أدم وحواء

حياتنا إلى أين تسير

وصرنا في زمن تجردت الأمومة والأبوة من معانيها السامية واختزلت في أكل ملون ولباس غالي الثمن وصورة مثالية يتم عرضها على صفحات الفيس بوك يوميا ، فنجد ‏أم تراقب كل مواقع التواصل و لا يمر منشور او موضوع إلا ووضعت بصمتها ولكمتها وطول لسانها عليه حتى يقال إنها مثقفة وواعية وزوجها يعطيها الحرية وهي امرأة عصرية … ولكنها لا تدري ماذا يوجد في بيتها وهل لها بصمة في سكينته ومودته؟ هل تعلم مشاعر أطفالها ؟ هل لاعبتهم وعلمتهم عقيدتهم ودينهم وحمتهم من سهام العفن الفكري والتشوه المعرفي . هل عرفت احتياجاتهم وأشبعتها؟ …..هل تعرف ابنها او ابنتها المراهقة ماهي احتياجاتها ومن تصاحب ومع من تخرج ….انصدم كثيرا عندمأ تأتيني أم شاكية باكية بعد فوات الأوان من ضياع ابنها اقول لها متسائلة أين كنت قبل ذلك ؟

تقول لم اعرف لم تظهر لي شئ…عزيزتي الأم لو كنت تتابعين أسرتك في كل شاردة وواردة كما تتابعين مواقع التواصل والأفلام والمسلسلات ستلاحظين التغيير ….أعجب لأم تعرف اللون المفضل للفنانة الفلانية و الفنان الفلاني يحب كذا وتزوج وأنجب وتطلق ووووو….لو تهتمين لأسرتك كما تهتمين لمواقع التواصل ومواقع التوافه لعرفت ولاحظتي التغيير. ولكن للأسف التربية صارت رعاية ورعاع وتملس من المسؤوليات ورمي الأطفال لدور الحضانة والمدارس الخاصة حتى دون معرفة ماذا يقدم لطفلي وبأي طريقة وكيفية وهل يتناسب مع المرحلة العمرية ام لا ……

و أب يهتم بكل مشاكل العالم السياسية والاحتماعية والاقتصادية وحرب روسيا واوكرانيا ومشكلة الحوثيين ….والإخوان …. والجوع في الصومال ..والافغان والسلفيين …. ويحلل ويصرخ ويخطط ويزبد ويزمجر … وينظر ويتابع كل الأحداث اليومية والأسبوعية وهو لا يعلم ماذا يدور في بيته…. ولا حتى في أي مستوى دراسي يدرس ابنه ..ومن يصاحب…. ولا يستطيع تحليل الجفاف العاطفي والروحي في بيته والتصحر النفسي والفشل الفكري والانحراف الديني والعقائدي الذي صرنا نراه على الأجيال…

وكل واحد أو واحدة منهم آخر اليوم يحط صورة مائدة ملونة ومبهرة إلا أنها خلت من كل ماهو حب وعطف واحتواء ..وبجانبها طفل يلبس ملابس باهضة وابتسامة فرضت عليها لتزين الصورة وتنشر على صفحات السوشل ميديا ويعلق الجميع واو…….وووو… بصحتكم ..ياسلام يصفق أخرون ..ويتحسر آخرون وآخريات ..

ويتضخم الأنا الزائف ….وتنطفىء الأضواء وتلتهم تلك الأكلة وتئن البيوت في صمت ……

إلى اين نسير؟.. ..

بقلم د.فتيحة بن كتيلة 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock