عاممقالات

طقوس الاحتفال بالربيع في جنوب الجزائر

بقلم فتيحة بن كتيلة 
باحثة فى علم النفس 
يحافظ المجتمع على كيانه ووجوده بالتمسك
بعادته وتقاليده وقيمه ومبادئه التي تميزه عن غيره من المجتمعات ،وتعتبر التقاليد
والعادات جزء من الهوية الثقافية والتراث الوطني ، 

وتعتبر الجزائر من البلدان التي تحافظ على عاداتها وتقاليدها  تتمسك بها ولم تندثر هذه العادات رغم الانفتاح
العالمي ،إلا أن أحياء المناسبات الموروثة عن الأجداد يعتبر جزء هام في حياة الفرد
الجزائري .
     
وتختلف العادات والتقاليد الجزائرية باختلاف الموقع الجغرافي ، فلكل منطقة
وجهة من ربوع الوطن عادات وتقاليد خاص مما جعل الجزائر بلد غني بالموروثات والتمسك
بالأصالة , وهنا نذكر بصفة خاصة أهل الجنوب الجزائري ( الصحراء) الذين يتميزون
بالتمسك الشديد بالعادات والتقاليد التي تعتبر مرآة عاكسة لمقوماتهم الشخصية ،
والفكرية كما يفخر الفرد الصحرواي بعاداته وتقاليد ويراها عزا وفخرا له , ومن
العادات والتقاليد التي يزخر بها المجتمع الجنوبي ( الصحراوي ) استقبال موسم
الربيع 

ومن
المظاهر المميزة لفصل الربيع في الجنوب المعروف بتربية الأغنام يقوم أهل المنطقة
بتحديد يوم أو أسبوع يسمى أسبوع الجز
 وجز
الأغنام هو عملية نزع وتغيير صوف وشعر الأغنام والمحافظة على نظافتها ، ومعروف
الجنوب بارتفاع درجة الحرارة فيسعى مربي الأغنام بتخفيف الصوف من ظهر الغنم
  حتى لا تشعر بالحر الشديد ، كما أن الصوف
يستعمل
  استعمالات مختلفة ويعتبر كنوع من
المداخيل الاقتصادية للفرد والمجمتع .


وجز
الاغنام هو بمثابة حلاقة الأغنام والتي تتم في جو بهيج ، حيث تبدأ عملية الجز من
أولى خيوط الفجر الأولى حيث ترى فيها البساطة والتواضع والتعاون والكرم وكل
الأخلاق الاجتماعية الايجابية متجسدة في أسمى معانيها ، إذ حياة البدو حياة بسيطة
سعيدة عادية لا ضجيج ولا صخب ولا أي شئ يعكر حياتهم ، وعملية الجز عملية صعبة
وشاقة لكنها مشوقة وتطعي جو رائع من الحماسة والتعاون والتنافس وتبادل الخبرات
وربط الماضي بالحاضر حيث يتعلم الشباب من كبار السن الجز في جو حماسي مرح ، حيث
تسمع الأناشيد والمدائح الدينية أو ما يعرف بالقصائد والشعر الملحون ،  وبعد التعب والعناء لابد من جانب الراحة والأكل
.

فبينما الرجال يجزون الأغنام نجد النسوة كذلك
يحضرن الطعام كالكسكس والدوارة والحليب ممخوض ، والتمر واللحم المشوي على الجمر
والملفوف ، لأنه يتم ذبح نعجة أو كبش أو كباش حسب 
عدد الجازين كنوع من الإكرام لهم .

وبعد
جز الصوف يوضع جانبا فتحمله النسوة وتغسله وتمشطه ليصنع من ما يعرف القشابية او
البرنوس وهو لباس تقليدي معروف عند أهل الجنوب ، بالإضافة الى أنواع من
الأفرشة
  والأغطية كالزربية  والبخنوق ، أو اللحاف ,

كذلك يحتفل بالربيع بأكلة شعبية مميزة ومعرف
بالجنوب ولا بد أن تكون في فصل الربيع من الأطباق الأساسية ألا وهي الرفيس

والرفيس هو من الأكلات الشعبية التي تقدم إما
صباحا او مساء او بعد العصر مع الشاي . حيث يتم تحضير الرفيس

كما يلي :
تقوم
ربة البيت أو الجدة كبيرة العائلة بتحضيره وذلك بتحضير الخبز بوضع كمية مناسبة من
الدقيق في قصعة مصنوعة من الخشب تسمى عندنا (بقصعة العود)  تقم المراة بعجنه ودعكه ثم خبزه على طاوة خاصة
.

ومن
جهة أخرى تقوم بإحضار تمر الغرس  وتنزع منه
النوى وتفوره في كسكاس حتى يصير طريا  يسهل
تشكيله ، ثم يوضع التمر في قصعة عودة وتقوم بتفتيت الخبز الى قطع صغيرة وتهشمه مع
تعاون أفراد الأسرة في جو بهيج وفرح وتغني بعض النساء بعض الأغاني

(يقولوا الربيع ربعنا وعلى نبينا  صلينا ) ,ويخلط التمر مع الخبز المهشم ويضاف
إليه السمن البلدي المعروف بالدهان والذي هو يصنع من زبدة الأغنام أو الماعز, وبعد
الخلط الجيد والدعك يمتزج الخليط جيدا ويتجانس .

وبعد
التحضير يوضع في صحون أو أواني تقليدية
 
ويقدم مع الشاي أو الحليب الرائب ، كما يتهادى الجيران فيما بينهم الرفيس
ويعطى إلى كبار القرية جزء منه تكريما واحتراما لهم .وترد الجارة الأخرى بنفس
الطريقة وتدعو لجارتها بهذا القول
  ( يذوقك
من فال الجنة بالصحة والعافية العاقبة للربيع الجاي ) . وتعم تلك الأيام فرح وسورو
وبهجة .


مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock