أدم وحواء

تجربة موت… و فيروس السعار

كتبت إيناس رمضان

فتاة عشرينية شغوفة بالرفق بالحيوان تعطف على قطط الشوارع الرضيعة تواصل رعايتها حتى تتمكن من إيجاد من يتبناها وحينئذ يطمئن قلبها أنها أدت مهمتها اتجاهها على أكمل وجه لتبدأ جولتها من جديد يدعمها أفراد أسرتها ولكنها تتحمل المسؤولية كاملة يدفعها إحساسها وإنسانيتها للاستمرارية دون توقف شعورها بالامتنان لله منحها قلب مرهف يقوي من عزيمتها..

وفي أحد المرات خلال إنقاذ أحد القطط الرضيعة وأثناء محاولة إطعامه وبالرغم من اتباع كافة إجراءات الحماية كما اعتادت يرفض القط الاستجابة لها، كما تلاحظ أنه يبدو كارها للضوء، لديه رهاب الماء والفتاة لا تنتبه لخطورة تلك الأعراض وتحاول مرارا وتكرارا إلى أن يهاجمها القط الرضيع ويغرس سنته في اصبعها تبدو الإصابة بسيطة أشبه بشكة الدبوس يصاحبها ظهور دم طفيف ..

تصاب الفتاة بالذعر تسرع بغسل اليد والتطهير السريع لأصبعها.

ولكن هل هذا كاف ؟هل أصبحت الفتاة في أمان؟

تخبر والدتها، فتطرق جميع الأبواب وتتباين الآراء ما بين الاكتفاء بما تم من إسعافات أولية وآخر بضرورة الإسراع والتوجه إلى أقرب مستشفى لأخذ التطعيم الوقائي…

أيهما على صواب ؟ لا أحد يدري!!!

يا لنا من جهلاء بتلك الأمور رغم الشهادات والمناصب…

تلهث الأم ويتعثر فكر الأب كلاهما في حيرة من أمرهما إلى أن يلهمهم الله سبحانه وتعالى الأخذ بالأسباب والتوجه إلى أحد المستشفيات الحكومية وأخذ المصل للوقاية من الإصابة بالسعار وهناك يقر الطبيب بضرورة أخذ المصل مع جرعة مكثفة من التطعيم حيث أن الإصابة باليد اليسرى وهي أقرب إلى المخ وقد تؤدي إلى تلف خلاياه والوفاة في حالة ما إذا كان الحيوان مصاب بالمرض لأن فيروس السعار يتواجد في لعاب الحيوان وليس له علاج..

مع التشديد بالانتظام في أخذ الجرعات كاملة بجدول محدد المواعيد على مدار شهر بداية من تاريخ الإصابة..

ثم بدأ الطبيب في سرد الأعراض التي تظهر على الحيوان إذا كان مصاب بالسعار ومنها رفضه الأكل والشرب والإصابة بالذعر وخشية الإضاءة ورهاب الماء وفي الغالب وفاة الحيوان وتعرض الشخص الذي تعرض للخدش أو العقر إلى الوفاة أيضا في غضون شهر من الإصابة في حالة ما لم يتم أخذ المصل فور الإصابة ، أو سرعة إسعافه ووضعه على جهاز التنفس الصناعي إذا لزم الأمر وظهرت عليه الأعراض لأن خطورة الفيروس تكمن في إصابة الأعصاب مستهدفا المخ.

يتابع الوالدين في ذهول صامتين فكل تلك الأعراض تنطبق على هذا القط ويزداد الأمر سوءا وبؤسا حين تجد الأم القط متوفيا في اليوم التالي…

تنهار الأم داخليا ،تخفي خبر وفاته عن الجميع، لتحيا كالمومياء خوفا على فلذة كبدها يتساءل الجميع عن سبب صمتها ،فلا تجيب ويمر اليوم عليها دهرا وتعيش أسوأ 30 يوم في حياتها..

ليس لها سوى الله لتبث شكواها ومخاوفها له وحده تدعوه راجية بقلب أم مكلومة أن يعفو عن ابنتها الوحيدة التي لا ترجو من الدنيا سواها ، لم تعد تذق جفونها النعاس رغم أنها تستودعها الله ولكن مهما كانت درجة إيمانك هناك لحظات وهن يصعب مقاومتها …

تقترب الأم من أبنتها وهي نائمة تطمئن لنبض قلبها وكأنها تستنشق أكسجين الحياة ليظل قلبها نابضا ..

لم تكن تلك المحنة الوحيدة في حياة تلك السيدة فقد كانت الابتلاءات تحاصرها ، أدركت أنها في منحة ربانية، داومت على مناجاة ربها، وجهاد النفس راضية محتسبة أجرها عند الله .

ينقضي الشهر وتتنفس الأم الصعداء بعد أن ذاقت مرارة الموت وحلوة الحياة يوميا وتنجو الفتاة بفضل الله ..

أعزائي انتبهوا مصل الكلب ضرورة قصوى في حالة التعرض لأي إصابة ولو طفيفة من خدش أو عقر من أحد الحيوانات كالقطط أو الكلاب أو الفئران وكذلك من القرود والثعابين ولحظتها يجب التوجه إلى أقرب مستشفى لأخذ الجرعات والمصل عبارة عن 5 جرعات من الحقن يتم تناوله خلال 28 يوما بهذا التسلسل بداية من يوم الإصابة ، ثم اليوم الثالث، يليه اليوم السابع، ثم اليوم الرابع عشر، والجرعة الخامسة في اليوم الثامن والعشرون و بعض الحالات تحتاج إلى جرعة سادسة حسب تقييم الطبيب وعليك أخذ جميع الجرعات لأن الإهمال يؤدي حرفيا إلى الوفاة حتى إذا كان حيوانك الأليف…

انتبهوا أرواحكم وأرواح أبنائكم أمانة، فصونوا الأمانة وساهموا في نشر الوعي…

حفظكم الله..

من الحياة…

بقلم إيناس رمضان

اقرأ المزيد المجرى المبروكة في إدكو “العالم يبحث عن علاج الأوبئة ونحن نتداوى بمياه المجاري

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock