عاممقالات

( الكلام علي ايه ؟ )



بقلم: رانيا الرباط

تتعالي الصيحات التى تصل إلي حد الصراخ في الكثير من الأحيان تنديداً ورفضاً لنظام الثانوية العامة الجديد؛ وحقيقة الأمر أن لكل من الطرفين الحق في وجهة نظره التى يستميت في الدفاع عنها بشكل يغرقنا -كما هى العادة والطريقة التى أصبحنا ننتهجها منذ اندلاع ثورة يناير- في سلسلة لانهائية من عشوائية الفكر وفوضوية المعالجة فتتداخل الأصوات وتعلو بطريقة تصم الآذان يقف كل طرف فيها أمام الآخر واضعاً يده علي أذنيه رافضاً حتى مجرد السماع أو التفكير فيما يثار من أفكار لاغياً حاسة من أقوى حواس الأنسان التى تظل باقية حتى بعد وفاته لأكثر من أربع ساعات مفسحاً المجال لشهوة الكلام التى يتم فيها إرخاء الحبل لعضو قال عنه رسول الله صلي الله عليه وسلم أن حصاده يكب الناس علي وجوههم في النار ألا وهو اللسان. جدال ولغط يعلو ويجعلنا وسط توهتنا نتوقف للحظة منتبهين متسائلين – هو الكلام علي ايه ؟!!!-.

تتلخص القضية التعليمية – فى وجهة نظرى- في الاجابة علي سؤال هام وهو ( ما هو الغرض من العملية التعليمية؟ ) لنتسائل بحثاً عن الاجابة ( هو احنا عايزين الطلاب ينجحوا ولا احنا عايزين ننجح الطلاب ؟ ) واحنا أو نحن هنا ضمير يعود علي الجميع وأولهم القائمون علي العملية التعليمية من مسئولين وثانيهم أولياء الأمور أنفسهم ويفترض أن للطلاب أنفسهم دوراً أيضاً يتبلور في تحديد أهدافهم من العملية التعليمية لكننى أرى أنه لايزال الطريق طويلاً أمامنا لننتقل الي هذه المرحلة اذ لابد ان ننهى نحن الكبار خلافاتنا لافساح المجال لهم لتحقيق تطلعاتهم ففي سنوات التعليم الاولى نحن من نفرض عليهم دون ان نترك لهم حرية الاختيار ؛ وهنا لب القضية من وجهة نظر أولياء الأمور إذ كيف لمن فرض عليه التوجيه لعدة سنوات ان نتركه فجأة يختار!!! كيف لمن لم نقم بتدريبه وتنشئته علي أستخدام وإعمال العقل أن نفاجئه بالتهنئة ( مبروك أكتشفنا ان عندك عقل وتقدر تستخدمه ) كيف لنظام أخذ أكثر من عشر سنوات معتمداً فقط علي القياس علي قدرة الحفظ لدى الطالب أن يتغير دون أى مقدمات !!! 

أتفهم أن الدولة تسعى لإحداث التغيير والتطوير لمواكبة آخر ما وصلت اليه الدول المتقدمة بتطبيق نظام يقيس قدرات الطلاب ويحترم عقولهم كما أتفهم أيضا مخاوف أولياء الأمور من وضع أبنائهم في حالة من التشتت والضياع لأنهم لم يعتادوا علي هذا النظام وهذا كل ما يجب علينا التفكير في حله بعيداً عن مشتقات العملية التعليمية الأخرى المتمثلة في هل سيساعد النظام الجديد علي إلغاء الدروس
 الخصوصية أم سيزيد منها ؟ أو هل سنقضي علي الواسطة في دخول الجامعات أم سيزيدها هذا النظام فجاجة؟ 
علينا تقريب وجهات النظر لنقضي علي ما يراه البعض خيالات وأوهام من وزارة التربية والتعليم التى تطالب بادخال نظام التابلت في العملية التعليمية في دولة تكتظ فصولها بما يزيد عن المئة طالب في فصل واحد !!! وفي مدارس تفتقر الي الفناء ودورات المياة وأبسط قواعد السلامة والأمن والنظافة في غالبية مدارس محافظات وقرى مصر!!! علينا أن نبدأ بتطوير المعلم باخضاع المعلمين أنفسهم الي اختبارات تأهيلية نفسية وتربوية ليعلم وهو واقفاً أمام نشيء ان من أمامه من طلاب هم من سيقودون الدولة لاحقاً ؛ علينا جعل المدارس مكاناً آدمياً يجد فيه كل طالب مقعداً نظيفاً ومرحاضاً نظيفاً وملعباً نظيفاً وسبورة ذكية قبل ان نفكر في التابلت؛ علينا أن نغير مناهجنا التعليمية العقيمة لتناسب التطور التكنولوجى الجديد وان تتناسب مع مجتمعنا فتربي جيلاً منتمياً لوطنه متمتعاً بحسن الخلق مفكراً مبدعاً ؛ علينا احترام أولادنا حتى يبادلوننا الأحترام . 
أرى أن جل ما يمكننا تقديمه لمن هم في مراحل التعليم ما قبل الجامعى هو تخفيف المناهج وتطويرها ومنحهم الوقت الكافي والتدريب المناسب علي الوسائل الحديثة التى ترغب الدولة في ادخالها علي العملية التعليمية قبل الزج بهم في بحر ثائر تلاطمهم أمواجه ونحن لم نعلمهم السباحة وليس عيباً ان نمهد لذلك في سنوات فأى تغيير يتطلب عدة سنوات فالهدف أن يكون منتج وإخراج العملية التعليمية في النهاية شيء يحترم وجيل يحتذى به ويقود وهذا هو مقصدى من جملة ( هو احنا عايزينهم ينجحوا ) وهذا ما نفعله الآن من الاعتماد علي الحفظ والدش والدروس فيكون المنتج أجيال حاصلة علي شهادة ورقية تتمتع بجهل علمى ولغوى وفكرى بتقدير ؛ و لا ( احنا عايزين ننجحهم ) وهذا يعنى أننا نريد جيلاً صحيحاً فكرياً وعقائدياً ونفسياً ؛ نريد تنشئة جيل يفكر خارج الصندوق ويبدع لينافس ويعود ببلادنا الي احتلال الصدارة ؛ نحن نريد تربية تحنو علي الطفل وتأخد بيده في سنوات عمره الأولي وتبث فيه روح الأنتماء والوطنية وتغرس به قيم الأخلاق وصحيح الدين؛ حنو يغلف الطفل وينظر اليه علي انه غرس المستقبل وقائد الغد ويساعده علي أكتشاف مواهبه وقدراته ؛ تربية نطلبها من وزارة التربية قبل التعليم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock