مقالات

إيذاء النفس “Self Harm”فأبناؤنا وبناتنا في خطر شديد

انتبهوا أيها السادة..

كتب/خطاب معوض خطاب

إيذاء النفس “Self Harm” هو بحق وباء العصر، ونحن لو لم ننتبه لأولادنا وبناتنا فإننا سوف نكون مقبلين على شفا هاوية لن نستطيع الخروج منها، والمصاب بهذا المرض يقوم بإيذاء نفسه بجرح يديه وذراعيه وساقيه جروحا سطحية بآلة حادة، ولا يشعر المصاب بالراحة النفسية إلا حينما يرى دمه يسيل أمام عينيه.

وإيذاء النفس “Self Harm” هو في الأساس عبارة عن حالة نفسية لو أصابت أحد الأشخاص فسوف يخضع هذا الشخص جسده للألم بإرادته. وإيذاء النفس “Self Harm” يجعل المصابين بهذا المرض يشعرون بالراحة النفسية كلما عرضوا أنفسهم للإيذاء، وكلما زاد المصاب بهذا المرض من إيذائه لنفسه كلما شعر براحة أكبر، وهو يفعل ذلك حسب اعتقاده الخاطئ هربا من الفراغ والهموم، ولإحساسه بالنشوة كلما آذى نفسه.


والمصابون بهذا المرض منهم من تعرض لتجارب صعبة في حياته، فمنهم من تعرض للظلم أو الأذى مثلا، ومنهم من فقد عزيزا لديه، ومنهم من تعرض للإساءة النفسية أو الجسدية أو الجنسية، ومنهم من تعرض لمشكلات عائلية أو اجتماعية أو عاطفية، ومنهم من يشعر برفض الآخرين له، وفي جميع الحالات فإن المصابين بهذا المرض يعتبرون أن إيذاء النفس بمثابة وسيلة دفاعية، ولذلك فهم يفضلون الشعور بالألم الجسدي عن الشعور بالألم النفسي.

وإيذاء النفس عادة غريبة على مجتمعنا، وهي واردة إلينا من الغرب، وكان في الماضي يقلدها بعض المراهقين في بلادنا، ولكن الكارثة الكبرى كانت فيما علمته من إحدى المدرسات، والتي تقوم بالتدريس للصف الأول الإعدادي بإحدى مدارس البنات بمحافظة القاهرة، حيث أخبرتني بأنها شاهدت إحدى الطالبات تقوم بجرح يديها بواسطة “سلاح البراية”، وحينما رفضت المعلمة ما فعلته هذه الطالبة “الطفلة” في نفسها من إيذاء، قالت لها هذه الطالبة إن هذا شيء عادي، كما قالت لها إنها لا تشعر بشيء من الألم لأنها معتادة على ذلك.


والأمر الأكثر إثارة للأسى أن هذه المدرسة اكتشفت أن عددا كبيرا من الطالبات يفعلن بأنفسهن نفس الأمر باستخدام “سلاح البراية” وبعض القطع من عبوات المياه الغازية “الكانز”، كما اكتشفت أن هذا الفعل ينتشر أيضا بين طالبات الصف الثاني والثالث الإعدادي.

وقد حاورت هذه المدرسة عددا من الطالبات، عن الأسباب التي دفعتهن لهذا السلوك، قالت إحداهن إنها فعلت ذلك بسبب معاملة أمها لها، وقالت أخرى إنها تفعل ذلك لأن صاحبتها تفعله وهي أحبت أن تقلدها، وقالت طالبة ثالثة إنها تفعل ذلك لأنها أرادت أن تجرب ما يفعله زميلاتها، وأما الغريب حقا فهو ما قالته طالبة من أنها فعلت ذلك بسبب الولد الذي تحبه.


ولذلك أحذر وأقول انتبوا أيها السادة، فإن أولادنا وبناتنا في خطر شديد، فهذا المرض أصبح ظاهرة بالفعل، وانتشر بين الأولاد والبنات الصغار، وهم يقولون إنه موضة، ويفعلونه جميعا ويتباهون بما يفعلونه، لدرجة أن بعض الفتيات تصور ذراعيها وساقيها المجروحين وترسلنه عن طريق “الواتساب” لصديقاتهن، وبعض الفتيات تدعي أنهن أصبحن لا يشعرن بالألم ولذلك يزيدون في إيذاء أنفسهم حتى يتلذذن بالشعور بالألم، فماذا ننتظر بعد ذلك، هل ننتظر حتى نرى أولادنا وبناتنا ينتحرون أمام أعيينا؟


وأخيرا فإن المسئولية مشتركة بين المدرسة والأسرة، ولابد لكل منهما أن يقوم بدوره في حماية أولادنا وبناتنا، فالحقيقة والأمر الواقع أن الجميع انشغل عن التربية وانصرف إلى الاهتمام بأمور أخرى، وقديما كان مدرسونا يتفقدوننا في طابور المدرسة، ويطلبون منا أن نريهم أيدينا ليتأكدوا أن أظافرنا مقصوصة، ويطلبون منا أن نقص شعر رأسنا الطويل، وكذلك كان الأهل مهتمين بأبنائهم أكثر من اليوم، حفظ الله بلدنا وأولادنا وبناتنا من كل شر وسوء، وهدانا جميعا إلى سواء السبيل.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock