عاممقالات

النترو .. من هم ..”5″

النترو .. من هم ..”5″
اعداد .  احمد ياسر 

النتر في العالم المادي (الجزء الثالث ) .
ذٌكرت نظرية الخلق الخاصة بمدينة عين شمس في عدة مصادر ولكن وُجدت كاملة في بعض فقرات من ضمن نصوص هرم الملك ونيس .

تروي لنا الفقرات عملية نشأة الكون كالآتي : 

 ” يا آتوم عندما جئت الي الوجود خرجت في صورة تل مرتفع , واشرقت في هيئة حجر البن-بن , في معبد العنقاء في اونو , ثم بدأ(ت) (يا) آتوم الخلق حيث قذفت سائلك المنوي في عين شمس بيديك حتي يتسني لك لذة القذف ومن هنا ولد اخ واخت وهما شو وتفنوت “

ومن هذا النص تتضح لنا اول خطوة للحركة بعد السكون الذي عم مصر بعد مجئ الفيضان .

 تكتمل الاسطورة بهروب شو وتفنوت الي مياة الازل مما دفع اتوم الي ارسال عينه اليسري للبحث عنهما وبعد اعادتها هربتا مره اخري وتكرر الامر مرة ثالثة , وبعد المرة الثالثة احتضنهما فرفع يديه في صورة علامة كا الهيروغليفية وبكي الدموع فرحاً بعودتهما فخلق البشر من تلك الدموع , وجدير بالذكر انه بعد عودة شو وتفنوت في المرة الثالثة وجدت عينه اليسري انه قد خلق عيناً اخري حلت محلها فثارت عليه وغضبت فعوضها بأن حولها الي حية ووضعها اعلي جبينه وهو الشكل الاول للصل الملكي الذي كان يرتديه الملوك المصريين فوق تاج النمس اعلي جبينهم .

 وربما هروب شو وتفنوت الي مياة الازل نون يشير الي تكرر هذة العملية علي ارض الواقع كثيراَ , حيث من المعلوم ان ان المصري القديم اذا اراد تصوير جمع شئ او تكرار حدوث شئ معين اكثر من مرتين يضع ثلاثة شرط تحت الاسم او الحدث مما يشير الي تكراره او جمعه .
 وبهذا يمكن ملاحظة الاحداث المادية التي اعتاد الاجداد القدماء رؤيتها سنوياً في اثناء فصل الفيضان والربط بيها وبين نظرية عين شمس ومنها نستشف المادية البحته لهذة النظرية ومن ثم يمكن استنتاج ان النترو التسعة ماهم الا رموز لعناصر الطبيعة كالآتي : 
تذكر نصوص الاهرامات التاسوع صراحة كالتالي : 
PsDt :
tm 
Sw tnfwt
Gb nwt
wsir nbt Ht Stx Ast
 وبهذا نري ان تم او اتوم هو رأس التاسوع فهو بمثابة النتر الرئيسي الذي به ظهر كل شئ للوجود وهو النتر الرئيسي الذي احدث تغييراً في المياة الازلية ” نون ” التي انبثق منها 
فنجد أن نون هي مياة الفيضان .
 حيث وصف المصري القديم نون بنفس الاوصاف التي وصف بها الفيضانات حيث وصفها بأنها خاوية ولا يوجد بها زمان ولا مكان ولا جوانب وتسود بها الفوضي والظلمة واللانهائية .
وهذا بالضبط ما يصف به فيضان مصر الذي يغطيها لبضع ايام .
أما اتوم فهو التل الذي ظهر فور انسحار المياة عن الاماكن المرتفعة وهو ايضا طائر العنقاء الذي اعتلي التل فور ظهوره .

اما شو فهو الهواء وتفنوة فهي الحرارة والنار ركني الربيع والصيف الذي يخلفان عن فصل الفيضان .

اما جب فهو الارض بصفة عامة واما نوة فهي السماء قرينة الارض .
 أما اوزير فهو نهر النيل الباقي بعد انحسار الفيضانات والموجود دايما وابداً طوال العام , اما نبة حت فهي الارض الجرداء التي ينبت بها ما يسمي بالنبت الشيطاني والتي يمكن ان تنبت اذا جاءتها المياة . 

أما آزة او عزة فهي الارض الزراعية الخصبة التي ترتوي بأوزير أي بنهر النيل ..
أما ستخ او ست فهو الصحراء الحمراء التي لا تستطيع ان تنبت ولا يستطيع البشر الحياة فيها . 

وهو ايضا البحر المتوسط الذي تغلب عليه اوزير بمياهه اثناء الفيضان والذي ايضا لا يستطيع الناس الشرب منه .

 ويمثل التزاوج بين اوزير ” النيل ” وعزة ” الارض الزراعية ” ميلاد حور في احراش البردي في الدلتا التي اشتهرت بخصوبة ارضها حيث رعته حتحرة ( حتحور ) البقرة المقدسة وارضعته واعتنت به .

وبزواج ست ( الصحراء ) من نبة حت ( الارض الجرداء ) لم ينتج اي شئ لذلك نجد ست عاقراً في الاساطير المصرية .

 الا في اسطورة الصراع بين حر وست نجد ان سائل ست المنوي الذي وضعه حر في نبات الخس وأكله ست وحمل منه قد نتج عنه ” جحوتي ” رمز القمر وذلك بديهي فالقمر في الصحراء هو المرشد الدائم في العصور القديمة . 

 ولكن بزواج اوزير ” النيل ” بنبة حت ” الارض الجرداء ” الغير شرعي نتج عنه ” آنبو/أنوبيس ” وهو ابن آوي او السلعوة التي تسكن الصحاري وهذا بديهي لاشتهار الصحاري بتلك الحيوانات والداعي لتقديسها هو حماية جثة الميت بدلا من أكلها لان الاجداد كانوا يدفنون موتاهم في الصحراء من اجل الحفاظ علي الجثة وتوفير اكبر قدر من الجفاف لها لحفظها .

 هذا عرض بسيط لنظرية عين شمس .وياتي الدليل الدامغ لمادية نظرية عين شمس بمقارنتها بنظريات خلق بلاد الرافدين التي بدأت ايضا بالمياة وذلك قطعا بسبب وجود نهري دجلة والفرات , ونجد ان نظريات الخلق في بلاد الاغريق بدأت بالجبال وبجبل الاوليمبوس بسبب عدم توفر انهار في بلاد الاغريق واشتهارها بالجبال .
ولا داعي لذكر ان بدء نظرية خلق التوراة في سفر التكوين هي ايضا مقتبسة من الحضارة المصرية القديمة .. أما الدليل الثاني من نصوص اهرام الملك ونيس .
هو وصف الملك ونيس بأنه الذابح والآكل للنترو , فاذا توفرت هذة الفقرة فيصح ان نترجم نترو بآلهه ام مجرد عناصر للطبيعة ؟!

أول ما سيأتي في ذهن القارئ هو ( بالطبع مجرد رموز لعناصر الطبيعة ) ..
فإني اسوق لك ايها القارئ الكريم تلك الفقرات التي يُذكر فيها صراحة ذبح الملك ونيس للنترو وتغذيته علي اجسادهم . فقد جاء في الفقرة 273 و274 : 

 انظر هو الذي يجعل الجباة تنحني أم-خيمو امسكهم بواسطة شرك من اجل ونيس انظر دجسر تب.اف كان يعرفهم وساقهم له انظر حر-ثرتو قيدهم انظر خونسو الجزار الخاص بالنترو قطع هو رقابهم من أجل ونيس وقد مزق ما في داخل بطونهم لانه هو كان الرسول الذي ارسله ليسوقهم انظر ! 

سيشمو قطعهم من اجل ونيس وقد سلق منهم في أوعية اللعب وقد اكل ونيس كلمات القدرة التي تخصهم وقد اكل ارواح كبارهم من اجل وجبته في الصباح ومتوسطهم من اجل وجبته في وقت الغروب وصغارهم من اجل وجبته في الليل وشيوخهم وعجوزاتهم من اجل أتونه .

 أنظر ! الوع ( الواحد الكبير ) في السماء قذف اللهب ضد الاواني تحتهم مع الافخاد الخاصة بكبارهم في السماء من اجل ونيس “
وهكذا يتضح ان النترو يجوز ذبحهم وسلقهم والغذاء عليهم , وهذا لا يجوز بحق أيٍ إله ولكن يجوز في حق نباتات الارض ومياة النيل ولحوم الابقار وغيرها من عناصر الطبيعة التي اطلق عليها المصري القديم اسم نترو .
ولكن من هو الوع المعني في الفقرات السابقة ؟
هل هو كبير النترو ؟ ام هو الكيان الاعظم الذي لا تدركه الابصار ولا يُعرف ماهيته ؟ .
جاء في الفقرة 176 من نصوص هرم الملك ونيس : 

أيها النتر العظيم الذي يُجهل اسمه , اجلب وجبة من النترو من اجل ونيس .
 وفي هذة الفقرة اشارة واضحة لعدم معرفة المصري القديم بإسم الكيان الاسمي او الوع / الواحد / الاحد ولا بماهيته , ولكنه أدرك انه يجوز التعرف عليه من خلال النترو او من خلال مظاهر واوجة الطبيعة , ومع ذلك لن يتعرف عليه كلياً بسبب عدم استطاعة حصر النترو , وهذا يذكرني بالآية الكريمة ” وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ” , فنعمة الله هي مظاهر تفضله علي البشر أي مظاهر الطبيعة التي تؤدي بدورها العديد من الجوانب الايجابية في حياة الكائنات الحية .

 فالوع/الواحد/الاحد هو المحرك الاساسي للكون وهو الواهب للنترو كاواتهم اي ارواحهم أي امكانيتهم في الانتاج والاستمرار , وهذا مادفع ونيس لطلب وجبة منه تكون من اجساد النترو .

ويشير جحوتي الحكيم ان النتر عا اي الكيان الاعظم لا نستطيع ابداً تخيله ولا معرفة اسمه بسبب محدودية عقولنا وطلاقة صفاته وماهيته .

 فالعقل البشري معرض ان يخطأ وان يتوهم وان ينسي , ولكن لا مشكلة من محاولة التعرف عليه من خلال النترو , فقد تجلت صفة الخفاء الخاصة به في ” آمن /امون ” وتجلت صفة السطوع والهيمنة في ” الشمس / رع ” وتجلت صفة الرحمة في ” البقرة / حتحرة ” وتجلت صفة الحكمة والضياء في ” جحوتي / طائر ايبس / قرد البابون ” ومن ناحية اخري بدونه لا يستطيع اي نتر الانتاج او الاستمرار وسيعم الفوضي وسيكون مصير الكون الفناء .


 لذلك كان علي الملك المعتلي لعرش مصر تقديم قربان ماعة او الاتساق الكوني الي النتر الرسمي للدولة وغالباً يكون آمن رع أي الاتحاد بين الخفاء والظهور او الايمان الغيبي والايمان المعقول المثبوت ويكون هدف هذا القربان هو الالتزام بمبادئ ماعة من أجل استمرار انتاجية الكون ودوامة في مقابل قمع الإسفة وهو المقابل لماعة أي الفوضي والخطايا .


أما الدليل الثالث علي ان النترو ما هم الا مجرد رموز لمظاهر الطبيعة فهو نصوص بردية ايبوير .
 وملخصها هو معاتبة الموظف ايبوير للملك ببي التاني الذي لم يستطيع التواصل مع قوي الطبيعة من اجل الإتيان بالفيضان والامطار لإنهار الجفاف الذي عم البلاد والذي دفع البشر لأكل بعضهم البعض مما يشير صراحة ان النترو كانوا مجرد ظواهر طبيعية وليسوا آلهه كما يذكر البعض .


 وتقريبا كان للنترو نفس الدور الذي كانوا يؤدونه في العالم الاول كان لهم في العالم الاخر , حيث نجد ان اوزير كان حاكم المحكمة الآخرة التي يعرض عليها الاموات , ومن ثم هو المتحكم في حقول القصب ( أليارو ) ولم اجد ابدا شيئا يسيطر علي الزراعة اكثر من الماء . 

 وبالتالي يجوز ان يكون نهر النيل المتحكم في الزراعة علي الارض هو نفسه نهر النيل المتحكم بها في العالم الاخر .
وهذا غيض من فيض .

الخلاصة : 

 الخلاصة انه لا صحة لما يُشاع ان النترو كانوا آلهة تقدم لهم العبادة والتضرع ولكنهم كانوا مجرد رموز لعناصر الطبيعة , وكانوا ينقسمون الي نترو رئيسيين ونترو ثانويين .
اما الرئيسيين فكانوا كالشمس والخفاء و نهر النيل والارض الخصبة الزراعية والسماء والارض والحكمة وغيرهم .
اما الثانويين فكانوا كالقوة والامومة والموسيقي والفن ورعاية الامومة والطفولة .. الخ .
 وأن الوع او الواحد الاحد وهو الغير معلوم اسمه هو المحرك الرئيسي لكل هؤلاء النترو , اذ تعد النترو مجرد تجليات لصفاته التي تجسدت في الطبيعة , اذ انه لا حصر لتجلياته ولا عدد لها . 

 وكانت القرابين تقدم من أجل طلب انتاج واستمرار انتاجية كل نتر من الوع , فلم تكن عبادة ولم تكون ألوهه .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock