عاممقالات

حكم اﻻحتفال بشم النسيم في اﻹسلام


حكم اﻻحتفال بشم النسيم في اﻹسلام










بقلم_ فاطمة عبدالحميد 






بكل تأكيد نعلم جميعنا أن اﻹسلام دين اليسر والتسامح والسلام، وﻻ ينتمي للتطرف والتشدد بأي شكل من اﻷشكال، ولكن هناك أمور مباحة تسمح بها تعاليم الدين الإسلامي وهناك بدع وضلاﻻت ﻻ يعترف بها مطلقاً ويحرمها، وهذا ﻻ يعد تعصبا أبداً وإنما عقيدة يسير على خطاها أئمة هذا الدين وحاملي رايته، والمسؤولون عن الرد على اﻷمور التي تمتلك بعض اﻹبهام في أحكامها ﻻستحداثها عن عهد النبي، فهناك أسئلة كثيرة منتشرة ومتداولة حول حكم اﻻحتفال بشم النسيم هل حلال أم حرام؟، وسوف نعرض إليكم اﻵراء الموجودة في الساحة حول هذه اﻷسئلة، بما أننا على مشارف حلول أعياد الربيع.










■رأي دار اﻹفتاء المصرية في حكم الاحتفال بعيد شم النسيم






أجابت دار الإفتاء المصرية علي هذه التساؤلات بأن الاحتفال بشم النسيم “مباح”، وأن الخروج إلى الحدائق والأماكن العامة أيضاً مباح ولكن بشرط الالتزام بآداب الإسلام، ورغم أن اﻹفتاء أباح اﻻحتفال بشم النسيم إلا أنه أكد على أن اﻹسلام لا يعترف وﻻ يعرف الا عيدين فقط؛ وهما عيد الفطر المبارك وعيد اﻷضحى، ولكن إباحة المشاركة في شم النسيم جاء من باب العادة فقط، شريطة الالتزام بالآداب والضوابط العامة، كما نوهت إلى أن الطعام المخصص لهذا اليوم مباح وحلال أيضاً بما فيه أكل الرنجة والفسيخ، وجاءت تلك الفتوى على لسان الشيخ عطية صقر -رحمه الله- في حكم الاحتفال بشم النسيم.



كما جاء رد دار اﻹفتاء المصرية على أصل اﻹحتفال بيوم شم النسيم ورأي الدين فيه، على لسان شيخ الأزهر سابقًا جاد الحق _رحمه الله_ أن معنى كلمة شم النسيم تنقسم الى شقين، اﻷول منها شم، والشم هو اﻻستنشاق والشق اﻵخر كلمة النسيم وهي الريح الطيبة، لتصبح استنشاق الريح الطيبة، فهل استنشاق الريح الطيبة له موسم معين حتى يخرج فيه الناس للتنزه والتمتع بالمناظر الطبيعية ويناولون فيه أنواع طعام مخصصة، إذا فما مناسبة ذلك اﻻحتفال؟ 

■دار اﻻفتاء تكشف عن أصل اﻻحتفال بعيد النيروز 

فكشفت دار اﻻفتاء أن الفراعنة كانوا يحتفلون بأعياد كثيرة منها ما نعرفه جميعاً بأعياد الزراعة حيث قسم الفراعنة قديماً العام الى 3 مواسم ارتبطت بتقويمهم بشكل كبير، الفصل 4 أشهر وهي فصل الفيضان، وفصل البذر، وفصل الحصاد، وكانوا يحتفلون قبل هبوب رياح الخماسين بعيد النيروز الذي سمي بشم النسيم فيما بعد وهو احتفال اﻻعتدال الربيعي، وكانوا يعتقدون في هذا العيد الذي بدء اﻻحتفال به عام 2700ق.م، أن الخليقة بدأت فيه عندما مات إله الشر “ست” وانتصر عليه إله الخير. 
حكم اﻻحتفال بشم النسيم في اﻹسلام
وكانوا يخرجون في هذا اليوم مبكراً الى نهر النيل للشرب منه، وحمل الماء منه لغسل بيوتهم التي كانت تزين بأزهار الربيع الجميلة، ثم يخرجون للتنزه بالحدائق ويأكلون أنواع الخضروات المختلفة مثل الملوخية والخس مع تناول بعض اﻷسماك المملحة أيضاً، والمبرر الخروج والتنزة بالهواء والطبيعة وتقديس النيل أنه عماد حضارته القائمة عليها كلياً، أما المبرر وراء تلك اﻷكلات وخاصة البصل والتي أصبحت عادة في ذلك العيد أنها مجرد عادة ورثوها وقلدوها تقليد أعمى دون تفكير، حيث ذكر أحد الباحثين السبب وراء خرافة أكل البصل وهي أن ابن أحد الفراعنة أصابه إعياء شديد في يوم من اﻷيام، وقد احتارت الكهنة في علاجه إلى أن دخل عليه فرعون كاهن نوبي يحمل في يده “بصلة” وقام بوضعها إلى جوار أنفه مع تقديم القرابين لإله الموت “سكر” فشُفِي. 
حكم اﻻحتفال بشم النسيم في اﻹسلام
وجاء ذلك بالتزامن مع بداية فصل الربيع، ومن وقتها إتخذها اﻷهالي إسطورة مقدسة لهم وصاروا يطوفون بالبلد والبصل حول أعناقهم كالعقود حول معابد الإله “سكر”، كما قيل أن السبب في تعليق البصل على البيوت في هذا العيد أيضاً يعود الى أسطورة تقول أن إمرأة كانت تخرج في ليلة اﻻحتفال بعيد شم النسيم من النيل، ويسمونها “ندَّاهة” وكانت تأخذ الأطفال من بيوتهم وتغرقهم، اﻻ البيوت التي يُعَلَّق عليه البصل فإنها ﻻ تستطيع أن تدخلها (محمد صالح – الأهرام: 30/ 4/1962م). 
أما عن حكم احتفال المسلمين به، فكانت اﻹجابة أنه لا شك أن اﻻستمتاع بالحياة ومباهجها من مأكل وملبس وشراب وتنزه فهو أمر مباح ولكن شريطة ذلك أن يكون في اﻹطار المشروع الذي لا تُرتكَب فيه المعصية أو تُنتهَك فيه حرمة ولا تندس وتنبعث فيه عقيدة فاسدة، لقوله عزوجل: 
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (المائدة:87). 
وقال: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) (الأعراف:32). 
حكم اﻻحتفال بشم النسيم في اﻹسلام
وإتخذ اليهود من المصريين على عهد سيدنا موسى -عليه ‏السلام- هذا اﻻحتفال عن الفراعنة المصريين، بل وجعلوه رأساً للسنة العبرية لديهم، ‏وسموه ” عيد الفصح” ومعنى الفصح الخروج أو العبور، وكان ذلك يوم خروجهم من مصر على عهد سيدنا موسى عليه السلام. 
ومع دخول المسيحية مصر عرف المصريون ما يسمى بـ”عيد يوم القيامة”،الذي يحتفل به اﻷقباط رمزاً إلى قيام المسيح ‏من قبره كما يقال، وجاء احتفال شم النسيم لدى النصارى موافق لاحتفال المصريين القدماء، ومن الملحوظ أن اﻷقباط ﻻ يزالون يحتفلون بعيد القيامة يوم اﻷحد ثم اﻻحتفال بشم النسيم يوم اﻹثنين، حيث زاد الناس على طقوس اﻻحتفال الفرعونية ليندرج اﻻحتفال تحت الصبغة الدينية مروراً باليهودية إلى النصرانية، حيث أن النصارى يصومون عن كل ما فيه روح أو ناشئ عنه، فأكل السمك والبيض ‏ناشئ عن تحريمهما عليهم أثناء الصوم الذي ينتهي بعيد القيامة (الفصح)، ومن بعض العادات لديهم الخاصة بهذا العيد تلوين البيض باللون الأحمر الذي يرمزون به إلى دم المسيح (المصلوب) كما في اعتقادهم المخالف للقرآن الذي نفى صلب المسيح وقتله، بل إنه رفع الى السماء كما في قول الله تعالى: 
{ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ ‏مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ‏مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً} [النساء:157]‏ 
{ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً} [النساء:158] 
حكم اﻻحتفال بشم النسيم في اﻹسلام
ولكن من ضمن الفتاوى أيضاً جاءت فتوى الشيخ محمد بخيت المطيعي ‏الحنفي مفتي الديار المصرية سابقاً، في كتابه “أحسن الكلام فيما يتعلق بالسنة والبدعة من ‏الأحكام”، حيث ذكر أن اﻹحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعة مستحدثة، لم يعرفها اﻹسلام من قبل، وكذلك الاحتفال بشم النسيم ﻻ يجوز وأن تلك الاعياد واﻻحتفالات لم ينزل الله بها من سلطان وإنما هي بدع مستحدثة ﻻ يجوز للمسلم اﻻحتفال بها. 

■فتوى الشيخ كشك 

إستنكر الشيخ عبدالحميد كشك -رحمه الله- اﻻحتفال بشم النسيم الذي أطلق عليه “سم النسيم”، قائلاً أن المسلمين ﻻ يملكون سوى عيدين فقط، هما عيد الفطر وعيد الأضحى، أما عيد النيروز فلا يجوز اﻻحتفال به شرعاً مثله مثل عيد الثورة وعيد العمال وباقي اﻷعياد الخارجة عن أعيادنا كمسلمين، مناديا كل مسلم أن يقرأ القرآن الكريم ويذهب للمسجد ﻵداء الصلاة في تلك اﻷيام بدﻻ من الخروج للتنزة واﻻحتفال بالحدائق العامة والمتنزهات. 

■فتوى الشيخ أبي إسحاق الحويني 

كذلك اﻷمر لدى الشيخ أبي إسحاق الحويني فإنه يرى أن اﻻحتفال بتلك اﻷعياد محرم تماماً وﻻ يجوز الخروج من المنزل لغرض اﻻحتفال مستشهداً في قوله بأن جميع علماء وفقهاء الدين حرموا هذه اﻻحتفالات التي ليست من ديننا. 

■فتوي الشيخ وحيد عبد السلام بالي


قال الشيخ بالي إن أصل هذه اﻻعياد يعود الى الفراعنة الذين كانوا يعبدون الشمس والقمر والبشر فكيف لنا التشبه بهم، مستنداً في قوله إلى الحديث النبوي الشريف قال رسول الله : “إن لكل قوم عيدا، وهذا عيدنا عيد الفطر وعيد الاضحي”، ﻷن اﻷصل في أي فعل يفعله اﻹنسان ومنها اﻹحتفالات هو عبادة الله والتقرب منه سواء في لهونا أو لعبنا، فكيف نتقرب من الله ونحن نتشبه ونتحتفل بأعياد من كانوا يعبدون غير الله الواحد من الشمس والزرع والبشر؟!. 

■فتوي الشيخ عطيه صقر رحمه الله 

أكد الشيخ عطيه في فتواه أن هذه اﻻحتفالات محرمه وأنه مجرد تشبه بالكفار وﻻ يجوز أبداً المجاملة في هذه اﻷعياد، ﻷنها تكون على حساب الدين، فهذا أمر ممنوع لقوله “من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس سخط الله برضا الناس وكله الله إلي الناس ”. 

■اﻻستشهاد بالسنة النبوية الشريفة في حرمانية تلك اﻷعياد 

قال رسول الله  
_” لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر، وذراع بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم “.
أخرجه البخاري ( 6 / 571 / 3456 و 13 / 312 ، 313 / 7320 – فتح ) ، ومسلم ( 8 / 472 / 2669 – نووي )

حكم اﻻحتفال بشم النسيم في اﻹسلام

_وكما قال  
” من تشبه بقوم فهو منهم ” . 
أخرجه أبوداود في ” سننه ” ( 4 / 44 / 4013 ) ، وأحمد في ” مسنده ” ( 2 / 50 و 92 ) 
حكم اﻻحتفال بشم النسيم في اﻹسلام

_عن أنس قال: قدم رسول الله المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: “ما هذان اليومان ؟” ، قالوا : كنا نلعب فيهما في الجاهلية ، فقال رسول الله : ” إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الأضحى ويوم الفطر”.
أخرجه أحمد ( 3 / 103 و 235 و 250 ) ، وأبوداود ( 1 / 395 / 1134 ) ، والنسائي ( 3 / 179 / 1556 )، والبيهقي في ” السنن الكبرى ” 
حكم اﻻحتفال بشم النسيم في اﻹسلام

وختاماً أعزائنا قراء ومتابعي موقع ومجلة سحر الحياة نأمل أن نكون قدمنا لكم كل اﻵراء المطروحة حول حكم اﻻحتفال بشم النسيم بكل حيادية وأمانة وصدق، وبدون أي تعصب أو ميل ﻷحد الرأيين، فنحن لسنا جهة دينية لنصدر أي فتاوى بشأن الدين ولكن حرصنا فقط على نقل آراء علماء وفقهاء الدين كما هي، عسى الله أن يثيبنا على جهودنا وإياكم.

 إقرأ أيضاً
الربيع وتأثيره النفسي


مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock