شعر وحكاياتعام

الوريث


الوريث



قصة قصيرة
    عبد العزيز موسى


خطواته ثقيله بالكاد يرفع قدمه ويضعها حيث لا يريد لها ان تصطدم بشئ ايا كان فلا تحرك حجرا من مكانه ولاتكسر غصنا جافا من هذه الاغصان الملقاة على الارض.رغما عنه تزداد خطواته ثقلا وتسرى البرودة فى انحاء جسده وتتوغل الى ما اسفل جلده حتى تصل الى روحه وتتسارع انفاسه كلما اقترب من المكان المنشود .عاينه فى الصباح وتأكد من الاسم المكتوب  والتاريخ ..ايعقل انه فى هذه الساعه وحيدا الا من ساكنى هذا المكان وصوت عواء الكلاب الذى يحيط به دون ان يدرى مصدره وهذه الظلال تتراقص فى ضوء القمر كأنها أشباح تنوى الانقضاض عليه والتهامه  .
كلما دار فى خلده ان اهل القريه يوشك بعضهم للخروج لصلاة الفجر تفزعه تلك الفكرة خاصة عندما يفتقدونه اليوم فى المسجد وماذا لو رأوه هنا أمام مسجدهم يترك وظيفته ليعبث فى المقابر وينتهك حرمة امواتهم ..تبا لهم ولهذه القبور التى تعمدوا ان تكون صعبه النبش بهذه الاسلوب للدفن …عليه ان يبدأ فى ازاحه التراب الكثيف الذى يغطى القبر ثم يواصل الحفر وصولا لقطع من الخشب او الحجر العريض ثم ماذا ؟؟
جثتها !!؟
الديك القدرة فعلا على اخراجها ؟
تسائل وهو يتذكر مشهد دفنها بعد ان صلى عليها هو مع اهل القريه ..ودعا لها كثيرا وواسى أبيها واخاها ..من لايحزن لموتها شابه فى العشرين كانت تستعد لزفاف قريب ..يحبها الجميع لايتذكر ملامحها لانها لم تكن تخرج من البيت كثيرا كعادة بناتهم فى هذه السن وقد استطاع ان يلتزم بهذه العادات رغم انه لاينتمى لهذه القريه الا بحكم وظيفته ..أماما للمسجد يبتسم رغم هول ما يصنع لم تشفع له شهادته ولا علومه فى ان يلتحق بوظيفه مناسبه وهاهو يرضى بما وجد نفسه مرغما على مواصلته ..امتدت يده الى الكفن الذى يسترها جرها برفق الى الخارج قليلا ساعده نحولها وتآكل بعضا من جسدها بفعل هذه المده التى مكثت فيها بالقبر روحه تصارع فى الخروج مع سيل من القئ الذى نتج عن وصول الرائحه الى انفه وارتطام يده بسائل لزج يسيل بجانب الكفن ..كان عليه ان يزيح الكفن عن منطقه البطن ويشقها برفق ثم تمتد يده ليخرج ذلك الجنين الذى لايعلم كيف حصلت عليه وكيف بقى حيا حتى هذه اللحظه ..كان عليه ان يخرجه بسرعه ليعيد القبر الى ماكان عليه وينصرف بسرعه ليلحق بالموعد الذى ينتظره تكاد الساعه تصل الى الثالثه وخمس عشرة دقيقه تماما كما اتفق فى هذا اليوم الخامس عشر من شهر مارس الشهر الثالث فى ترتيب العام ..لم ينتبه عندما طالعت عينه هذا الرقم كان الرقم ثلاثه ثم نقطه ورقم خمسه عشر..تسائل عن تفسيره عن معناه وهو يراه كل ليله قبل ان ينام مرسوما على سقف حجرته وعلى الجدران حتى عند استيقاظه كان يقرأه ..كل ذلك بدأ بعدما خرج من بيت الفتاه صاحبه القبر .يذكر ان ابيها استدعاه ليقرأ عليها شيئا من القران يؤمنون بالمس وبتلبس الجن لبنى ادم لم يكن يصدق لكنه بعد هذه الليله صدق بل صار جزءا من هذا الامر..لم يستطع بكل ما يحفظه من ايات السحر وطرد الجن ان يستخرج منها هذا الشئ بل ان الامور خرجت عن سيطرته وصار نوباتها اشد وصراخها اعلى قبل ان تصيبها الحمى بعد ايام قلائل ثم تموت..ظل عاجزا عن التفكير حتى ظهرت هذه الارقام ولمعت فى الظلام عينا هذا الزائر الغريب لو ان كل مخاوفه السابقه اجتمعت فى شخص او فى ما بدا انه شخص ما كانت لتكون بهذا الهول الذى راه هل هذا هو وجه الشيطان كما يتخيل ام ان خوفه وفزعه هو من صور له هذا الوجه الذى يشبه قطعه من الجمر المتقدة تتراقص السنه اللهب فى ما يمثل انها شعره بينما يمتلك عينان حمراوان مشقوقتان طوليا من المنتصف وبصوته الذى يأتى من بئر عميقه مختلطا برفيف اجنحته الناريه التى حجبت عنه السماء فكأنه سد االافق بها هل هى الف جناح او اكثر لايدرى كل ما يعرفه انه سقط مغشيا عليه ثم تكرر هذا الحضور حتى وجد فى نفسه شيئا من الشجاعه ليسأله _من انت؟
_انا خادم السيد
_سيد من؟
_لا يعنيك..لاتسال كثيرا ايها الانسى.
فماذا تريد؟
_انت الذى استدعيت السيد ..
_لم استدعى احد
_بل فعلت استدعيته لتخرجه من جسد الفتاه …اتذكرها انت الذى تسببت فى كل هذا..
قتلتها قبل ان يسترد السيد منها ما منحه لها.
_لا افهم ماذا تعنى ولا اريد ان افهم ..اريد ان ينتهىكل هذا فقط
هذه الارقام التى تظهر لى فى كل مكان هذا ال….
_الارقام هى موعد حدده السيد لمهمه ستقوم بها ..بلا تردد والا كانت النتائج لاترضيك.
_اى مهمه تلك واى نتائج .
صمت رهيب بعد ان اختفى هذا الشئ كما يقول خادم السيد لايعنينى الخادم ولا السيد وعن اى مهمه يتحدث؟؟
لم يتوقف الامر بعد هذا اللقاء على ظهور الارقام فقط بل تعداه الى امور اخرى كثيرة اهمها هذه الحرائق التى بدأت تشتعل فى بيوت القريه بيتا تلو الاخر تقريبا فى نفس التوقيت الثالثه وخمسة عشر دقيقه..استمرت ثلاثه ايام بلا سبب بلا دافع حتى ان التحقيقات التى أجريت لم تتوصل الى فاعل او الى مسبب للحريق.. كان البيت المحترق كما يروى سكانه يرون النيران تبدأ من خزانه الملابس واخر يقول انها بدأت بشق فى الحائط وثالث يروى انها خرجت هذه المره من صنبور المياه عجائب يروونها ..واصابهم جميعا الرعب الكل ينتظر هل هذا دوره فى الحريق ام ان عليه الانتظار بهذا القلق والترقب الذى لاينتهى البعض غادر القريه وكنت سأغادر انا ايضا لولا ان جائنى زائرى السابق مرة اخرى جاءهذه المرة وهو يبتسم ابشع ابتسامه رأيتها لم يكن يملك اسنانا كما كنت اتصور لكنها رؤس ثعابين تطل من فمه لها فحيح غريب يختلط بصوته الهادر وهو يقول لى 
_حان الموعد؟ لتتم مهمتك.
_سألتك سابقا اى مهمه واى موعد
_هل تريد لكل هذا ان ينتهى ؟؟ الارقام والكوابيس والحرائق
_الحرائق؟ هل تقصد انك انكم انتم المتسببون فى اشعالها؟
_نعم ولدينا القدرة على حرق القريه بأكملها بل العالم اذا لم تتم مهمتك فى موعدها..ان اردت ان تتوقف الحرائق ويعود السلام للقريه واهلها عليك ان تسمعنى جيدا؟
_هات ما عندك لم اعد استغرب شيئا بعد كل ما رأيت.
_جيد انت الان تفهم وتطيع ..
_ان كان فى طاعتى سبيل لأنتهاء هذه المعاناة انا مستعد .
_ابن السيد كان فى رحم الفتاة التى ماتت بالحمى ..الحقيقه لم تكن حمى ..كان يجب ان تموت قبل ان يرى الناس حملها فى ابن السيد..لو علمو لقتلوها وقتلوه ..
_لكنها ماتت؟
_لم تمت اصابها السيد بمرض يشبه الموت حتى تدفن بعيدا عن اعينكم وينمو السيد فى ظلام القبر الى ان يحين موعد ولادتها.
_عجيب وهل يعجز السيد عن حمايتها وحمايه ابنه كما تقول ..ان كان قادرا على فعل ما قلت الان.
_بالعكس يقدر لكن لانها انسيه كان عليه ان يصبر كما تحمل وتلد بنات الانس ..لذلك لم يكن من سبيل الا هذه الطريقه …لان ابن السيد هو سيد مملكه الظلام القادم…وريث عرشها المنتظر كان لابد ان ينمو بين عالم الاحياء وعالم الاموات…
_وما دورى انا فى هذا الامر.؟؟
_انت ذهبت للفتاه اردت ان تخرج منها المس الذى حدثوك عنه ولم يكن مسا بل كانت روح احدى زوجات السيد سكنتها قبل ان تموت لتكمل حياتها فى جسد فتاتكم وتمنح مملكتنا وريثها وملكها ابن السيد سيد الظلام…انت اغضبت السيد لانك كدت تحرق روحها وتقتل جنينها لذا كان تصرف السيد على النحو الذى ذكرت ليحميها ويحمى وليدها.
_وما مهمتى تلك ؟
ستذهب فى الخامس عشر من هذا الشهر فى الثالثه وخمس عشرة دقيقه فجرا لتستخرج ابن السيد من قبر الفتاه…
_لا لالا لن افعل هذا الجنون ..
_هذه مهمتك اما ان تنجزها او يستمر هذا الذى تراه بل سيكون اشد واقسى اذا فوت الموعد ..
_لكن ….
هذه مهمتك ..امنحنا ابن السيد نمنحكم السلام.
لاتنسى الموعد ولا تتأخر…
وهاهو السيد او ابن السيد فى يدى استخرجته لأعطيه لهذه الكائنات التى وجدت نفسى متورطا معها فى هذا الامر .
هل سينتهى هذا الكابوس فعلا وتلك الارقام اللعينه وهذه الحرائق وينعم اهل القريه بالسلام ام انها بدايه كابوس افظع بهذا السيد الجديد وريث عرش مملكه الظلام .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock