مقالات

حكاية مدرب الأسود “محمد الحلو” مع الأسد “سلطان”

"الحلو بعد الكشري"،

كتب/خطاب معوض خطاب

“الحلو أكله الأسد”، و”الحلو بعد الكشري“، من الكلمات الدارجة على لسان المصريين، وبالنسبة لحكاية “الحلو بعد الكشري”، فالمقصود بها الأطباق التي تقدم في محلات الكشري، مثل المهلبية والأرز باللبن، وأما حكاية “الحلو أكله الأسد” فالمقصود بها حكاية مدرب الأسود “محمد الحلو” مع الأسد “سلطان”.

وحكاية مدرب الأسود “محمد الحلو” مع الأسد “سلطان” واحدة من الحكايات العجيبة والغريبة جدا، ولقد قرأت عنها منذ سنوات بعيدة في كتاب “رأيت الله” للدكتور مصطفى محمود، كما قرأت عنها في كتاب “أنا سلطان قانون الوجود” والذي يضم 8 قصص قصيرة للكاتب الكبير يوسف إدريس.

و”محمد الحلو” مدرب الأسود المعروف في السيرك القومي بالعجوزة، هو حفيد “محمد علي الحلو” مؤسس سيرك الحلو الشهير، ومحمد الحلو بجوار عمله كمدرب للأسود في السيرك، كان يعمل “دوبليرا” في السينما، حيث كان يؤدي المشاهد الخطرة بالأفلام السينمائية بدلا من الأبطال، وخصوصا بدلا من الفنان فريد شوقي، والذى كان يكاد يماثله في الطول والهيئة.

وقد اشترك محمد الحلو في العديد من الأفلام السينمائية بأدوار صغيرة وثانوية، ولكن يظل أشهر أدواره السينمائية هو دور “عتريس” في فيلم “البحث عن فضيحة” مع عادل إمام وميرفت أمين وسمير صبري ويوسف وهبي.
أما عن حكاية “محمد الحلو” مع الأسد سلطان، فقد حدثت في سنة 1972، وبدأت تفاصيلها بعدما قدم “محمد الحلو” فقرته مع الأسود في السيرك القومي بالعجوزة في إحدى ليالي شهر رمضان المبارك، وما إن استدار المدرب “محمد الحلو” ليؤدي التحية للجمهور، إلا وفوجئ بهجوم من الأسد “سلطان” عليه من الخلف.

وقد ذكرت بعض المصادر أن الأسد قد أنشب مخالبه وأسنانه في ظهر مدربه، وأسقطه أرضا غارقا في دمائه، وسط ذهول الحاضرين وعدم تصديقهم لما تراه عيونهم، وتم إنقاذ “محمد الحلو” من بين أنياب ومخالب الأسد، وتم إدخاله مستشفى العجوزة للعلاج، ولكنه توفي بعد ساعات قليلة، وكانت آخر الكلمات التي نطقها وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة: “أوصيكوا ما حدش يقتل سلطان، وصية أمانة محدش يقتله”.

ولكن قيل نقلا عن بعض العاملين في السيرك ممن شاهدوا الحادث إن الأسد “سلطان” لم ينشب مخالبه أو أسنانه في ظهر مدربه، بل إنه فقط ضربه بكفه على ظهره بقوة، مما أدى إلى تضرر الأجهزة الداخلية لجسم “محمد الحلو” وتمزقها مما سبب له نزيفا، كما قيل بأن الأسد لم يحاول افتراس مدربه، وإلا كان مساعدو المدرب قد قاموا بإطلاق النار فورا على الأسد وقتلوه.

بعد هذا الحادث بسنوات قالت “لوبا الحلو” مدربة الأسود وحفيدة المدرب “محمد الحلو”، إنه في وقت الحادث كان موسم تزاوج الأسود، والأسد سلطان وقتها رأى أسدا اسمه “جبار” يقترب من أنثاه فضربه، فقام المدرب “محمد الحلو” بضرب الأسد “سلطان” بسبب ذلك الأمر، وعندها أحس الأسد “سلطان” أن مدربه محمد الحلو قد تحالف مع الأسد “جبار” عليه فقتله بسبب ذلك.

وبعد هذا الحادث تم نقل الأسد “سلطان” إلى حديقة الحيوان بالجيزة لأنه أصبح خطرا، والغريب والمثير للدهشة أنه قد انطوى على نفسه وأصيب بالاكتئاب، بل وامتنع عن تناول الطعام، وحينما قدموا له أنثى رفض وجودها بجواره، بل وضربها وطردها، والأغرب من ذلك كله أن الأسد “سلطان” قد أصابته حالة من الجنون، فراح يعض جسده وذيله فقصمه نصفين، ثم عض ذراعه وراح يأكل منها في وحشية شديدة حتى نزف بغزارة ومات بعدها، وتم تفسير هذا الأمر وقتها بأنه حزن من الأسد على ما فعله بمدربه.

ومن المعروف أن الأديب والكاتب الكبير د.يوسف إدريس قد صدرت له مجموعة قصصية عن مكتبة غريب سنة 1980م بعنوان “أنا سلطان قانون الوجود”، وكانت عبارة عن 8 قصص قصيرة، وكان أبرزها القصة التي حملت المجموعة اسمها، وفيها تعرض لحكاية الأسد “سلطان” مع مدربه “محمد الحلو”، وناقش السبب وراء ذلك الحدث الشنيع، وخلص الأديب والكاتب الكبير د.يوسف إدريس إلى نتيجة واحدة وهي أن الأسد “سلطان” لم يفترس مدربه “محمد الحلو”، إلا حينما غابت نظرة السيطرة والقوة من عين مدربه، حيث كان المدرب قبل هذا الحادث ينظر دوما بقوة إلى الأسد، فيشعر بالضعف أمام مدربه، ولكن وقت الحادث شعر الأسد بضعف مدربه، وعندها فقط أظهر الأسد قوته، وهذا من وجهة نظر الأديب والكاتب الكبير يوسف إدريس هو قانون الوجود والحياة في الغابة وفي الحياة، حيث البقاء دوما للأقوى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock