أدم وحواءعام

تحرش مجتمع



كتبت / شاهيناز عبد اللطيف
في مطلع الاسبوع الماضي خرج علينا أحد قضاة مصر العظام بحكم اعتبره البعض حكما تاريخيا ، فهو أول حكم بالحبس لمدة 3 سنوات في قضية تحرش بأنثي في الطريق العام ، وتباينت ردود الافعال مابين مؤيد بشدة له ومابين مستنكر واعتباره حكما قاسيا علي المتهم ، واصفين للحكم بأنه قد اضاع مستقبله !!!
وهنا سوف اتوقف قليلا عند اكثر من نقطة قد تدور في اذهاننا واسئلة تراود عقولنا التي اكتظت بالتناقضات في مجتمعنا هذه الايام
اولا: من اين اتت تلك الفتاة بكل هذه القوة ولن أبالغ ان قلت “جبروت” في التعامل مع هذا المتحرش والتي ظهرت في الفيديو المسجل للواقعة، قوة خرجت منها بتلقائية وشراسة جعلت هذا الشخص كما لو كان شخص مذعور يواجهه وحش ولا يستطيع ان يتغلب عليه ،
والاجابة والتي سمعتها بأذني من فتاة تعرضت لموقف مشابه والتي ستدركها كل امرأة تعرضت لمثل هذا الإعتداء الحيواني والغير مبرر في حالات كثيرة ، قالت لي بالنص بأنه فنفس اللحظة التي قام بلمسها تولدت بها طاقة غضب وثورة لم تحدث لها في حياتها والتي جعلتها تصرخ وتضربه في وجهه وتكيل له اللكمات بطريقة هستيرية هي نفسها لم تعرف حتي الآن كيف خرجت منها تلك القوة ، بل اكثر من ذلك ..فقد كان يجري أمامها مثل الفأر وهي تجري بكل سرعة خلفه حتي تدركه وتنتقم لنفسها. لم تتردد او تقف لحظة او تفكر فالمصير الذي سيواجهها عندما تقوم بضرب رجل واقول تجاوزا ( رجل) ، فليس كل ذكر رجل ابدا 
اذا فهو رد فعل طبيعي يخرج من الأنثي عند حدوث شئ مقزز مخالف للفطرة السوية ولكل ماتعارفت علية الانسانية ، رد فعل تتلاشي امامه كل قوانين الطبيعة المتعارف عليها من قوة العضلات وضعف البنيان 
هذا ماشاهدناه بالصوت والصورة لصاحبة الواقعة التي صدر فيها الحكم فهي جسمانيا عادية ويمكن اقل من العادي ، نفسيا فتاة طبيعية جدا وكانت في طريقها للعمل اي ان ليس هناك اي دافع يجعلها بهذة القوة الغاشمة سوي انها تعرضت لانتهاك صارخ لجسدها ومن ثم روحها
ثانيا: رد الفعل المتخاذل للمجتمع والذي يظهر دائما في تلك المواقف، وعلي سبيل المثال محاولة تهريب الجاني او الدفاع عنه اثناء هجوم الضحية او القاء اللوم بالكامل عليها وعلي هيئتها او طريقة لبسها ، او استنكار الحكم وكأنه صدر ضد حمل وديع او طفل لايعي مايفعل !! 
وهنا لي لوم ورجاء في نفس الوقت ،
كفانا تخاذل وسلبية لقد هرمنا من انقلاب الموازين وخلط المفاهيم وتزييف الحقائق 
اتلومون الضحية وتستنكرون غيرتها علي جسدها وتعدي هذا الحقير علي خصوصيتها ومحاولة انتهاكها وتغضبون له ؟؟ كيف ومن اين اتيتم بتلك الجرأة علي قلب المعاني ، تتهمونها هي بالبجاحة وعدم الرباية ولا تتحركون قيد انملة لتوقفوا مثل هؤلاء الذئاب التي ترعي وسط شوارعنا باحثة عن فريسة !! بل تلتمسون لهم الاعذار احيانا 
تبا لكم ولأعرافكم وافكاركم العقيمة .
ان لم تستطيعوا نصرها والثأر لها ، فاتركوها تأخذ بحقها ومايجعلها راضية عن نفسها وتستطيع ان تكمل حياتها غير مقهورة ولا مكسورة .
ان لم تستطيعوا الدفاع عنها والوقوف بجانبها ، فلا تطعنوها بقسوة قلوبكم و صلابة عقولكم وغلظة السانكم 
وان تكلمتوا فانطقوا بما يبرد نارها ويرفع رأسها ويحفظ لها كبريائها ، او تخرسوا للابد فهي كفيلة بكم وبامثال تلك الكائنات الشاذة وقادرة علي ان تضع كل منهم في حجمه الذي يليق به وبافعاله المشينة ، اما انكم ترفضون عقابه وان يكون عبرة لامثاله ، فيا للعار وبئس التصرف تفعلون . 
ثالثا : تحية من القلب مني و نيابة عن كل بنات جنسي لهذا القاضي العظيم ، فقد حفرت اسمك بحروف من نور وانطقك الحق بكلمة الحق ، بحكم سيكون نبراسا لمن بعدك وسوادا علي من يفعل او يفكر فالاقدام علي تلك الافعال المنافية لخلقة الله وفطرته السليمة .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock