شعر وحكايات

رواية دولة الكلاب العظمى ” حكايات زمن العولمة “آسيا ” خولة ” عبدالهادي

الآن ناشرون
( السؤال … فيما بعد الحداثة تساؤلات روائية حول ميتافيزيقا السؤال ) ..
كتب /سليم النجار
متابعة/لطيفة القاضي
السؤال لا يشترى بالمال ؛ بالرغم من أن عصر ما بعد الحداثة يقوم على لبنات من الاستهلاكية المفرطة ؛ والمنطق الثقافي لتلك السلوكيات الحديثة وشهوة المال ؛ ومنتج لإرضاء كل نزوة محتلمة ؛ بل انه قد يتواجد المنتج أولاً وتتحدد النزوة على أساسه فيما بعد – نجد أن السؤال يبقى باعتباره قيمة خارج السوق ؛ هذا ما سعت له الكاتبة آسيا في روايتها ” دولة الكلاب العظمى ” ؛ وهذا ما ذهب له ديريدا على وجه الخصوص من موقف متشكك من الميتافيزيقا وما يثيره من تساؤلات حول الحضور والسمو واليقين وكل مطلق ؛ ونجد انه حارب من يشكك في أهمية السؤال ؛ وكما نجد آسيا تتساءل في الوقت نفسه لا يفضي الشك مهما كان قدره على الرغبة التي هي قدر كل كائن حي والتي يشكلها .. ولا نقول بوجودها أو يمحوها … نظام حضاري معين يمثل هو نفسه الباعث على تلك الشكوك … وهكذا يشغل السؤال موقعاً تناقضيًا في الحضارة ما بعد السؤال التي أثارته الكاتبة آسيا ؛ ( فإن كانت عائلة ؛ فلا بد أن تسكن الزوجة والزوج والأطفال . يا حرام ؛ مساكين ؛ ما الذي يدفعهم للسكن في هذا المنفى ؟ كيف يذهب الأطفال إلى مدارسهم وكيف يحصلون على حاجياتهم ؟ ص٩) .
كما استطاعت آسيا استخراج معنى المعنى ؛ أو المعاني المجازية والخفية ؛ الذي يعتمد على الأستدلالات المنطقية ؛ وهذه التقنية عرفها العرب الكتاب العرب القدماء التأويل تنظيرًا ؛ ومارسوه تطبيقًا ؛ من خلال الشروح التي تعد مثاًلا واضحًا على اختلاف مستويات القراءة وانفتاح على الدلالة وتعدد المعنى ؛ وهكذا فعلت الكاتبة في نصها الروائي ؛ ( لماذا يرفض مجرد محاولاتها ؟ لماذا لا يساعدها ولايرشدها ؟ ومَن هو ” سراب” ؟ هل هو حقيقي أم مجرد خيال اخترعته لتسليتها في في وحدتها وانعزالها ؟ هل هو جاسوس او مُندس ؟ عدو أو صديق ؟ مَن هو هذا السراب ؛ ولماذا لاتتصرف بعيداً عنه ؟ لماذا يُحيطها كلما لاحت لها بارقة امل أو إشارة تفاؤل ؟ ص٢٧٧) .
وفي إطار هذه السياقات الروائية التي جمعت بين ” حليمة ” بطلة الرواية في الحكاية او الحكايات المتعددة ؛ و ” السراب ” في السيرة لحليمة ؛ وبين ” اليقين ” في الرواية ؛ واللاحقيقة في السيرة تتبدى إشارات رمزية لوشائج العلاقة بين الحكاية والسيرة ؛ ( – لاتخافي ؛ انا مثلكِ وقعتُ في نفس الحفرة وجرى لي ما جرى لكِ .
– أنا لا أراكَ .
– وأنا لا أراكِ .
– وكيف شعرتَ بوجودي ؟ ص٤٧) .
ولعلّ كتب التراث العربي مليئ بالقصص التي تحكي عن عنصرية السادة وعلية القوم في تعاملهم مع السود / العبيد ؛ والتي هي من قبيل التهميش الاجتماعي ؛ وإلى الدرجة التي صار فيها الأسود مرادفاً للعبيد او العكس ؛ ولعلّ بقايا هذا التهميش الاجتماعي ثقافيَّا ( أو الترادف) ؛ تتبدى إلى الحد الذي أصبح معه اللون الأسود حاملاً كلّ المعاني السيئة ؛ كدلاته على الغضب ؛ وهذا ما ذهبت إليه الكاتبة آسيا عندما وظفت الفكرة كمتخيل أسود والتي أرادت من هذا التوظيف للتدليل على ما تريد تصويره روائياً من سواد الظلم والقهر الذي يتخذ أشكالاً وصوراً مختلفة ؛ ( دون معرفة سبب الوفاة وتلفيق التهم واللفلفة التي حصلت ؛ شعر ” سراب ” بخطورة الموقف ؛ وأن المسألة ستتطور لما هو أكثر . ويقتل أهل البلد أحدهم الآخر فتذهب خِيرة الأبناء ما بين قتيل وجربح وهارب . ص٢٢٦) .
يُعد المعنى الإيحائي لرواية ” دولة الكلاب العظمى – حكايات زمن العولمة ” ” حصيلة لانفتاح الدلالة ؛ والقول بالمعاني الخفية وتعدد المعنى في الرواية ؛ وهو نتاج العملية التأويلية وانفتاح الدلالة وسيرورتها لرؤية الكاتبة آسيا .
يبقى القول ان السؤال هو قيمة دائمًا ما يسعى وراءها الجميع ؛ ولكنهم في الوقت نفسه ينظرون إليها بأرتياب مستمر . فهل يمكن لتلك القيمة المتناقضة ان يتحدث عنها أحد ؟ تلك القيمة المرغوبة باعتبارها من أنفس القيم ؛ هذا ما قامت به الروائية آسيا في تثبيته في روايتها . ولعل هذه الرغبة في تثبيت قيمة السؤال لماذا ؟ ؛ رغبة لم تصل إلى منتهاها ؛ وقد نقرأ في قادم الأيام نصا يحاول الوصول إلى ما أرادت الوصول إليه لعلّ لعلّ

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock