شعر وحكاياتعام

حافية الكفين

حافية الكفين : _. 
بقلم عميد ا.ح / رءوف جنيدى

معذرة الى ربى على هذا العنوان . ولكن تلكم الحقيقة . فإن ارجعتم البصر الى الصورة لن تروا فى كلماتى من فطور . حتى وان ارجعتموه كرتين سينقلب اليكم البصر خاسئا و مؤكدا صدق عنوانى انها حقا …. حافية الكفين . فما لحق بكفيها لم يلحق بأقدام الكثيرين . وما تفعله بهما يتعفف ويتأفف أن يفعله الكثيرون بأقدامهم . حتى إذا آوت لفراشها ليلا وضعت خديها على وسائد يأبى الكثيرون أن يطأوها بأقدامهم .
فما قست كلماتى الا لترق قلوبكم فعسى أن يكون من بيننا من يرى منكرا فيغيره . فمن المنكر حقا أن تحيا بيننا هذه الوجوه ولا تجد من يحنو عليها أو يرفع عن كاهلها شقاء العمر . وعن وجهها وكفيها وحل أيام عصية العطاء أبت إلا أن تلطخ كفيها طينا ووجهها آلام العوز وفقر الحال .
فما أطل علينا هذا الوجه الا لنعلم أن فينا أناس سيماهم على وجوههم ( عذرا ) ليس من أثر السجود بل من أثر إملاق كادوا يقتلون أولادهم منه أو من خشيته . ولكن قلوبهم رطبة بذكر الله عامرة برضاه عنهم ورضاهم عنه . تلك الوجوه التى جعل لها الله جناته خير مستقر لهم ومستودع . تلك الوجوه التى ما اعتلت عاليا ولا اكتسبت ظلما ولا سعت فى الارض فسادا . تلك الوجوه التى اختصها الله بقوله ( وتلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا فى الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ) …
حقا وجوه ما أرادت يوما أن تعلو وما استطاعت . ولا سعت فى الارض فسادا ولا عرفته . إنما اعتلاها فقط طين الارض ليرسم على صفحتها قيعانا وأخاديد وشقوق وكأنها تشققات أرض عطشى لحبات المطر . فما أصابها وابل يرويها ولا طل يبلل جفافها . تاركا عينين ترميان بسهام اللوم والعتاب أياما نحسات وزمنا ضنينا لا يعرف الرحمة . تسافر نظراتهما عبر ثمانين عاما من الشقاء والمعاناة . ساخطة على سنوات العمر العجاف التى أكلت نضارتها والتهمت أياما سمان مر بها الشباب يوما .
تلك الوجوه التى ما تربت لها يوما كروش ملئت بسفاح القوت . ولا ترهل لها لحم نبت من حرام . بل اقتاتت على خشاش الأرض الذى تشهد به كفاها كما تشهد على نقر الارض مناقير الطيور .
وجوه هى التى مازالت تصفق لمواكب المسؤولين . هى التى مازالت تدعو لهم بالتوفيق والسداد . وجوه هى التى تحملت قرارات اقتصادية صعبة عصفت ببقاياهم . وجوه هى التى يناشدها بعض الإعلاميين مزيدا من الصبر والتحمل . وجوه هى التى يصب فى صالحها رفع أسعار المحروقات كما يصرح بعض المسؤولين . وجوه هى التى نطالبها بالتصفيق للعاصمة الإدارية الجديدة ومشروع الضبعة النووى . ورغم كل هذا هى الوجوه التى إن سئلت يوما ماذا تريد أو ماذا ينقصها . حمدت ربها و قبلت كفها ظاهره وباطنه .
وجوه هى اليوم خشنة من شظف العيش وقسوة الحياة . ويومئذ هى الناعمة لسعيها وبسعيها راضية …
وجوه هى اليوم باسرة من عناء السعى والشقاء . ويومئذ هى الناضرة الى ربها ناظرة .
وجوه هى اليوم عليها غبرة ترهقها قترة ليس كفرا ولا فجورا . ويومئذ هى المسفرة الضاحكة المستبشرة .
وجوه نستحيى أن نطيل النظر إليها خجلا . إذ أن لهم فى أموالنا حق معلوم ما أديناه .
فاللهم اجعلهم ممن تبيض وجوههم يوم تسود وجوه …. ( وأما الذين ابيضت وجوههم ففى رحمة الله هم فيها خالدون ……. صدق الله العظيم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock