عام

جمهورية زفتى


جمهورية زفتى






كتب/خطاب معوض خطاب





جمهورية زفتى، بدايتها كانت عندما نفى الإنجليز سعد باشا زغلول ورفاقه سنة 1919م، فاندلعت الثورة فى جميع ربوع مصر، وقد وثقت المصادر التاريخية ثورة المصريين من أجل الحرية والاستقلال، لكن هناك حدثا أذهل العالم كله وقتها، فقد حدث أن يوسف الجندي المحامى ابن الشيخ أحمد الجندي أحد كبار تجار القطن في مصر كلها أعلن استقلال مدينة زفتى بمديرية الغربية، معلنا قيام جمهورية زفتى المستقلة عن مصر التي تقع تحت سيطرة الاستعمار البريطاني في ذلك الوقت، ولم يكن يوسف أحمد الجندي المحامي المعروف بثوريته هو فقط من قام بالثورة ضد الاحتلال البريطاني لبلاده بل شاركه كفاحه ومسيرته النضالية شقيقه الأكبر عوض أحمد الجندي المحامي، ومعهما عدد كبير من أعيان زفتى.

جمهورية زفتى كانت مضرب الأمثال في تحديها لسلطات المحتل الغاشم، ومؤسسها يوسف الجندي كان معروفا بنضاله الوطني منذ الصغر، حتى أنه فصل من كلية الحقوق بسبب مواقفه ضد الإنجليز والتحريض عليهم، وبعدما أعيد قيده حصل على الليسانس وعمل بالمحاماة، وعندما اندلعت الثورة في أنحاء مصر كان يوسف الجندي متواجدا ببلدته زفتى، فاتفق يوسف مع عوض الجندي المحامي ومع الثوريين من البلدة على التضامن مع الثوار وإعلان زفتى جمهورية مستقلة فكانت أولى جمهوريات الشرق الأوسط كله، بل أطلقوا عليها إمبراطورية زفتى نكاية في الإمبراطورية البريطانية العظمى.
جمهورؤة زفتى ضربت أروع الأمثلة في تلاحم الشعب كله من أجل الوطن، وثورته ضد الاحتلال والطغيان، ومن الغريب والعجيب أن المد الثوري بزفتى في ذلك الوقت وصل لأن قام رجل من الخارجين عن القانون بإعلان توبته أمام يوسف الجندي المحامي ورفاقه، بل وطلب منهم السماح له ولرجاله بالانضمام للثوار ونيل شرف محاربة الإنجليز، لأنهم يتمنون أن يموتوا أبطالا فداءاّ لمصر.
وفي نفس الوقت انضم ضابط نقطة البوليس بزفتى ورجاله إلى الثوار، بل وصل به الأمر لأن يفتح السلاحليك _غرفة السلاح بالنقطة_ للثوار ليتسلحوا بها لمقاومة الإنجليز، وهكذا اجتمع رئيس العصابة الخارج عن القانون “سبع الليل” مع ضابط الشرطة “حمد أفندي” لأول مرة من أجل هدف سام ونبيل، وهو حب مصر والجهاد من أجل حريتها.
وحينما وصل الخبر للإنجليز أرسلوا قوة عسكرية لوأد ثورة زفتى والقضاء على الجمهورية الوليدة عن طريق الكوبرىدي المعدني الواصل بين زفتى وميت غمر، لكن تصدى الثوار لهذه القوة فاضطرت للانسحاب، فأرسل الإنجليز قوة عسكرية أخرى للاستيلاء على زفتى عن طريق القطار لكن الأهالي كانوا قد قطعوا قضبان السكة الحديد فعطلوهم وفشلت هذه القوة أيضا في الوصول إلى زفتى الجمهورية المستقلة، وبعدها أرسل الإنجليز قوة أسترالية ضخمة عن طريق المراكب بالنيل وبالفعل استولت هذه القوة على زفتى وقضت على الجمهورية الوليدة، لكن تم تهريب يوسف الجندي عن طريق أم المصريين السيدة صفية زغلول زوجة زعيم الأمة سعد باشا زغلول.
وظل يوسف الجندي متخفيا بعيدا عن أيدي الإنجليز، ولم يظهر إلا بعد عودة سعد باشا زغلول من الخارج، وحينما أصبح سعد باشا زغلول رئيسا للوزراء أصدر عفوا عن جميع السجناء والمطلوبين السياسيين، وأصبح يوسف الجندي المحامي بعد ذلك واحدا من كبار رجال السياسة والبرلمان المصري، بل وصل به الحال لأن أصبح نائبا لزعيم المعارضة بمجلس الشيوخ، وتوفي يوسف الجندي سنة 1941م، وتم تسمية عدد من الشوارع باسمه في زفتى وباب اللوق والتجمع الخامس وغيرها من المناطق، أما عوض الجندي فقد أصبح عضول في الجمعية التشريعية، وكانت وفاته في ديسمبر سنة 1964م.
ومن المعروف أنه تم إنتاج مسلسل تليفزيوني شهير عن أحداث جمهورية زفتى من تأليف يسري الجندي وإخراج إسماعيل عبدالحافظ ومن بطولة ممدوح عبدالعليم وصابرين ومحمد منير وحسن حسني وأدى دور يوسف الجني المحامي في هذا المسلسل الفنان كمال أبو رية، وأدى دور أخيه عوض الجندي المحامي الفنان محمود مسعود، وتم عرض هذا المسلسل سنة 1998م، والغريب أن كاتب المسلسل لم يجعل يوسف وعوض الجندي هما بطلي المسلسل بل ابتكر شخصية خيالية من إبداعه هي شخصية “إبراهيم النعماني” الذي أدى دوره الفنان ممدوح عبد العليم وجعله بطلا للأحداث.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock