عاممقالات

هلين كلير أعجوبة التحدي …وملهمة النجاح

بقلم فتيحة بن كتيلة 
باحثة في علم النفس 

هلين كلير تلك المعجزة …الفتاة التي صارت معجزة وشخصية بارزة في مجتمعها …هلين لم تعرف اليأس والعجز لم تندب حظها يوما …هلين ليست ذكية أو موهوبة هيلين فتاة معاقة ..من ذوي الاحتياجات الخاصة لكن …..؟


ولدت هيلين كيلر فى ريف ايفين جرين بولاية الاباما الأمريكية 1880م , وعندما بلغت 19 شهراً أصيبت بمرض التهاب السحايا والحمى القرمزية مما أفقدها حواسها السمع والبصر، وتقول واصفة حالتها :
) كان كثير من الناس يؤكدون أنني كائن حي أبله ، وكنت كائناً لم ينتقل من عالم النور إلى عالم الظلام، بل وإنما إلى عالم السكون والحزن .)

عجزت أسرة هلين عن إنقاذها من هذه الإعاقة التي كادت تودي بحياتها رغم كون أسرتها من العائلات الثرية الأمريكية ( لا ينفع حذر مع قدر).فلم يتمكن كبار الأطباء من مساعدتها على الكلام والسمع لتعيش هيلين معاقة .

وعاشت الطفلة حياة البهيمية مدللة تأكل وتشرب وتنام وعاشت بدلال مفرط أفسد نمط شخصيتها ،عاشت مدللة تحصل على ما تريد ولا أحد يقل لها لا وإذا رفض لها طلب دخلت في نوبة غضب جنونية ، تضرب ، تكسر ، ترفس، تبكي ، تصرخ ، تمزق ، وكان التعامل معها يتم بصعوبة رغم محاولات والداتها التي علمتها حوالي خمسين إشارة ، وفي السابعة من عمرها جلبت لها الأسرة معلمة لتعليمها حيث كان الأمر شبه مستحيل على المعلمة (آن سوليفان) الفتاة الشابة، لكنها لم تستسلم وكان أول مشكل واجه سليفان هو تهذيب سلوك هلين وتحكم سيطرتها، تلك الفتاة الصعبة الميراس، وهنا خاضت المعلمة آن صراع كبيرا مع والدا هيلين اللذان لم يكن بوسعهما تحمل خضوع طفلتهما المسكينة للانضباط السلوكي وقيوده النفسية ، وفي نفس الوقت كانا متعطشين لرؤية ابنتها تتعلم وتكتب وتكسب قدرا من الثقافة والتحضر ، مما جعلهما يتفهمان حقيقة استحالة أن تعلم المعلمة (آن ) هلين قبل السيطرة على سلوكها ،

ودخلت المعلمة مع التلميذة المتوحشة المدللة في معارك دامية .

رفضت الانهزام، وبدأت البداية الصحيحة: لقد أحبت هيلين. أحبتها بصدق وبعمق على الرغم من كل صفاتها. لقد كانت تنظر إليها بعينين ملؤهما الأمل والعزم والحنان!
كانت (آن) تردد في أعماقها: «هيلين يا حبيبتي يجب أن تعيشي حياة أفضل! يجب أن تخرجي من قوقعتك! أعلم أنك تملكين القدرة والذكاء وأنني أملك الرغبة والعزم((

حرصت المعلمة على تغيير السلوكيات السلبية لهلين ، وعودتها على سلسلة من السلوكيات التي لم ترضخ لها هيلين بسهولة. لقد كان ترويضها صعباً جداً لما تتميز به من عناد وافتعال للغضب؛ فقد بلغ عنادها أن صفعت معلمتها فبادلتها الصفعة مؤكدة لها أنها ندٌ لها وليست أقل في شيء ولذلك ستحاسب على كل فعل ويجب أن تتحمل مسؤولية تصرفاتها كاملة،


ورويداً رويدا وبالصبر والاصرار اعتادت هيلين على الجلوس بأدب عند تناول الطعام، وأن تأكل بالملعقة، ولا مناص لها من ملء إبريق الماء إن سكبته على الأرض.
بعد ذلك بدأت المعلمة الانتقال إلى المرحلة الثانية وهي تعليم هيلين لغة الأنامل، وهي لغة تعتمد على كتابة الأحرف على الكف بلمسات معينة ومختلفة. وبعد محاولات مضنية، أدركت المعلمة أن هيلين لا تملك أبدا أي معنى حسي في رأسها لهذه الكلمة أو تلك. ولحل هذه المعضلة راحت المعلمة تجول بصغيرتها في الحقول والبراري وفناء المنزل وعلى الطرقات. وتجعلها تلمس بأصابعها كل شيء وتتعرف على ملامحه ثم تكتب لها على كفها اسمه لكي تتعلم هيلين ذلك!

تعلمت هيلين الربط بين الكلمة ومعناها الحسي الملموس ، أول كلمة تعلمتها كانت ماء أثناء لعبها بالماء جاءت الرعاية الربانية الرائعة لتفتح أبواب السعادة والأمل لحياة هيلين ،وكأن رسالة الماء دفعت عقلها لترسل رسالة خاصة ،وتزيل الستار من عقلها ،فكتبت بلا وعي على يد معلمتها التي لم تصدق ذلك ،عندها بكت المعلمة آن من الفرحة لأنها نجحت أخيرا ،

واستمرت المسيرة برفقة المعلمة ، فعلمتها لغة برايل وأنهت الدراسة الأساسية ثم تنتقل هيلين إلى الجامعة ، وتخرجت من الجامعة بعمر الرابعة والعشرين سنة ،

أصبحت هيلين كاتبة شهيرة وذاع صيتها في القارات الستة حين نالت جائزة نوبل في الآداب وقد كتبت على يد معلمتها العديد من الروايات العالمية والتي ترجمت إلى العديد من اللغات لقد أحيت هيلين الأمل في قلوب من حولها ليس المعاقين فقط بل المعاقين نفسيا وفكريا ،


لقد أنشأت المدارس المتخصصة، والمنتديات الرائدة، وصالت وجالت تحدث الناس بلغتها المتواضعة التي تعلمتها من وضع أصابعها على شفتي وحلق معلمتها ثم تقليد الاهتزاز. تحدثت بتلك اللغة المقبولة عن معاني التفاؤل والحياة الكريمة والجمال وكسر قيود الروح!!

من أشهر ماقالته هيلين

((لقد وهبني الله الكثير حتى أنني ليس لدي وقت للحزن على ما حرمني إياه))

من روائعها :
الحياة إما أن تكون مغامرة جرئيه … أو لا شيء.

من مقولاتها الخالدة :
” إن العمى ليس بشيء وإن الصمم ليس بشيء، فكلنا في حقيقة الأمر عمي وصم عن الجلائل الخالدة في هذا الكون العظيم”

هذه هيلين صاحبة الإعاقة الثنائية تحصلت على جائزة نوبل و نشرت هيلين كيلير 18 كتابا , ومن أشهر مؤلفاتها (قصة حياتى ) , (العالم الذى أعيش فيه ) , (أغنية الجدار الحجرى ) , ( الخروج من الظلام) , (تفاؤل ) , ( ايمانى ) ، (الحب والسلام) ،( فلنؤمن) و (هيلين كلير فى اسكتلندا) وغيرها , وترجمت كتبها إلي 50 لغة .فماذا تركنا نحن الأصحاء جسديا وحسيا لهذا العالم
أليس الإعاقة الحقيقية أعاقة الفكر والروح .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock