أدم وحواءعام

أم العانس ….


أم العانس ….
كتب-ميادة عابدين

عانس مع (مرتبة الشرف) .. دة اللقب الأوتوماتيكى إللي البنت فى مجتمعاتنا العربية بتفوز به لما تتأخر شوية عن السن المحدد للجواز … هتقولى السن دة مين إللي حدده أو اتفق عليه ؟!! هقولك والنبى يا اخويا ماعرف !!!
و ياحبيبتى بتفضل الصفة دى ملازمها لحد ما ربنا يكرمها بحاجة من الاتنين: ياتجوز .. ياتجنن !!! أيوة تتجنن من كتر المواقف إللي بتحصلها و إللي بالـتأكيد بتأثر عليها نفسياً … بس دى كمان لازم تفضل كاتمة كل حاجة جواها ومتعترضش .. يعنى هتبقى (عانس) وليها عين تعترض على المجتمع الموقر إللي قيدها بسلاسل سن الجواز ….
الغريب والعجيب فى نفس الوقت إن مش المجتمع بس اللى بيقهر البنت وينسب ليها صفات من المؤكد انها بتقتلها نفسياً .. دة كان يبقى “هين” عليها شوية بس كمان أقرب الناس ليها قرروا إنهم يتفقوا مع المجتمع علشان يزودوا الجرعه السخيفه على البنت إللي لا حول لها و لا قوة و يحملّوها ذنب هيه ملهاش (يد) فيه، مش بالكلام اللى بيسم البدن بس .. لأ ده بالأفعال إللي تقهر كمان …..
الحاجه (أم عبير) قررت إنها تثبّت التهمة عليها و على بنتها “عبير” إللي قربت تدخل على 28 سنة ولسة ما اتجوزتش… وده مش لعيب فى البنت لا سمح الله، بس لسة نصيبها مجاش، عادى جداً يا حاجه بتحصل لبنات كتير…. ومن ساعتها و أم عبير قفلت كل التعاملات مع جميع الأشخاص سواء على المستوى القريب أو البعيد، قفلت الشبابيك والأبواب و قررت اعتزال الناس خالص، حتى الضحكة فى وش بنتها قررت تمنعها لحد ما الهم دة ينزاح من على قلبها وتجوز البنت.
أم عبير بقت بتستخبى من الناس مش عاوزة حد يشوفها فى الشارع أوحتى فى العمارة … بقت تنزل الشارع (مكشرة) طول الوقت علشان محدش يجى يسلم عليها والكلام طبعاً يجيب بعضه وتتسئل السؤال المعتاد: “اسم النبي حارسها مجلهاش عدلها لحد دلوقتى” .. وطبعاً مش هتعرف ترد تقول إيه ؟!!! .. فقررت إنها تتفادى (دعوات) عم محمد (الخضرى) إللي كل مايشوفها يقولها: “ربنا يكرم عروستنا ونفرح بيها قريب قادر ياكريم” … وسؤال عم محمد (صاحب السوبر ماركت) إللي بقى ناقص يسجله على شريط كاسيت من كتر مبيسألها: “مش هنفرح بقى بعروستنا؟!! ” ….
أم عبير بقت تمشي فى الشارع زى إللي ميّت لها ميت … مش عاوزة تكلم حد و لا تشوف قريب و لا غريب .. و كل دة علشان بنتها لسه متجوزتش و قربت خلاص على 28 سنة و الناس بقوا يلسّنوا عليها.
الحاجه أم عبير بقت بترفض تحضر أى مناسبات علشان متتسئلش أى أسئله ليها علاقة بجواز عبير إللي بقى بالنسبالها زى (العار) إللي بتستخبى منه .. كانت خناقة لرب السما مع (هناء) أختها يوم ما اتصلت بيها تعزمها على فرح بنت أخو جوزها … بصوت عالى جداً وصل لحد الصراخ، قالت أم عبير لهناء: “فرح إيه اللى بتعزمينى عليه ..اه ما انتى مش شايلة هم حاجة .. معندكيش بنات ولادك كلهم رجالة يعني في أي سن هايتجوزوا … خلاص مبقيتيش بتحسي بأختك و بالهم إللي على دماغها .. مبتشوفيش الناس بتبصلى إزاى فى الرايحة والجاية.. ده لسه أخوكى ومراته قافلين معايا دلوقتى بيسألونى لسة بنتك زى ما هي محدش اتكلم عليها .. مبقتش عارفة أرد أقولهم إيه .. ده بدل ماتشوفي لبنت أختك إللي عنست عريس وتقفى جنبى فى المصيبة اللى أنا فيها، جاية تعزمينى على فرح علشان اتقهر و أنا شايفة البنات بتتجوز حواليّا وبنتى قاعدة جنبى زى البيت الوقف .. اقفلى يا هناء و مش عاوزة اسمع صوتك هنا تانى …”
كانت الكارثه الكبيرة لما رن جرس الباب ودخلت (أم ندى) مرات (عم عبده) البواب تعزم (أم عبير) على خطوبة (ندى) بنتها .. في حالة من الانهيار التام توجه (أم عبير) مجموعه من العبارات القاسية لبنتها إللي ملهاش ذنب فى وضعها ولا ليها علاقة بمصطلحات عقيمة أطلقها مجتمع غير منصف على أى بنت تتأخر فى الجواز: “حرام عليكى ياشيخة ..مبقتش عارفة أودى وشي من الناس فين .. إنتى مبتحسيش، كل البنات بتتجوز وإنتى قعدالي كدة زى البيت الوقف .. حرام عليكي هتموتينى ناقصة عمر !! ” …

بالهداوة كدة ياست أم عبير .. إيه إللي بتعمليه دة .. بالراحة على بنتك شوية دى إنسانه وليها مشاعر .. على فكرة إنتى مش حاسة أبداً بمشاعرها إللي بتنهار كل ما بتسمع كلامك دة .. كفاية كلام الناس هتبقي إنتى و الناس والزمن عليها !!!
إيه الكارثة فى إنها إتأخرت شوية عن سن الجواز … سن جواز إيه؟!! مين إللي حدد سن الجواز دة؟ .. طيب و هما بيحددوه ماقالوش لازم يبقى الساعه كام كمان؟!!
بتدي ليه فرصة لكل الناس إنها تتدخل فى حياتك وحياة بنتك ؟!! شيلتى الحدود ليه بينك وبين الناس واديتلهم حق الكلام فى أمورك الخاصة؟!!!
إنتى ليه بتستخبي من الناس؟! ليه رفضتى عزومة أختك؟! ليه اتضايقتى لما بنت عم عبده البواب اتخطبت قبل بنتك؟!!
بنتك مش مذنبة .. وإنتى كمان بصراحة مزوداها حبتين!! الناس مش هتنفعك لما تدمرى بنتك نفسياً .. و لا هتستفادى حاجة لما تسِمى بدنها كل شوية علشان إنتى مكسوفة من الناس ….
ياست أم عبير لو فكرتي شوية هتلاقي الموضوع كله مش فى إيدك و لا فى إيد بنتك و لا فى إيد أى حد من إللي إنتى خايفة منه .. دة نصيب و ربنا لسة مآذنش بنصيب بنتك ….
ليه تخلّي الناس تقيّدك وتقيّد بنتك؟!!
بنتك مش عانس .. و لا إنتى أم العانس .. متسمحيش لشخص يقلل ثقتها بنفسها ومتسمحيش لحد يخليكي ماشية تقولى: “ياحيطة دارينى” !!!
أكيد كل أم عاوزة تفرح ببنتها .. بس لو النصيب لسة مجاش .. نعمل إيه نعدمهم ؟!!
لكل الستات إللي زى نموذج (أم عبير) كفاية دراما مالهاش لزوم …
ارحمونا و ارحموا نفسكم …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock