مقالات

التعليم الفني واقع يفرض نفسه

 

دينا شرف الدين تكتب

عودة للحديث المطول عن أهمية التعليم الفنى الذى نحن بأشد الحاجة إلى تطويره ومنحه القيمة الحقيقية التى يستحقها نظراً لاحتياج المجتمع إليه فى كل التخصصات.

فمن منا لا يحتاج إلى أصحاب الحرف المختلفة التى لا أول لها من آخر بالمنازل والمصانع والشركات و الفنادق والمؤسسات وغيرها الكثير، هل فكر أحدنا أن هذا الكهربائى أو ذاك السباك أو النجار قد درس هذه المهنة بشكل يؤهله لأدائها على أكمل وجه وربما تفوق بها؟

هل تكفى الخبرة وحدها لتأهيل هذه العمالة التى تشكل قطاعا عريضا من المهن والتخصصات التى تعد عماد الصناعات والإنشاءات، وبالطبع يكون لها ضلع كبير فى حل مشكلة البطالة التى نعانى منها كثيراً بمصر نظراً للشعور بالنقص الذى ترسخ لدى خريجى التعليم الفنى الذين يخجلون من العمل بمؤهلاتهم الدراسية حتى وإن تفوقوا بها؟

بالطبع تعددت الأسباب التى تدفع هؤلاء للشعور بمثل هذا الخجل بداية من نظرة المجتمع التقليدية شديدة الضيق، والتى تعتمد على معتقدات نظرية خاطئة أثبت الواقع الفعلى فشلها.

العجيب فى مصر أن نسبة البطالة ربما توازى نسبة نقص العمالة المطلوبة للعمل بالمصانع، هذا برغم امتلاك مصر لطاقة بشريه هائلة، وتخرج مئات الآلاف من طلاب التعليم الفنى كل عام.

وقد ذكرت بعض الإحصائيات أن هناك 5700 مصنع تم إغلاقهم بسبب عدم وجود تمويل وأيضا نقص العمالة، ومازال الشباب يحلمون بوظيفة خلف “مكتب”.

وكما يقول أحد خبراء التعليم الفنى اتجهت الكثير من الدول العربية نظرا لأهمية التعليم الفنى إلى إنشاء كيانات مستقلة له، فى صورة هيئة أو وزارة أو مجلس أعلى.. وفى هذا سبقوا مصر فيما كانت هى رائدة فيه ولا يخفى على جميع الباحثين فى مجال تطوير التعليم الفنى.. أن الدول الأوروبية أغلبها لها كيانات مستقلة للتعليم الفنى.

فإلى متى يظل التعليم الفنى فى مصر أسيرا فى أصفاد وزارة التربية والتعليم؟

لكنى لا زلت أرى أن التعليم الفنى يحتاج إلى كيان موحد خاص به فى صورة هيئة تابعة لمجلس الوزراء، مما يسمح بأن تشترك كل الوزارات فى هذه المنظومة، كما يسمح بأن تكون جميع مراكز التدريب التابعة للوزارات ضمن المنظومة رغم تبعية كل منها فى نفس الوقت لوزارتها.

إذا كانت فكرة وزارة التعليم الفنى قد باءت بالفشل نظرا لظروف وموانع كثيرة.. إلا أنه لا يزال يحتاج إلى كيان منفصل وقائم بذاته.

فالتعليم الفنى كما يقول الجميع مرارا وتكرارا هو قاطرة التنمية فى مصر، وواقعه الآن فى ظل تبعيته لوزارة التربية والتعليم إنه مجرد مقطورة وليس قاطرة، لذا هناك الكثير من التحديات التى يجب عليه مواجهتها للوصول إلى النجاح الذى ينتظره المجتمع المصرى كله.

وبالفعل قد كانت هناك الكثير من المشروعات الخاصة بتطوير منظومة التعليم الفنى منذ عدة أعوام، ومن أهم هذه المشروعات المجلس الأعلى للتعليم الفنى، والتدريب المهنى.

اعتمد المشروع فى الأساس على علاج ما يسمى بـ”الصندوق الأسود للتعليم الفنى”، وتضمن العديد من المشاكل والقضايا التى تترتب بشكل مباشر أو غير مباشر على استمرار تدهور مستوى الخدمة التعليمية المُقدمة بمدارس ومعاهد التعليم الفنى، وأهمها البطالة، وعدم جودة الإنتاج، وانخفاض الدخل القومى، وانخفاض معدل التصدير، الهجرة غير الشرعية، وفوضى المرور، وانعدام الأمن، والإدمان.

ويهدف المشروع فى الأساس إلى تأسيس مجلس أعلى للتعليم الفنى، والتدريب المهنى، يجتمع تحت رايته ممثلين من كافة الوزارات المُشاركة بالتعليم الفنى من الكهرباء والطب والتعليم العالى والتربية والتعليم والتضامن وغيرها، وحُددت مهام المجلس فى وضع ومتابعة تنفيذ منظومة وطنية مُستقلة تتسم بالشفافية لضمان الجودة، ووضع معايير وإجراءات إنشاء المدارس والمعاهد الفنية والكليات التكنولوجية، واعتمادها ووضع سياسات القبول بما يضمن الإتاحة لجميع فئات المجتمع طبقا لاحتياجات سوق العمل وخطط التنمية.

وإلى لقاء مع مقال جديد عن أهمية تطوير التعليم الفنى ومدى حاجة المجتمع إليه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock