عاممقالات

حكاية القصر العينى

 كتب . محمد مغاورى

اتذكر ذلك اليوم حينما كنت فى زيارة إلى بيت الهراوى الأثرى خلف الجامع
الأزهر… وأردت الدخول لأحد الجوامع لقضاء صلاة الظهر، وفى احد حوارى وأزقة الأزهر
اخترت جامعاً يظهر عليه من القدم مايكفى لإثارة فضولى لإستكشافه …بعد الإنتهاء من
الصلاة وجدت غرفة دفن ملحقة بالجامع بداخلها ضريح كتب عليه ” هذا مقام سيدى العارف
بالله بدر الدين محمود احمد العينى
للحق أقول ”  لقد سادنى الصمت!!! وانتابنى ذهول , هل كانت الصدفة
سببًا فى وصولى لقبر هذا المؤرخ العظيم ، لم اتذكره حينما كان فى وظيفة الحسبة يأمر
بالمعروف وينهى عن المنكر وينادم السلاطين ..بقدر ماتذكرت أن نسل هذا المؤرخ الذى يقبع
فى هذا القبر ..كان سبباً فى تسمية أشهر مدرسة للطب فى مصر وشارع من أعرق الشوارع القاهرية ولنبدأ الحكاية
:
ولد المؤرخ بدر الدين العينى فى قلعة عينتاب بحلب سنة 762هـ/1361م ونشأ
فى بيت علم ودين ، وفى سن الثامنة والعشرين جاء إلى القاهرة وأكرمه السلطان برقوق وولاه
التدريس بالمدرسة الظاهرية ، عاصر عدداً من سلاطين المماليك أمثال (المؤيد شيخ، الأشرف
برسباى) ، يقول ابن تغري بردي فى كتابه النجوم الزاهرة عن علاقة السلطان برسباى بالمؤرخ
العينى ” كثيراً ما كان يقرأ عنده تواريخ الملوك السالفة وأفعالهم الجميلة، ويذكر
ما وقع لهم من الحروب والخطوب والأسفار والمحن ثم يفسر له ذلك باللغة التركية … فلذلك
كان العينى أعظم ندمائه وأقرب الناس إليه
” .
ترك لنا المؤرخ العينى العديد من كتب التاريخ والتى اتسمت بقيمتها الكبيرة
نظرا لقربه من الأحداث منها “عقد الجمان فى تاريخ أهل الزمان ” “السيف
المهند فى سيرة الملك المؤيد” توفى المؤرخ العينى سنة 855 هـ/ 1451م ودُفن بجامعه(المدرسة)
التى انشأها خلف الجامع الأزهر
.
قصة تسمية شارع القصر العينى وكلية الطب ترجع إلى حفيده “شهاب الدين
احمد بن عبد الرحيم بن محمود العينى” والذى اتشأ قصرًا فى مكان قريب من شارع القصر
العينى حاليًا ،وعندما اكتمل بناء هذا القصر دعا صاحبه احمد العيني سلطان البلاد خشقدم
لافتتاحه وزيارته واستجاب لطلبه وقضى يوما بديعا ثم انعم على احمد العيني برتبة الامارة
العسكرية ولكن انقلبت الامور بعد تولي الاشرف قايتباي السلطنة وتم القبض على العيني
ونهب العامة قصره في هذه الاثناء وزادت الامور سوءا بعد تولي قنصوة الغوري السلطنة
فكان ان هرب العيني الى مكة ثم الى المدينة ومات ودفن هناك بالمدينة المنورة عام
909 هـ ليصبح بعدها قصره من املاك الدولة،

وبسقوط الدولة المملوكية وتحولها الى ولاية عثمانية مرت على القصر عدة
مراحل وتحول الى مكان للنزهة واحيانا قصر للضيافة او مكان للحبس الاجباري واحيانا اخرى
الى مجلس للوالي، وظل هكذا الى ان وصلت حملة بونابرت الى مصر عام 1798 لتدخل القصر
مرحلة جديدة من تاريخه
.
وتحول منذ ذلك الحين الى مستشفى لجنود وضباط الحملة وتم اهمال القصر لفترة
حتى بدأت مسيرته مع الطب والاطباء،
ففي عام 1831 امر محمد علي باشا بالحاق شخصية من اغوات الحريم بمدرسة
الطب في ابي زعبل التي انشأها كلوت بك لتعليمهما الطب والجراحة لخدمة سيدات العائلة
الحاكمة احدهم محمد الشافعي الذي استكمل دراسة الطب في فرنسا واصبح اول مصري يتولى
رئاسة مدرسة طب قصر العيني، وفي عام 1856 تم انشاء اول مجلس خصوصي للطب ثم انشاء مدرسة
الطب في قصر العيني ملحقة باستبالية قصر العيني (مستشفى) لتعليم الطب والجراحة والعلوم
الطبية والصيدلية
.
وفي عام 1925 عند انشاء جامعة فؤاد الاول (جامعة القاهرة حاليا) انضمت
مدرسة الطب في قصر العيني الى الجامعة الوليدة واصبحت فيما بعد كلية للطب
.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock