عاممقالات

لا أثر لي…


لا أثر لي...



فتحي الحمزاوي 
لا أثر لي… بعد محاولتي الاختباء في الغبار
كنتُ هنا حاضرا، ليس بيني وبيني سوى دفتر الخلق الأوّل المبلّل بالدموع الأبديّة.
لا أثر لي… شُبّهَ لي أنّني ساكنٌ في خُضرة الأشجار، أو مُختفٍ في رماد مواقدِ قبيلةٍ بائدةٍ.
أدركتُ بعد لَأْيٍ أنّ المساحةَ التي تفصلني عنّي مزروعةٌ ذُرَةً اصطناعيّةً معدّةً للتّصدير، ومغروسةٌ حقولا من الأحجار الكلسية.
وقتَها… قرّرتُ أن أمشّطَ الطريقَ نحوي.
سأستعيدُ درجات السّلّم المؤدّي إلى التّفّاح النّابت في الفراغ،
وأكنسُ غرفتي من قصص باليةٍ لم تعُد تحوي أخبارَ الخارجين عن قوانين الرّياح.
لأجل ذلك…
سأنامُ باكرا على أوراق الدّالية، وأحلم – كشاعر بلا دليل – بِقُطّاع الطّرق يختبئون على صدري يترصّدون قافلةً عليها إرثُ نبيّ مرفوع، وجعافر من لبن أسود،
سأنامُ باكرا لتتمشّى القنافدُ على ضوء القمر، ويغدو خطّ الاستواء أرجوحة تريحُ الذين يتصارعون على الجغرافيا الفجّة.
لأجل ذلك…
سأعيدُ غراسة درجات السّلّم في ما يوحى إليَّ،
ليس بإمكاني أن أقيس المسافات إلى هنالك، حيث أنت،
ولا أقدر أن أختزلَ الشّفقَ عندما يحنو كناقة والِهٍ… إلا إذا سافرتْ الأرضُ وتركتْ بقاياها في جذر التّفّاح…
ريثما يحصلُ ذلك… عليَّ أن أحرّر حبّات الفرح المسروق، وحزمات قصائد آخر حريق اشتعل في رقعة الشطرنج العربية…
إذ لم يذهب الجمرُ بعيدا… مَرَقَ من بين أيديهم نديّا بالرّماد… واتجه صوب قلبي…
لأجل ذلك… سأخلط ألواني بمسحوق لُغويّ بحثا عن أثر لي فقدتُهُ… بعد محاولتي الاختباء في الغبار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock