإجراء كأس أمم أفريقيا للاعبين المحليين في الكاميرون، على أن يتم الإعلان عن عودة باقي المنافسات الرياضية الفردية والجماعية، المحلية والدولية في نفس الفترة التي يتوقع أن تتراجع فيها أرقام الإصابات والوفيات، ويصبح التعايش مع الإجراءات الوقائية أمرا طبيعيا الى حين.

كرة القدم الأوروبية التي صمدت أمام كل الحروب عبر التاريخ، صمدت مرة أخرى في تقدير الملاحظين أمام الامتحان الجديد، بل كانت القاطرة في خط المواجهة لوباء فتاك في انتظار رفع تحد عودة التجمعات وحضور جماهير الأندية في المدرجات، بعدما تمكنت من إنقاذ فرق ودوريات من الافلاس، وحافظت على الأرباح بدون تفريط في الأرواح التي عرفت كيف تجنبها الهلاك من خلال الالتزام بالبروتوكول الصحي الذي فرضته الهيئات الكروية القارية والدولية وطبقته الأندية بحذافيره فتجنبت إصابات جديدة بين اللاعبين، رغم مئات المباريات التي تم تنظيمها من 15 مايو الماضي الى اليوم.

الخطر لم يزل كلياً الى الأن وما يزال الوباء يحصد الأرواح، ويمنع الناس من ممارسة طقوسهم بأريحية، لكن الأمل في غد أفضل عاد مع تخفيف إجراءات الحظر والحجر، في انتظار عودة الديكور الأجمل في مدرجات الملاعب بحضور جماهير الكرة التي تبقى بكل مساوئها وسلبياتها مصدر أمل قبل أن تكون مجرد وسيلة ترفيه، وتبقى سلاح تحد في زمن كورونا الذي توقفت فيه الحياة وتعطلت مصالح الشعوب والأمم، وكاد الناس يفقدون أعصابهم وصبرهم بعدما فقدوا أكثر من 500 ألف من أحبتهم الذين ذهبوا ضحايا وباء لعين.
تداعيات الوباء أكدت مرة أخرى أن الكرة ليست مجرد لعبة تتقاذفها الأرجل ويتفرج عليها الملايين، ولا حتى مجرد صناعة تدر المال على أصحابها، بل هي حياة وروح وأمل وسلاح مقاومة وصمود في خدمة البشرية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock