مقالات

السعادة المزيفة

كتبت إيناس رمضان

الدنيا مسرح كبير، وكل الرجال والنساء ما هم إلا ممثلون على هذا المسرح.

من أجمل أقوال وليم شكسبير لأنها تختصر واقعنا الحالي فالجميع يتقن فن التمثيل على مسرح الحياة ببراعة شديدة بل وآخرون يجيدون فن إرتداء الأقنعة الزائفة للظهور بالمظهر اللائق أو التخفي من واقع مرير ولكل ممثل (ة) عفوا ولكل إنسان هدف واضح وصريح يسعى له ولا يدركه سواه لذا فهو يدرك أي قناع يرتدي ومتى وأين ولماذا وفي أي وقت يمكنه التخلي عنه ؟

والحقيقة أن التظاهر بالسعادة أصبح سمة هذه الأيام سواء من خلال التعامل المباشر مع الأشخاص أو من خلال ما يقومون بنشره علي العديد من المواقع الإلكترونية التي أصبحت كاميرات مراقبة لحياة الإنسان وانقسم المتابعون فأضحى فريق منهم أخصائيون نفسيون لتحليل شخصيتك وتفسير حالتك المزاجية وتفقد أحوالك وآخرون تخصصوا في نشر أكاذيب حتى ولو كانت عن أنفسهم لخداع البشر.
ترى هل هم حقا يشعرون بسعادة حقيقية أم أنها سعادة زائفة لإخفاء حقيقة ما !!!

أصبح الكل يتقمص دور السعيد ويتظاهر بسعادة مزيفة لا وجود لها مع الفارق الجوهري لدافع كل منهم والأمثلة متعددة فالغني يأبى أن يظهر حزينا منكسرأ أمام الآخرين لذا يتظاهر بالسعادة والجميع ينخدع بالمظهر ويرى أنه لم يعد لديه أسباب للتعاسة ولا يدركون أن معظمهم أبعد ما يكون عن السعادة يقول الشاعر أبو الحسن التهامي :

نزداد هماً كلما ازددنا غنى
فالفقر كل الفقر في الإكثار

والفقير يتحامل على نفسه عبر رحلة الحياة دون أن يحيا للوصول لسعادة زائفة وإن أدرك قيمة ما يملكه لعاش ملكا متوجا سعيدا

يقول لافونتين: (السعادة قناعة، فلا الذهب ولا العظمة يجعلانا سعداء).

وقد يلجأ كلاهما لأبشع الوسائل مثل تعاطي المخدرات أو شرب الخمر ظنا أنها الوسيلة المثلى للشعور بالسعادة ولكن هيهات فتلك السعادة المزيفة بمثابة النهاية في معظم الأحوال.

السعادة ليست وهما أو سرابا بل قرارا يتخذه الإنسان ليحيا حياة حياة واحدة لن تتكرر لذا لا يحق لغيره أن يتحكم في زمام الأمور ولتكن ربان سفينتك حتى ترسو بسلام.
فلا داعي أن تصطنع السعادة إرضاءا لأحد من حقك أن تحيا كما تحب وكما يحب رب الكون وتأكد أن لحظات ضعفك والشعور بالحزن أوالقلق لا يقلل من قيمتك تعايش بعقلانية مع كل شعور تمر به حتى تشفى تماما أفضل بكثير من أن تتظاهر بعكس ما تشعر به وتحمل نفسك مالا تطيق رأفة بالنفس الإنسانية.
وتأكد أن السعادة لا تكن بالمال أو الجاه أو النفوذ وإنما بالرضا فليكن عنوان حياتك ولتجعل لك أهدافا واضحة تسعى إليها واحرص على إدخال البهجة والسرور في النفوس فهي جوهر السعادة الحقيقة فما أجمل العطاء الذي يجعل الروح تسمو.
ولا تلهث وراء سعادة زائفة وإنما اجعل قلبك التقي منبعا للسعادة الحقيقية التي تفيض لمن حولها
    لتهدأ نفسك ويسعد قلبك وتذكر دائما قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم –  الذي اختصر السعادة الحقيقية في ثلاثة أمور: (من أصبح آمناً في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها.

جعلنا الله وإياكم من سعداء الدارين قريري العينين لا نشكو همآ ولا حزنا ولا دينا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock