شعر وحكاياتعام

قصيدتي الأخيرة

شعر : مصطفى الحاج حسين .
لن تدخلي قصيدتي
أصدرتُ أوامري للكلمات
وها هي الأحرفُ تتربّصُ بكِ
وتراقبُ مجيئكِ
ستطردكِ وهي خجلى
لكنّها إرادتي وسوفَ تنفّذُ
سأمنعُ عنكِ شوقي وحنيني
وستكفُ لهفتي عن ذكركِ
سأغمضُ عيونَ قلبي
عنِ التّطلّعِ للصباح
كي لا أرى وجهكِ مخبّئاً فيهِ
وسأغضُّ الطّرفَ
إن مررتُ من أمامِ وردةٍ
كي لا أشبّهَ عليكِ
ماعدتُ أشربُ الماءَ
كي لا تتفتّحَ أشواقي
توقَّفتُ عن التّنفّسِ
كي لا يغزوني عطركِ
سأكفّ عن العيشِ
كي يتوقّفَ حبّكِ عن النّموِ
سأرحلُ عن زمنٍ أنتِ تملكينهُ
وعن أرضٍ لا تزهرُ إلاّ لكِ
وعن سماءٍ حبلى بتنهّداتكِ
كي لا تثيرَ عطشي
خارجَ هذا الكونِ سأكونُ
لأتحرّرَ من جاذبيّةِ عينيكِ
بيني وبينكِ مدى
فيهِ يتبدّدُ الصّدى
وفي دروبهِ يضيعُ النّدى
لن أكتبَ عنكِ بعدَ الآنَ
قصيدتي ماعادت ملككِ
أمسكتُ عليكِ لغتي
وانتحرت عندي المعاني
صارت أسطري وعرةً
وجفّت دماءُ أقلامي
تيبّست قبلاتي في الهواءِ
وأُهرقَ الحنينُ من شراييني
ماعدتُ أحبُّكِ
ولماذا أنا أحبُّكِ ؟!
وأنتِ لم تصدِّقيني !!
لم تتركي لقلبينا فسحةً للحوارِ !!
لم تشعلي شمعةً لظلمةِ روحكِ !!
كانَ الأجدرُ بكِ
ألاّ تخافي من صهيلِ الغيمِ
فما نفعُ الحبَّ
إن لم يُبنَ على أساسٍ من جنونٍ ؟!
تبّاً لعقلٍ لا يضعفَ أمامَ الهوى
ولأقدامٍ لا ترقصها الموسيقى
تباً لأشجارٍ لا تثملُ من خمرِ النّدى
أنتِ قطعتِ شرايينَ الفرحةِ
أحرقتِ بساتينَ الرّجاء
وياليتكِ تنبَّهتِ ..
مازلتِ ماضيةً في عنادكِ !!
كأنّنا نملكُ أكثرَ من عمرٍ !!
وعمرنا أضحى يأكلُ أرومتهُ
كانَ عليكِ أن لا تسفحي أيّامنا
ماذنبي إن أحببتكِ ؟!
قلبي فراشةٌ رفرفت حولكِ
وأنتِ أخفيتِ عنهُ أريجكِ
وأظهرتِ له الأشواك !!
لهذا أنا عدّلتُ عن حبّكِ
ما عدتُ أطيقُ الاحتراق
قلبي تخشَّبَ
وقصيدتي صارت مقبرةٌ
فلا تدخليها
أخشى عليكِ من وحشتها
الموتُ قابعٌ وسطَ عتمتها .
مصطفى الحاج حسين .
إسطنبول

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock