عاممقالات

أفواه وبقايا

بسم الله الرحمن الرحيم 

بقلم رءوف جنيدي
_ ( وفى السماء رزقكم وما توعدون ) … نعلم ربنا ونقر بوعدك ووعدك الحق . أن رزق هذه السيدة فى السماء ولكنها وكلت الى قوم ليسوا بكرامتها وانوثتها بحافظين …
_ ( وان من شئ الا عندنا خزآئنه وما ننزله الا بقدر معلوم ) … ونعلم ربنا أن خزائنك ملئى وخزائنك لا تنفد ابدا . ولكن من كانوا منا على خزآئن الارض . ضنوا عليها وكأنها جاءت ببضاعة مزجاة . فلم يوفوا لها الكيل . ولم يتصدقوا عليها . فما كان أمامها إلا برميل الزبالة ليسد رمقها . فيبدو انه هو الذى وسعها بعد أن ضاقت عليها الأرض بما رحبت . فلا ملجأ من الجوع الا اليه ..
_ ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض ) … فهذا الفتح ليس فتحك يا الله . فأنت أن فتحت أغرقت بالخير والعطاء . فما تفتحت لها فوهات البراميل الا لانسداد فوهات الرحمة والعطاء من مسؤولين تخاذلوا . وأغنياء شغلتهم أموالهم واهلوهم ….
_ ( والذين فى أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ) … فبرحمتك التى وسعت كل شئ قسمت سبحانك لها حقا معلوما فى أموال أغنياءك . ولكنهم ما أخرجوه . ولو أخرجوه ما هامت على وجهها بين عبوات الذل ولقيمات الهوان ..
ويقول الحديث الشريف :
_ ( لو اتقيتم الله حق تقاته لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا ) … ولأنك سبحانك توكلت وتكفلت بالطير . فما رأيناه يوما الا وقد عاد الى أعشاشه بطانا . ولكن يبدو أن هذه السيدة قد وكل أمرها لمن لم يرعاها حق رعايتها . فباتت تغدو خماصا وتروح أيضا خماصا . فماذا فى هذا البرميل يعيدها بطانا ؟ .
_ ( يا ابن آدم خلقت السموات والأرض ولم أعى بخلقهن .. أيعيينى رغيف عيش أسوقه اليك ) … نعلم يا ربى أنه لن يعييك رغيف عيش تسوقه إليها . ولكن أعياها الذل والاحتياج . أعياها إهمال من أوكل إليه أمرها . أعياها مجتمع غليظ القلب فظ المشاعر . أعيتها أنفس شح وقلوب غلف عليها أقفالها . أعياها أناس ما بحثوا عنها . أعيتها سيارات فارهه تمر بجوار برميلها لتلقى فى جوفه بالبقايا . ثم تهيل على وجهها سحابات الغبار وظلام البصيرة .
_ ( المال مالى والفقراء عيالى والأغنياء وكلائى ) … فما رعى أغنياؤك فقراءك . وما كانوا وكلاءا على عيالك كما أمرتهم .. والثمرة العفنة فى يد السيدة تنطق بالحق ..
من كان منا من يمتلك حد كفافه فليشكر ربه . ومن كان يمتلك حد كفافه وزاد عنه . فلينفق ذو سعة من سعته . وان تبدوا الصدقات فنعما هى . ومن كان مسؤولا عن هذه السيدة فليعلم أن الله سائله يوم القيامة . فسيسأل عمر لو أن دابة لم يمهد لها الطريق . فتعثرت فزلت قدمها فطاحت . فما بالكم بسيدة مسنة لم يمهد لها طريق العيش الكريم . فذلت نفسها وجاعت … تلك سيدة أصابها الكبر وقد يكون لها ذرية ضعفاء . تلك سيدة فقيرة أحصرت فى سبيل الله . لا تستطيع ضربا فى الارض . قد يحسبها الجاهل غنية من تعففها . لا تسأل الناس الحافا . فدست رأسها فى برميل لا يرد لها طلبا . ولا يفضح لها أمرا ..
أختتم حديثى عن السيدة بقول الله تعالى وقوله الحق ( أليس الله بكاف عبده ) … نقر ونؤمن أنك سبحانك كافيها وستكفيها . فأنت الحنان المنان . فقد جعلت الدار الآخرة للذين لا يريدون علوا فى الأرض ولا فسادا . وأظنها لم تعل ولم تفسد . متكئين عندك على رفرف خضر وعبقرى حسان . يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب . وفيها ما تشتهيه أنفسهم وتلذ أعينهم وهم فيها خالدون . 
تلك هى حكمة الله فى خلقه . فهو القاهر فوق عباده . وهو القادر على أن ينزل عليها مائدة من السماء تكون لها عيدا لأول نسلها و آخره . وان يرزقها فهو خير الرازقين . ولكنه سبحانه وتعالى تركها فينا ليعلم كل من أهملها أو جار على قوتها … أى منقلب سينقلب . 
هذا عن ديننا . فأما عن دنيانا فأقول: 
ياسادة : حب الوطن حالة … حب الوطن مش شعر وقوالة … حب الوطن حاجة ما تتوجدش ف وسط ناس بتجيب غداها من براميل الزبالة ……

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock