عاممقالات

احتفالات شم النسيم عند المصريين القدماء

شم النسيم عند الفراعنة

بقلم/ شيماء صلاح

شم النسيم عند الفراعنة، احتفل أجدادنا المصريين القدماء بأعياد الربيع قبلنا منذ أكثر من أربعة آلاف عاما، بل وأعدوا العدة وأقاموا الطقوس والمهرجانات للإحتفال بيوم شم النسيم بشكل خاص، ولقد بدأ الإحتفال بيوم شم النسيم في الأسرة الثالثة، وقد كان لهذا اليوم طابع خاص ومميز عن باقي أيام السنة، حيث أن الفراعنة القدماء اعتبروا هذا اليوم بمثابة يوم الحياة.
كان لشم النسيم طقوسا خاصة وتقاليد عبرت الزمن حتى وصلت إلينا، نعم، فإحتفالاتنا بهذا اليوم ما هي إلا موروثات لأجدادنا العظماء القدامى، لذا أردت أن أبحث بين طيات هذه الحقبة التاريخية، ونلق بعض الضوء على احتفالات قدماء المصريين بشم النسيم وما الذي ورثناه منهم في تلك الإحتفالات، وبعد مزيد من البحث والقراءة في تاريخنا العريق سأذكر خلاصة ذلك البحث على #موقع_مجلة_سحر_الحياة والذي يعتبر منصة ثقافية هامة في عالم الكتابة الراقية فتابعونا قرائي الكرام.


مقالات ذات صلة:




شم النسيم عند الفراعنة


أصول الاحتفال بشم النسيم:


بدأ الإحتفال بشم النسيم منذ عام 2700 ق.م، تحديدا في أواخر الأسرة الفرعونية الثالثة، وذلك تبعا للبرديات والجداريات التي قد تم اكتشافها والتي سجلت احتفال الفراعنة بهذا اليوم احتفالا خاصا للغاية.

مما هو جدير بالذكر أنه يرجع تسمية شم النسيم بهذا الإسم نسبة لكلمة هيروغليفية وهي “شمو” وتعني في اللغة المصرية القديمة بعث الحياة وحرفت تلك الكلمة على مر العصور حتى وصلت لكلمة شم في العصر القبطي كما أضيفت لها كلمة النسيم نسبة إلى نسيم الربيع ونسمات جوه العطرة ، كما سمي هذا اليوم لديهم بيوم الخلق، وكان لهم طقوسا خاصة وشعائر دينية محددة ومخصصة لهذا اليوم.

ينبغي أن تدرك عزيزي القارئ أنه قد تعددت أقاويل المؤرخين في هذا الصدد، فبعضهم قال أن عيد شم النسيم هو أقدم عيد تقليدي عند الفراعنة، وقيل أيضا أن المصريين القدماء قد قدسوا هذا اليوم من السنة واحتفلوا به، حيث أن مجئ شم النسيم يعني حلول الربيع وانبعاث الكائنات.

طقوس احتفالات شم النسيم عند الفراعنة:


تبعا لما جاء في البرديات القديمة، يبدأ المصري القديم هذا اليوم بإهداء زوجته زهرة اللوتس، ثم يخرج لعمل طقوس الاحتفال، وقد كان المصريون آنذاك يقيمون لشم النسيم احتفالا رسميا، حيث يجتمعون أمام الهرم من الجهة الشمالية للهرم منتظرين غروب الشمس الصافي ليعلن عن نهاية يوم الرؤية أو ليلة الرؤية كما أطلق عليها في بردياتهم، كانت تلك الليلة حافلة بالطقوس الدينية المخصصة لذلك اليوم، كما كانت تعني لديهم مولد الزمان.


شم النسيم عند الفراعنة

مع شروق شمس يوم شم النسيم يبدأ الإحتفال وقد أخذ مظهرا شعبيا وكأنه مهرجان شعبي يشارك به جميع فئات المجتمع بما فيهم الفرعون ورجاله وكبار رجال الدولة والدين، ويخرجون في مجموعات كبيرة وعائلية حيث الحدائق والمتنزهات حاملين طعامهم وشرابهم.

تتزين الفتيات في يوم شم النسيم بعقود الياسمين ، كما يحمل الأطفال سعف النخيل بعد تزيينه بالورود والأزهار المتفتحة الجميلة، ومن أبرز مظاهر الإحتفال بيوم عيد الربيع لديهم هو إقامة حفلات الرقص والغناء، وإنشاد بعض الأناشيد والأغاني الخاصة بعيد الربيع.

أطعمة شم النسيم عند الفراعنة:

.تزينت مائدة الفراعنة في شم النسيم ببعض الأطعمة التي قاموا بتحضيرها خصيصا لهذا اليوم، هيا بنا لنلق نظرة سريعة على تلك الأطعمة.

شم النسيم عند الفراعنة


البيض:


بدأ ظهور البيض على المائدة الفرعونية في عيد الربيع منذ بداية الإحتفال به، ومماهو جدير بالذكر أن البيض كان يرمز لديهم بخلق الحياة، وفقا لما صورته برديات بتاح ( إله الخلق عند الفراعنة)، لذا كان يبدأ الإحتفال بأكل البيض كأحد الشعائر المقدسة لهذا اليوم آنذاك.

نقش المصري القديم أمنياته ودعواته لهذا العام على بيض شم النسيم ، وكان يضعه في سلال صنعتها النساء الفرعونيات من سعف النخيل، كما يعلقون تلك السلال على الأشجار وفي شرفات منازلهم، اعتقادا منهم أنها بذلك ستحظى ببركات الإله عند شروقه فيحقق أمانيهم ويستجيب لدعواتهم، ومع مرور الزمن تطورت تلك النقوش حتى أصبحت نوعا من الزخرفة البديعة.

بدأ تلوين البيض في فلسطين كتقليد مسيحي، حيث كانوا يلونون البيض باللون الأحمر تذكيرا لدم المسيح الذي سفك على يد اليهود وفقا لمعتقداتهم، ومع مرور الوقت تحول من تقليد ديني إلى تقليد للاحتفال وانتقل إلى الكثير من البلاد العربية ومنهم مصر، فقد دخل تلوين البيض مصر في العصر القبطي، فحافظ عليها المصريين مثله مثل موروثاتهم الفرعونية.

السمك:


أكد بعض المؤرخين وعلماء الأثار أن السمك كان رمزا للخصوبة عندهم، وخاصة سمك النيل باعتباره شريان الحياة، فقد قال امنحوتب على النيل “إذا مرض النيل مرضت مصر، فهو الذي يقضي على ثالوث الفناء الجهل والفقر والمرض”.

كان السمك البوري يضع بويضاته في نفس توقيت عيد الربيع، مما جعل المصريون القدماء يعتقدون أنه الأنسب للأكل في هذا اليوم، لذا قاموا بتمليحه وإضافته على المائدة المصرية منذ الأسرة الخامسة، ولك أن تعلم أخي الكريم أن المصري القديم قد برع في حفظ السمك وتخزينه، بل كانوا يضعون سمك الفسيخ في مقابر موتاهم لأنه يحتمل التخزين، ظنا منهم أنه عند عودة المتوفي يجد ما يأكله.

حفلت المائدة المصرية بعدة أنواع من السمك، فقد قاموا بعمل سمك الفسيخ وخزنوه، بالإضافة إلى سمك الرنجة المالح وغير المالح منه، كما استخرجوا البطارخ وقدموها كطبق منفصل على سفرتهم، وارتبطت تلك الأطباق بيوم شم النسيم، لعلك علمت الآن أيها المصري لماذا اعتدنا على أكل الفسيخ والرنجة في هذا اليوم بالتحديد، إنه موروثا قديما من أجدادنا العظماء.

شم النسيم عند الفراعنة


البصل:


كثرت الأساطير القديمة حول البصل، فقيل أنه طاردا للأرواح الشريرة، كما ذكر في أسطورة مدينة منف المصرية، حيث روى أنه قد مرض الطفل الوحيد لملك فرعوني آنذاك، ولم يدرك أي من الحكماء سبب مرضه، فاستدعى الكاهن الأكبر لمعبد آمون، فقال أن سبب مرض الولد الأرواح الشريرة، وأمر أن يأكل الطفل ثمرة طازجة من البصل وعندما أكلها شفى من مرضه فأقيمت الاحتفالات والأفراح لشفا الطفل.

ومن الأساطير التي ذكرت عن البصل والتي لا تختلف كثيرا عن سابقتها، أن البصل يشفي من الأمراض، وقد ذكرت تلك الأسطورة حينما حدثت حالة إغماء لأحد الملوك وفاق من إغمائه عندما شم رائحة البصل، ومن هنا تمت إضافة البصل كأحد أطباق يوم الخلق وبعث الحياة (شم النسيم).

أيا كان السبب وراء ظهور البصل على مائدة عيد الربيع، إلا أنه فرض نفسه وبقوة، فقد ظهر للمرة الأولى على تلك المائدة منذ الأسرة السادسة، وظل موجودا حتى توارثته الأجيال إلى أن وصل إلينا، وظل مزينا لسفرة عيد الربيع.

الخس:


عرف الخس ابتداءا من الأسرة الرابعة، فقد ظهرت صوره في سلال القرابين التي كانت تقدم للآلهة حينئذ، وكان يسمى بالهيروغليفية “حب”، واعتبره الفراعنة نباتا مقدسا خاصا بالمعبود “من” إله التناسل لديهم، ولذلك كانوا يقدمونه مع السمك المملح في شم النسيم، كأحد النباتات المقدسة والتي تعمل على زيادة التناسل وفقا لمعتقداتهم.

نبات الحمص الأخضر:


جعل المصريون القدماء من نضوج نبات الحمص الأخضر وامتلائه دليلا وإشارة على قرب قدوم الربيع ورفع أعلام الإحتفال بيوم الخلق ، لذا حرصوا على تناوله في شم النسيم، وقد عرف هذا النبات باسم “الملانة” .

لقد قام المؤرخون بعمل أبحاث عديدة عن شم النسيم عند الفراعنة، ولقد حاولت تلخيص تلك الأبحاث في سطور، آسفة لإطالتي وكم أتمنى أن تكونوا قد استفدتم من هذا المقال، كما أتمنى أن نكون أكثر قراءة في تاريخنا القديم حتى نفهم أصل الكثير من عاداتنا وتقاليدنا في زماننا هذا، وكل عام وأنتم بخير حال.

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock