مقالات

فن العمارة الدمشقي حلق خارج أسوار دمشق

 ريمان قصص

هذه التحفة الفنية الدمشقية في أوربا التي لا تقدر بثمن

هي عبارة عن مبنى للسفارة السورية السابق في ” بون ” وقد بيعت للألمان

بمناقصة بمبلغ مليونين ونص يورو فقط !!!

تبلغ مساحة هذه التحفة 4000 متر مربع و قد تم جلب 40 فناناً سورياً بين عامي 1989 و1990 إلى بون من أجل تنفيذ كل تفاصيل المبنى الفنية المصنوعة يدوياً، استغرق العمل عليه 11 شهراً.

الجدير بالذكر أنه بعد بناء هذه السفارة صنف بعض المستشرقين هذا المبنى

أنه أهم مبنى للعمارة الدمشقية في العصر الحديث في أوربا حتى أنه أسماه البعض

بحمراء العصر الحديث من حيث الأهمية المعمارية والفنية التي تضمنها

             تم تصميم وتنفيذ هذه الأعمال كاملة في دمشق

يذكر أن مؤسسة الخياط للديكور والزخارف الشرقية بالتعاقد مع السيد السفير سليمان حداد حينها وهي مؤسسة لأربعة اخوة شركاء من أحفاد” أبو سليمان الخياط “ المشهور عالميا وتاريخيا و كلفوا مباشرة بالتصميمات الداخلية

وقام فريق من ٦ مهندسين على رأسهم محمد فايز الخياط ووضعوا تصاميم لكل الزخارف الخشبية و الرخامية الارضيات والنوافير و وحدات الإنارة من ثريات وقناديل نحاسية مطعمة بالزجاج اليدوي المنفوخ

وقد قاموا بتنفيذها بعد موافقة السفير عليها ونفذت كل هذه الأعمال بدمشق في ورشات ومكاتب المؤسسة كما أضيفت بعض القطع من الأثاث المصدفة والتي كانت مهملة من قبل في مخازن السفارة

وقد سافر الفريق إلى العاصمة بون وهو طاقم التركيب والتشطيب من مؤسسة الخياط وباشروا العمل هناك.

               للأسف بيعها خسارة معنوية ومادية

تاريخنا العريق منتشر في كل العالم والحرفيون السوريون يخلدون أعمالا غاية في الجمال والإبداع

والأهم أن نحافظ عليها ودعوة لمحبي سوريا أن يفعلوا شيئاً لعدم التفريط بتراثنا وآثارنا

ولقد تم نقل السفارة من بون إلى برلين من فترة زمنية طويلة

وحتى لا تبقى مهجورة فضلوا بيعها لأن النشاط الدبلوماسي أنتهى في بون …

إضافة لذلك أن تكلفة الصيانة والضرائب صعب تحملها في وضعنا الحالي …

فعلاً بيعها خسارة معنوية فضلاً عن خسارة مادية لأن تكلفة إنشائها في ذلك الوقت كان باهظاً جداً …

أبو سليمان الخياط يستحق لقب مايكل انجلو العرب وبكل جدارة

أبو سليمان الخياط الذي ورث احفاده هذا الفن عنه فقدموا هذه التحفة المعمارية؟

في إحدى المرات زار مهندس إيطالي شهير مدينة دمشق، وعندما شاهد أعمال “أبو سليمان “وقف مذهولاً، هل هناك عندكم في سوريا من يستطيع إبداع الفن هكذا …!!؟؟؟

هذا ما قاله المهندس الإيطالي الشهير وهو يرى أعمال أبي سليمان بذهول وخاصة عندما علم أن أبا سليمان لم يتعلم هذا الفن بأي مدرسة بل تعلمه من آبائه ومن عبقريته الفريدة.

وعندما توقف هذا المهندس أمام قبة البرلمان التي أبدعها أبو سليمان قال: يا إلهي … يستحق هذا الفنان السوري لقب “مايكل انجلو العرب” وبكل جدارة ..

أخذ “محمد الخياط” مهنته عن عائلته وابدع فيها، واهتم بأنواع الفنون والزخرفة على مواد مختلفة، مثل: (الخشب، والرخام، والحجر)،

كان موهوباً في تصميم القطع الفنية في مخيلته، وإنجازها على أرض الواقع، ولعل أهم إبداعاته الكسوة الخشبية الداخلية للقاعات في البيوت الدمشقية، وتقديم الأثاث المناسب لكل قاعة، فكل ما احتاج إليه في إبداعه بضع أدوات بسيطة، فاستطاع أن يذهل العالم.

درس أنواع الفنون وتطورها عبر العصور، وكان يخالط العلماء والفنانين وتربطه علاقة جيدة بـ”أبي الفرج العش”، حيث كانت لهما جلسات طويلة اطَّلع من خلالها على مختلف القطع الأثرية وتاريخها وأسلوب تصنيعها وميزاتها، وأنواع الزخارف العربية عبر العصور “الأموية، والعباسية، والفاطمية، والأتابكية، والأيوبية، والمملوكية، والعثمانية”.

 تخرجت من بين الأخشاب هذه هي المدرسة الوحيدة

التي تعلمت فيها هذا الفن

وعلى الرغم من أن الفنان “الخياط” أميّاً لم يتعلم القراءة والكتابة، إلا أنه يعدّ أحد المبدعين ، حيث أبدع في التصاميم الهندسية معتمداً أسلوب الخيط العربي الذي يرتكز أساساً على الدائرة، يرسم داخلها مربعاً أو مثمناً أو مثلثاً، وتنبعث منها أشكال هندسية مختلفة، وتشكيلات نباتية وكتابية، ثم يقوم بعملية ترسيب الجصّ على الخشب لإبراز العناصر الزخرفية. وكان يجيد اختيار الألوان والصبغات الطبيعية ويمزجها لإخراج اللون المطلوب، ثم يجري عمليات الدهان والتذهيب وتحديد الزخارف بالأسود أغلب الأحيان.

وكان يقول دائماً: ( لقد تخرجت من بين الأخشاب.. هذه هي المدرسة الوحيدة التي تعلمت فيها هذا الفن،

استحق وسام الاستحقاق السوري الذي منحته إياه

وزارة الثقافة عام 1960 تقديراً لدوره التعليمي

في عام 1920 ذهب إلى لبنان كي يشرف ويعمل بنفسه على إصلاح و تزيين القصر التاريخي المشهور “بيت الدين”، حتى أصبح هذا القصر تحفة فنية.

و في عام 1928 حين بدأ بإنشاء دار البرلمان السوري (مجلس الشعب) على أنقاض المسرح العثماني جناق قلعة، كانت ورش أبي سليمان تعمل ليلاً و نهارا في تزيين قاعة المجلس الرئيسية وفرشها بالأثاث، (استغرق العمل فيه نحو سبع سنوات) . ومما زاد من إبداع أبي سليمان وأعطى قاعه البرلمان العظمة والروعة هي قبة البرلمان والثريا المدلاة من منتصف هذه القبة، التي ابتدعها بفكره الخلاق وأنامله البارعة

أما الخيط العربي الذي ابتدعه أبو سليمان لتزيين البرلمان فقد شغله بالحديد والنحاس والخشب على أشكال هندسية مضفورة

وعندما قُصف هذا البناء من قبل المستعمر الفرنسي يوم 29 أيار عام 1945 وأتلفت زخارفه ساهم أبو سليمان بترميم البرلمان السوري وإعادة الزخارف إلى ما كانت عليه..

وفي عام 1937 أنيط بأبي سليمان أعمال الزخرفة العربية داخل وخارج مبنى مؤسسة عين الفيجة، فقام بإنشاء قاعة شامية أثرية كبيرة في الطابق الثاني من المؤسسة عندما نقل قاعة قديمة من دار أسرة (سقا أميني) يعود تاريخها إلى عام 1796 م إلى هذه القاعة وأعاد ترميمها وزخرفتها فجاءت آية في الجمال والروعة.

وفي عام 1944 كُلّف بالعمل في قصر العظم التاريخي بدمشق فقام بترميمه وتزيينه بالحفر والنقش على الطريقة الفاطمية والعباسية، وذلك بإشراف العالم المشهور(دلوره).

و في عام 1954 أضيف إلى بناء المتحف الوطني بدمشق جناح من جهة الشمال، أطلق عليه اسم القاعة الشامية لاحتوائه على خشبيات ورخاميات مأخوذة من منزل رئيس الوزراء السوري السابق جميل مردم بك، وكُلف أبو سليمان بإعادة تركيبها وترميمها وإضافة أجزاء كثيرة إليها صممها ونفذها بنفسه..

• وقد اشترى الملك سعود العديد من القطع الفنية له،

• وكذلك الملك حسين اشترى أيضاً مجموعة أرائك،

• وقام بصناعة طقم مكتب لإمبراطور ألمانيا غليوم،

• ومجموعة قطع أثاث فاخر للعديد من الشخصيات في كل من فرنسا وإنكلترا وإيطاليا والولايات المتحدة الأميركية..

وكانت وزارة الثقافة قد منحته وسام الاستحقاق السوري في عام 1960 م قبل وفاته بأشهر معدودة، تقديراً لدوره التعليمي الذي تمثل بتخريج جيل كامل من المزخرفين المبدعين الذين نشروا فن الزخرفة الشامية في دول العالم.

اقرأ المزيد على موقعنا

إذاعة دمشق أيقونة الشرق بقلم ريمه السعد

ستشرق الشمس بقلم :بسمة عبيد

وحدها دمشق تستحق العشق

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock