شعر وحكاياتعام
عود يا زماني
عود يا زماني
بقلم : إخلاص عبد المحسن
شيئا ما يجذبني نحو الماضي
نحو النقاء و البراءه و البال الخالي من الأوجاع و الهموم و المسؤليات
نحو الأخلاق الحميده و الوفاء و التقوى و الإخلاص و الضمير و التفاني و التضحيه
نحو ليال و أيام و سنين الزمن الجميل
زمن الخطابات و الرسائل الورقيه المتباعدة المسافات التي تحمل بين طياتها العديد من الأخبار و الحكايات
زمن الحواديت و الفوازير و الإستغمايه و أمنا الغوله
في فترة من الزمان كان يأتيني في كل شهر أو ربما كل خمسة عشر يوما خطابا يحوي الكثيييير من المشاعر و الدفء و الحنين المختبئ بالدموع التي تغرق الورقة قبل أن أنتهي من قرائتها
و كانت بالنسبه لي فرحه لا تقدر عندما أفتح صندوق البريد و أجد تلك الرساله
أما الآن فآلاف الرسائل في الدقيقه الواحده دون لون أو معنى بل دون روح أو مغزى
أصبحنا نفتقد طعم الأشياء و لذتها عما سبق
فالفيلم العربي في التلفزيون الأبيض و اسود الذي كان يعرض في يوم الخميس من كل أسبوع كان له طابع خاص و شعور مميز و كان ينتظره الجميع و تلتف الأسره كلها حول شاشة صغيره واحده في جو يملأه الدفء و السعاده
و لا ننسى حديث الشيخ الشعراوي في يوم الجمعه
و عالم الحيوان و حديث الروح و اخترنا لك و العالم يغني و المسلسلات الأجنبيه على القناة الثانيه و برامج الأطفال و العديد العديد من البرامج و المنوعات التي أثرت عقولنا و نسجت ذكرياتنا الجميله
نرى الآن البيت الواحد و قد امتلأ بالعديد من الشاشات الملونه و الحديثه سواء أجهزة التلفزيون أو الكمبيوتر أو الهواتف المحموله و الأجهزه اللوحيه
أصبحنا نشاهد المسلسل كل على حده حسب أوقات فراغه
و سيطرت الأحداث السياسيه على الساحه فأصبحنا نتنفس الأخبار و صرنا محللون سياسيون
فقدنا لذة اللمه و التجمعات العائليه والمشاركه في أبسط الأشياء كاللب و السوداني و تبادل النكت و الألعاب البسيطه كالسلم و الثعبان و الكوتشينه و غيرها من ألعاب زمان
فقدنا لمة الإفطار مع أذان الشيخ محمد رفعت رحمة الله عليه
و السحور على تواشيح الشيخ نصر الدين طوبار رحمه الله
تفرقت الأسره الواحده في العديد من البلدان المختلفه سواء بسبب الحروب التي أصبحت سمة العصر أم بسبب الغربه التي صارت أسلوب حياه
منا من فقد من الأحبة الكثير الذين رحلوا فأخذوا أرواحنا معهم فأصبحنا نتظاهر بالحياه و من دواخلنا محطمون
تغير طعم الحياه
و صار الأخ يقتل أخيه بدم بارد و أصبحنا نرى من يقتل زوجته و أمه و أبناءه و أصبح لون الدم لونا مألوفا لأعيننا من تكرار مشاهدته يوميا
أصبنا بتبلد في المشاعر فأصبحنا لا نتأثر كسابق عهدنا
كان الواحد منا يفزع من أن يرى دجاجة تذبح أمامه
أما الآن فحدث و لا حرج
حفلات ذبح بشريه جماعيه و جرائم هنا و هناك
سرقه و خطف و إرهاب ممنهج
هل تغيرنا أم تغير الزمان أم أننا بكابوس و سنفيق منه قريبا
أصبحت الأخلاق عملة نادره و أصبح الوفاء نادر الوجود
و تبخرت الرحمة من القلوب إلا من رحم ربي
هل نسوا الله
بالتأكيد نسوا الله فأنساهم أنفسهم
ترى هل يعود زماننا يوما
أم أنه ذهب إلى غير رجعه
آه تتلوها آهات موجعه من أعماق القلوب إلى أبعد مدى
أين الأمان أين السلام أين الأوطان الهادئه أين الحياه …