عاممقالات

دلائل سياسية في القرآن




 دلائل سياسية في القرآن






أصبح لفظ السياسة أكثر تداولاً في الآونة الأخيرة بين جميع فئات الشعوب وطبقاتها. ولا فرق في ذلك بين كبير ، وصغير. رجل، وإمرأة. دارس لها، أو غير دارس. متعلم ، أو جاهل.






فما هي السياسة؟

تعبر السياسة عن عملية صنع قرارت ملزمة لكل المجتمع. تتناول قيم مادية ومعنوية وترمز لمطالب وضغوط وتتم عن طريق تحقيق أهداف ضمن خطط أفراد وجماعات ومؤسسات ونخب حسب أيدولوجيا معينة على مستوى محلي أو إقليمي أو دولي.
والسياسة هي علاقة بين حاكم ومحكوم وهي السلطة الأعلى في المجتمعات الإنسانية، حيث السلطة السياسية تعني القدرة على جعل المحكوم يعمل أشياء أو لا يعملها سواء أراد أو لم يرد. وتمتاز بأنها عامة وتحتكر وسائل الإكراه كالجيش والشرطة وتحظى بالشرعية.
ومع أن هذه الكلمة ترتبط بسياسات الدول وأمور الحكومات. فإن كلمة سياسة يمكن أن تستخدم أيضا للدلالة على تسيير أمور أي جماعة وقيادتها ومعرفة كيفية التوفيق بين التوجهات الإنسانية المختلفة والتفاعلات بين أفراد المجتمع الواحد، بما في ذلك التجمعات الدينية والأكاديميات والمنظمات.


إقرأ أيضا
الوجه العنصري لاينستاين

 دلائل سياسية في القرآن

فهل هناك علاقة بين السياسة والقرآن؟

وهل هناك دلائل سياسية في القرآن؟
كلمة (السياسة) لم ترد في القرآن الكريم، ولا أي لفظة مشتقة منها وصفا أو فعلا. ومن قرأ (المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم) يتبين له هذا. وقد يتخذ بعضهم من هذا دليلا على أن القرآن -أو الإسلام- لا يعني بالسياسة ولا يلتفت إليها. ولا ريب أن هذا القول ضرب من المغالطة، فقد لا يوجد لفظ ما في القرآن الكريم، ولكن معناه ومضمونه مثبوث في القرآن.
ورغم أن القرآن الكريم كتاب عبادة – في المقام الأول – إلا أنه اهتم بكل ما يحتاجه الإنسان في هذه الحياة، فهو دستور للبشرية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، تضمن إشارات لكل جانب من جوانب الحياة وترك التفاصيل لميادين تشريعية أخرى، وكان مما تضمنه القرآن إشاراتٍ كثيرةً عن طريقة الحكم، وسياسية الرعية، وواجبات الحاكم، وطريقة المعارضة الرشيدة، وليس هذا تحميلاً للنصوص القرآنية أكثر مما تحتمل كما يحلو للبعض أن يزعم، بل هي الحقيقة الناصعة والنصوص الواضحة لكل ذي عقل، ولكل صاحب تفكير مجرد بعيد عن الهوى والتعصب والأحكام المسبقة.
إن السياسة أيضاً هي من المعاني غير المحصورة، وتتناول مجالات واسعة في حياة الناس مما يعني أن الذي يتعاطى في هذا المجال يحتاج فيه إلى الأخذ بكل أحكام الإسلام والى التأدب بآدابه والتخلق بالخلق الذي أمر به محمد (صلى الله عليه وسلم).
 دلائل سياسية في القرآن
وتجب الإشارة هنا إلى مصطلح أو تعبير يستخدمه كثير من الكتاب أو المفكرين والخطباء المسلمين وهو أن القرآن هو دستور المسلم، وهذا تعبير مجازي، وقد يفهم منه البعض أن القرآن الكريم يغني المسلم عن الحاجة إلى دستور مكتوب أو موضوع للدولة، وهذا ليس صحيحاً، فالقرآن ليس دستوراً ولم يصفه النبي بهذا الوصف، ولم يأتِ في القرآن شيء يشير إلى ذلك، فالقرآن كتاب شامل للأحكام والآداب والأخلاق والقصص والعقائد، وهو كتاب هدي، يشتمل على عناوين عريضة يمكن أن تستقى منها بعض المبادئ والأحكام الدستورية، أما الدستور بالمعنى الاصطلاحي المعروف في عالم القانون فهو: “مجموعة الأحكام التي تبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها وسلطاتها وطريقة توزيع هذه السلطات وبيان اختصاصاتها، وبيان حقوق المواطنين وواجباتهم”. والقرآن الكريم لا يتناول هذه المواضيع بالتأكيد، لذلك من المسيء للقرآن الكريم وصفه بأنه دستور الدولة الإسلامية، إنه كما قلنا وكما وصفه منزله تبارك وتعالى كتاب هداية، ووظيفته مختلفة كلياً عن ما يسمى بالدستور. 
دلائل سياسية في القرآن الكريم:
باعتبار أن القرآن الكريم بشر بدولة مؤمنة، كما يظهر من حديثه المستمر عن خصائص هذه الأمة ﴿ وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا … ﴾ 1، ولم يكن مجرد رسالة روحية لا علاقة له بسياسة الدولة والعمران، لذلك فقد حمل بين طياته رؤية عامة للدولة والمجتمع.
والنص تارة يعرضها على هيئة قيم وإلزامات شرعية، يتصل بعضها بتنظيم الحالة الإدارية كما في قوله تعالى: ﴿ … وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا … ﴾ 1، ﴿ … أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ … ﴾ 2، وبعضها يتصل بتنظيم الحالة الاقتصادية كما في قوله تعالى:﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ … ﴾ 3، ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ … ﴾ 4.
وتارة يشير إليها في سياق أحداث تاريخية أو مشكلة عارضة، كالإشارة إلى أهمية المجالس الاستشارية في قصة بلقيس بنت شرحبيل ملكة اليمن، في قوله تعالى:﴿ قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ ﴾ 5، والإشارة إلى الموقعية السياسية للقائد العام للمجتمع في الأزمات والحالات الحرجة، كالآية النازلة بعد الهزيمة في أحد ﴿ … وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ … ﴾ 6، ولذلك ينبغي للمفسر أن ينتزع الرؤى السياسية من مثل هذه الأحداث.
1. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 143، الصفحة:22

2. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 59، الصفحة: 87.

3. القران الكريم: سورة الأنفال (8)، الآية: 41، الصفحة: 182.

4. القران الكريم: سورة التوبة (9)، الآية: 60، الصفحة: 196.

5. القران الكريم: سورة النمل (27)، الآية: 32، الصفحة: 379.

6. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 159، الصفحة: 71

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock