مقالات

يوميات مهاجر في بلاد الجن والملائكة” 27″ مناجاة بين السين والنيل

الدكتور محمد حسن كامل رئيس اتحاد الكتاب والمثقفين العرب باريس

همس وجهر ومناجاة بين النيل والسين

الهمس والجهر ضدان , والضد يظهر حُسنه الضد

قال الشاعر الفحل دوقلة المنبجي في القصيدة اليتمية

وقد كان من فحول الشعراء في الجاهلية

وقفت عند وصف الجمال بهذا الوصف الجميل :

فالوَجْهُ مِثْلُ الصُّبْحِ مُبْيَضٌّ …..والشَّعْرُ مِثْلُ الليلِ مُسْوَدُّ

ضِدَّانِ لمّا استَجْمَعا حَسُنا…. والضِّدُّ يُظْهِرُ حُسْنَهُ الضِّدُّ

هكذا كانت الرسالة والمناجاة بين نهرين

همس وجهر

وجهر وهمس

نهر النيل العظيم في مصر الذي يرفل بالعطاء في قلب العاصمة

ونهر السين في فرنسا الذي يعتبر شريان الفن والإبداع في قلب باريس

وكلاهما يتقابلا ويتعانقا في برزخ الإبداع واليراع

النيل والسين وراء كل ايقونات الجمال والفكر والثقافة والاناقة والعراقة

زيجة ثقافية إبداعية روحية بينهما لا تنفصم إبداً

مصر هبة النيل

قلعة عشاق الحضارة

تميمة الفكر والحب والجمال

أرض ومهد الرسل والأنبياء

تاريخ حضاري ضارب في شرايين الفكر الإنساني

حضارة وعمارة

عراقة وأصالة

فيها تتكلم الحجارة

عن أمجاد الأجداد

وميراث ثري للاحفاد

رسالة النيل العظيم لم يفك رموزها شامبليون

ولم يفهمها نابليون

رسالة النيل كانت صدمة حضارية لنابليون بونابرت أثناء حملته على مصر .

لقد جاء نابليون بالمطبعة والمدفع , فخرج المدفع وبقيت المطبعة .

وأنشأ نابليون المجمع العلمي في مصر في 20 أغسطس 1798 ليكون مركزاً حضارياً لنشر الفنون والعلوم والثقافة .

المجمع العلمي بناه نابليون وحرقه أعداء الإسلام المتأسلمون .

رسالة النيل وقع عليها رموز الحضارة الفرعونية القديمة التي تنام في ساحات وقاعات متحف اللوفر على ضفاف نهر السين , ومن خلال المسلة المصرية الشامخة التي تتوسط ميدان الكونكورد بباريس حيث تطل على الجمعية الوطنية أو مجلس الشعب الفرنسي ومتحف اللوفر وكنيسة مادلين العريقة أما من أمامها فهي تلقي بنظرة فاحصة على اعرق شوارع العالم (( الشانزليزيه ))

الرسالة الحضارية بين النيل والسين رسالة رمزية تحمل عبق الماضي وقيمة الحاضر والتطلع للمستقبل , تلك الرسالة التي تحمل الهمس والجهر الحضاري من خلال فك رموز حجر رشيد وفتح أبواب التاريخ الفرعوني القديم وأيضاً رسائل الفكر من رواد التنوير والتفكير منذ تولي محمد على باشا الحكم في مصر 1805 .

رسالة مصر الحديثة عبر شيخ الأزهر مصطفى عبد الرازق حينما قال أثناء تعليمه في فرنسا وحصوله على الدكتوراه منها : (( لو أن للأخرة عاصمة لكانت باريس )) هكذا عاش فيها شيخ الأزهر والشيخ محمد عبده , أما الدكتور طه حسين لم يُبصر في الدنيا إلا جمال (( سوزان وباريس )) حينما سمعها وهي تقرأ شعر راسين فتذكر قول بشار بن برد (( والعين تعشق قبل الأذن أحيانا )) على ضفاف نهر السين في الحي اللاتيني كانت ليالي السمر لكاتبنا الرائع توفيق الحكيم رغم بُخله إلا انه كان كريماً سخياً على بساط الفكر والأدب , أما غابة بولونيا كانت مهبط الوحي لأمير الشعراء أحمد شوقي , أما في القانون كان الفقيه الدستوري الدكتور عبد الرزاق السنهوري , وغيرهم من اعلام الفكر العربي من حملة التنوير .

رسالة همس وجهر بالحب والفكر والعلم والحضارة الإنسانية على خط مستقيم يربط الماضي ويمر بالحاضر ويتطلع للمستقبل .

تلك الرسالة الحضارية قد فطن إليها الرئيس الفرنسي الراحل (( فرنسواه ميتران )) الذي حكم فرنسا طيلة 14 سنة , والذي قضى كل أعياد رأس السنة الأربعة عشر في مصر , بل وأنشأ الهرم الزجاجي في ساحة اللوفر بباريس الذي تنطلق نقطة رأس الهرم مع رأس المسلة المصرية في ميدان الكونكود مع قطر قوس النصر في ميدان شارل ديجول الذي يطل على الشانزليزيه حتى قوس فرنسا الجديد في منطقة اللاديفانس التي تعبر عن فرنسا الحديثة , كل هذه النقاط على خط مستقيم , تجمع بين الأصالة والمعاصرة .

تلك هي رسالة الشاب المهاجر التي تجمع بين الهمس والجهر

بين النيل والسين

لقد جلس على ضفاف كليهما يكتب ويسكب أحلامه

تلك الرسائل كانت قوارب ورقية من كراسة أحلامه كتبها من على ضفاف نهر النيل بمصر إلى نهر السين الذي يشق مدينة الجن والملائكة , اما الأن حان الأوان أن يرسل رداً بقورابه من صفحات كراسة الذاكرة من على ضفاف نهر السين إلىنيل مصر العظيم .

بين الهمس والجهر كتب رسالة حب قال فيها

كم أحبك يا …..!!

دكتور / محمد حسن كامل

رئيس اتحاد الكتاب والمثقفين العرب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock