رياضة عربية وعالمية

فاروق جعفر بين الواقع والخيال

بقلم / محموددرويش

لم تهدأ الى اليوم ردود الفعل الفنية والجماهيرية في مصر وخارجها اثر تصريحات اللاعب الدولي السابق ونادي الزمالك في السبعينات والثمانينات الكابتن فاروق جعفر لقناة الزمالك بخصوص مجاملات التحكيم الافريقي لمنتخب بلاده والأندية المصرية في المنافسات القارية، مشككا في بعض الانجازات التي لم تكن لتتحقق لولا تحيز الحكام على حد تعبيره، وهو الأمر الذي صنع الحدث وخطف الأضواء في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بين مواقف منددة بالتصريح وأخرى مرحبة بحسب مواقعها ومصالحها، خاصة في خضم الصراع القائم على لقب نادي القرن بين الأهلي والزمالك، لكن ذلك لم يمنع من التشكيك في بعض الانجازات التي كان فيها الحكام الأفارقة يحصلون على هدايا فاخرة ومزايا مختلفة مقابل تلك المجاملات التي ذكرها المعني.

بعض المحللين والفنيين واللاعبين المصريين القدامى رفضوا التشكيك في إنجازات مصر الكروية على مستوى الأندية والمنتخبات، واعتبروا تصريحات فاروق جعفر مبالغاً فيها وغير مسؤولة، في وقت اعتبرها البعض الأخر بمثابة فضيحة في حق الكرة المصرية التي تتسيد القارة السمراء من حيث التتويجات على مستوى المنتخب والأندية وتعرض بعض فرقها للظلم التحكيمي عديد المرات. بين هؤلاء وأولئك لم تصدر ردود فعل من الأندية المصرية الكبيرة ولا من الاتحاد المصري ووزارة الشباب والرياضة، ولا حتى من الاتحاد الافريقي، في وقت تراجع الكابتن فاروق جعفر عن تصريحاته في اليوم التالي عندما راح يتحدث عن سوء فهم لتصريحاته التي كانت واضحة وصريحة بدون لبس!
لا أحد يصدق أن الأندية والاتحادات الافريقية حققت جميع انجازاتها عبر التاريخ بنزاهة فوق أرضية الميدان، لكن لا أحد في القارة السمراء يصدق أن التحكيم الافريقي كان ولا يزال نزيها، كما أن المشكلة ليست في صحة التصريحات والوقائع من عدمها بقدر ما هي في مبدأ الإدلاء بهكذا كلام في هذا الظرف بالذات، وفي غياب الوعي وروح المسؤولية عند كثير من المحللين واللاعبين القدامى في عالمنا العربي، الذين يدلون بتصريحات غريبة يريدون من خلالها التشكيك في إنجازات من سبقوهم أو من جاؤوا بعدهم من نجوم الكرة بدافع الغيرة لا أكثر ولا أقل. فتجدهم يغزون البرامج والاستديوهات التحليلية للقنوات التلفزيونية من أجل الظهور والاسترزاق بصفتهم لاعبين دوليين سابقين فشلوا في مجال التدريب أو الادارة وراحوا يصفون حساباتهم في مختلف المنابر الإعلامية التي تصنع الاثارة.
ردود فعل من عاصر الكابتن فاروق جعفر من جيل السبعينات والثمانينات كانت محتشمة رغم خطورة التصريحات، بينما كانت الردود متباينة في الأوساط الجماهيرية بين مصدوم من المضمون المشكك في الانجازات، ومرحب بصراحة الرجل الذي قال كلاما لم نسمعه من قبل وبالتفاصيل، فيما اعتبرها البعض الآخر حلقة جديدة من مسلسل الصراع القائم بين الأهلي والزمالك في نزاعهما من أجل لقب نادي القرن العشرين الذي فصل فيه الاتحاد الأفريقي لصالح أبناء القلعة الحمراء، ويشكك فيها الكابتن فاروق جعفر كواحد من أبناء الزمالك. البعض الأخر اعتبر من جهته التصريحات جزءا من استراتيجية الإلهاء لجماهير الكرة في مصر وابعادها عن التعاطي مع القضايا الرياضية والاجتــــماعية الأخــرى التي تشغل بال الرأي العام في هذا الظرف العصيب الذي نمر به.
بين هؤلاء وأولئك تبقى تصريحات فاروق جعفر مستفزة ومثيرة للتساؤلات، مسيئة للكرة المصرية والافريقية، وستؤثر سلبا على مشوار الأهلي والزمالك في مبارتي نصف نهائي دوري أبطال أفريقيا لهذا الموسم، لأن الأعين ستكون مصوبة نحو الحكام الذين سيديرون المباريات تحت الضغط، والذين سيسعون لتجنب الشكوك حتى ولو اقتضى الأمر ظلم الفريقين المصريين، وتؤثر أيضا على منتخب مصر في مبارياته الرسمية المقبلة، لأن الأعين ستلاحق أيضا قرارات الحكام وتصرفاتهم.

صحيح لا يمكن لأي بلد في افريقيا أن ينال كل تلك الألقاب التي أحرزتها مصر بسبب مجاملات التحكيم فقط، لكن لا أحد يمكنه أن ينكر ضعف التحكيم الافريقي وتأثيره السلبي على نتائج كل المسابقات في كل الأوقات لصالح عديد المنتخبات والأندية الافريقية خاصة المضيفة، ومع ذلك لا يمكن لمثل هذه التصريحات أن تمر مرور الكرام بدون تداعيات وردود فعل، لأنها لو حدثت في أوروبا من طرف أحد نجوم الكرة فيها لقامت الدنيا ولم تقعد، ولفتحت تحقيقات معمقة واتخذت إجراءات عقابية في حق الحكام والاتحادات والأندية المعنية بالتصريح حتى بأثر رجعي، لكن هيهات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock