عاممقالات

“غزل البنات ” آخر أعمال الضاحك الباكي “نجيب الريحاني”


"غزل البنات " آخر أعمال الضاحك الباكي "نجيب الريحاني"

كتبت إيناس رمضان 

“مات نجيب الريحاني مات الرجل الذي اشتكى منه طوب الأرض و طوب السماء إذا كان للسماء طوب، مات نجيب الذي لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب ، مات الرجل الذي لا يعرف إلا البحبوحة في زمن البخل والشح…..مات الريحاني في 60 ألف سلامة….. 
بهذه الكلمات رثى الريحاني نفسه قبل وفاته في 8 يونيو 1949 ب 15يوم وكأنه أراد أن يودع العالم كله وأن يعبر عن نفسه في سطور رحل بجسده ولكنه ظل خالدا في الأذهان رغم الرحيل.، رحل ريحانة السينما المصرية وسط ذهول الجميع بعد إصابته بالتيفود وقد رثاه عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين ، والملك فاروق والزعيم الراحل أنور السادات. 

كانت آخر أعماله الفنية فيلم “غزل البنات” والذي توفي أثناء تصويره وشاركته البطولة الفنانة ” ليلى مراد” والفنان يوسف وهبي و الموسيقار محمد عبد الوهاب وتم عرضه بعد وفاته بثلاثة شهور وبالتحديد في 19 سبتمبر 1949.

"غزل البنات " آخر أعمال الضاحك الباكي "نجيب الريحاني"

قام كلا من مخرج الفيلم الفنان أنور وجدي و محمد عبد الوهاب بزيارة قبره ووضعا عليه الزهور والورود في أول يوم عرض فيه الفيلم.

هذا وقد قررالفنان أنور وجدي أن يكون العرض الأول للفيلم قاصرا على السينما المقابلة لأحد المقاهي الكائنة بشارع عماد الدين والتي كان الريحاني يعتاد الجلوس عليها تخليدا لذكراه وليس هذا فقط وإنما قام بإحضار نصف تمثال للفنان الراحل واستمر عرض الفيلم فترة طويلة بالسينما. 

“أسانسير الإيموبيليا “يشهد ميلاد غزل البنات

صرحت الفنانة ليلي مراد في إحدي الحوارات أنها تقابلت مع الفنان نجيب الريحاني في أسانسير الإيموبيليا حيث كانت تجمعهما الجيرة وقال لها الريحاني “يا بنتي أنا نفسي أعمل فيلم معاكي قبل ما أموت” و عرضت الفكرة علي زوجها الفنان أنور وجدي الذي رحب جدا بالفكرة حيث أدرك بذكائه كمنتج قيمة العمل الفني عندما يتربع على عرش البطولة العملاق نجيب الريحاني والعائد المنتظر منه ، هكذا أسرع بكتابة فيلم “غزل البنات ” وعرضه علي الريحاني الذي استعان بالفنان بديع خيري لقراءة السيناريو وتم تعديل بعض الأجزاء فيه ووافق عليها أنور. 
رشح الريحاني الفنان يوسف وهبي و الموسيقار محمد عبد الوهاب كضيوف شرف لجذب الجمهور. وقد وافق يوسف بك بينما رفض الموسيقار الكبير لأنه كان قد اعتزل التمثيل في ذلك الوقت ليأتي رد ليلى مراد بكل دلال “إحنا عايزين حضرتك تغني يا أستاذ” فيستجيب لها موسيقار الأجيال. 

"غزل البنات " آخر أعمال الضاحك الباكي "نجيب الريحاني"


غزل البنات تاريخ ميلاد نبيلة السيد وهند رستم 


الطفلة ذات العشرة أعوام التي ظهرت مع الريحاني في أحد المشاهد داخل الفصل أصبحت فيما بعد الفنانة الكبيرة “نبيلة السيد” 
بينما ظهرت الفنانة القديرة “هند رستم “بنت 17 ربيعا آنذاك في مشهد” ادلعي واتميلي يا خيل “وهي تركب أحد الخيول في دور كومبارس صامت وكان من المقرر أن تظهر في مشاهد أخرى كصديقة للبطلة ولكن مخرج الفيلم استبعدها لصغر سنها. 
جمع هذا الفيلم بين مجموعة كبيرة من العمالقة الذين حفروا أسماءهم بحروف من ذهب في الوسط الفني ولذا حقق نجاحا منقطع النظير بإيرادات خيالية واستحق أن يحتل المركز التاسع في قائمة أفضل 100 فيلم في السينما المصرية. 

مشهد محفور في ذاكرة السينما المصرية 

فيلم غزل البنات له طابع خاص وأثر بالغ في ذهن المشاهد وبالأخص ذلك المشهد الذي جمع بين ليلى وحمام في فيلا “يوسف بك” كلما شاهدت دموع أستاذ حمام ينتابك شعور لا تتمكن من وصفه صدق نظرات الريحاني في ذلك المشهد تجعلك تشعر بنبضات قلبه ترى بماذا كان يشعر في تلك اللحظات؟! 
لا أحد ينكر أنه ممثل بارع ولكن أغلب الظن أن هذا المشهد لم يكن تمثيل ولكن كان تجسيد لواقع لم يشعر به سواه كانت دموعه حقيقية لم يودع بها الفن فقط وإنما ودع بها العالم بأكمله رحل الغائب الحاضر رحل العملاق الضاحك الباكي الذي بكى الجميع علي رحيله. 
وقالت ليلى مراد تعليقا علي هذا المشهد أنها كانت تبكي كلما بكى الريحاني فكانت تشعر بداخلها بدنو أجله وأنها ستفقده إلي الأبد ولجأ أنور إلي تغيير نهاية الفيلم بتلك النهاية المفتوحة في مشهد صامت للفنان الراحل. 

أختم مقالتي كما بدأتها بكلمات الصديق الحميم والأخ العطوف والأب الحنون وابن الأصول امبراطور الكوميديا الراقية والذي رغم مرور ما يقرب من سبعة عقود على رحيله إلا أنه ما زال حيا لأنه إنسان قبل أن يكون الممثل الفذ والفنان العبقري. 


"غزل البنات " آخر أعمال الضاحك الباكي "نجيب الريحاني"


صديقي الوحيد هو عملي 


هكذا اختتم الريحاني إحدي مذكراته قائلا : «والآن، بعد أن تذوقت من الحياة حلوها ومرها، وبعد أن جرعتنى كأسها حتى الثمالة كما يقولون بعد ذلك كله أقر واعترف، أنا الواضع اسمى بخطي أدناه نجيب الريحانى، أننى خرجت من جميع التجارب التى مرت بى، خرجت منها بصديق واحد، صديق هو كل شىء، وهو المحب المغرم الذي أتبادل وإياه الوفاء الشديد والإخلاص الأكيد.. ذلك الصديق هو عملى”….

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock