أدم وحواءعام

الهاتف المحمول وبعبع الاستغناء عنه



تقرير/إسراء أحمد
لا شك أن الاستغناء عن الهاتف المحمول أصبح أمر شبه مستحيل لفئة كثيرة فى المجتمع وخصوصا بفئة الشباب، وبذلك تحول مقطع أغنية العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ”الى شبكنا يخلصنا” إلى حقيقة يومية ترتبط بالكثير من الأشخاص، مما أثار الجدل حولها نظرا لأنها بدأت تشكل مخاطر كثيرة بشكل مبالغ فيه.

من منا الآن لا يملك هاتف محمول ذكى متصل بالتكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الإجتماعى، فنجد أن امتلاك الهاتف الحديث بكل مميزاته لا يقتصر على الغنى فقط بل على جميع فئات المجتمع حتى الذى لا يملك المال، باعتبار أن الهاتف هو الوسيلة للاتصال بالعالم الخارجى، وفقدانه بمثابة انعزال عن عالم التواصل الإجتماعى وكأنه عالمه الخاص به.

أجريت دراسات حديثة بالصين،أكدت أنه بحلول عام 2020 سيكون هناك 6.1مليار مستخدمى الهواتف الذكية ، حيث 60% ينظرون إلى الهواتف الذكية كأداة اتصال، 23%يعتبرونه جزء من حياتهم، 8%للتواصل الإجتماعى، 9%من مستخدميه كأداة للتسلية والترفيه.

قديما كان اختراع الهاتف المحمول من أجل الاتصال فقط لا التواصل بالشكل الذى هو عليه الآن، ومع تطور التكنولوجيا والاتصالات كان الهدف الرئيسى من استخدام الهاتف استغلاله فى ما ينفع المجتمع، ولكن غريزة حب الاستطلاع والنزوات والرغبة الجامحة تقود الكثير بدون تريث أو وعى إلى الاستخدام الخاطئ للهاتف المحمول والتكنولوجيا.

قاما المخترع اليشا غراى والمخترع اليكسندر غراهام بيل باختراع الهاتف المحمول عام 1876فى القرن التاسع عشر، لم يعرفا أن هذه الآلة ممكن أن تكون وسيلة نافعة للمجتمع وعلى النقيض تكاد تكون وسيلة هدامة لبنيان المجتمع، وأيضا لم يعرفا أن من خلال هذه الشاشة الصغيرة يمكن رؤية بعضنا البعض، فالهاتف المحمول المعبأ بالتكنولوجيا الحديثة بمثابة نعمة ونقمة فى نفس الوقت.

الهاتف المحمول أصبح جزء من حياتنا الشخصية،جزء لا يمكن الاستغناء عنه بسهولة، وإذا تم فقده نشعر بالتوتر والقلق ، لذلك نرى دائما أن لدينا هاجس فقدان الهاتف المحمول باستمرار،وإذا كان لديك هذا الهاجس باستمرار فعليك بطبيبك النفسى، لأن هذا الهاجس يسمى ب”نوموفوبيا” هاجس الخوف من فقدان الهاتف، لذلك أجرت الباحثة”نانسى تشيفر”باحثة علم النفس بجامعة كاليفورنيا تجربة على 163طالب جامعى لفحص مدى تأثير وادمانهم للهاتف المحمول، حيث قامت بأخذ الهواتف من الطلاب، فظهر علي مدمنى الهاتف حالة شديدة من التوتر والقلق بغض النظر عن معرفتهم لمكان الهاتف أو لا.

وأجريت استطلاع سريع لبعض الشباب والفتيات عن مدى استغنائهم عن الهاتف المحمول
قالت نهى طالبة جامعية”لو موبايلى مش معايا بحس بكركبة ولغبطة طول اليوم ومبكونش طبيعية”

الأستاذة هالة متزوجة قالت”لا يمكننى الاستغناء عن هاتفى فهو الوسيلة الوحيدة بينى وبين زوجى لأنه مسافر”

قالت إيمان”عادى”

قال محمد”مقدرش استغنى عنه لأنه عملى وتنظيمه على الهاتف”

وقال أحمد مازحا طالب جامعى”أنا ممكن استغنى عن اخويا ومستغناش عن موبايلى”

وقال عادل مهندس إلكترونيات”أن معظم عمله على الموبايل من خلال تحديثات وبرامج تساعد عملائه فى حل مشاكلهم مع الموبايل”

وقالت غادة شيف”مقدرش استغنى عن موبايلى لأن شغلى عليه عن طريق تسويق أكلاتى وطبخى لفئة السوشيال ميديا”

وبذلك نجد أن الكثير لا يستطيع التخلى عن الهاتف المحمول خصوصا بعد تطور التكنولوجيا بشكل كبير.

•مميزات التكنولوجيا الحديثة المرتبطة بالهاتف المحمول:-
معرفة الأخبار بسهولة.
تنظيم العمل.
التسوق عبر الانترنت.
فتح مجالات كثيرة للعمل.
تبادل الخبرات.
إمكانية الدراسة عن بعد.
التسويق للسياحة وغيرها من الأنشطة.
إمكانية ضبط صفحات إرهابية ومرتكبى بعض الجرائم.
سرعة ودقة نقل الخبر.
تقريب المسافات بين الأشخاص.
وغيرها من المميزات الكثيرة.

أيضا الهاتف المحمول واستخدامه بكثرة يؤدى إلى:-
ضغوط نفسية وارتباك.
الوحدة التى فى بعض الأحيان تكون سببا للإكتئاب.
عدم الصبر على الأشياء.
ضعف وإجهاد حاستى النظر والسمع.
بعض آلام المفاصل.
التفكك الأسرى بأشكاله المختلفة.

كذلك عندما تجلس الآن بين العائلة ،كل شخص يحمل هاتفه المحمول ويتصفح ويدردش، وكأن هاتفه هو أسرته وعائلته وعالمه الخاص به،فأصبحنا أسرة واحدة بلا جدوى، لا نعرف عن بعضنا الكثير ،غرباء فى منزل واحد،الصمت حليفنا.

كما أن قضية الهاتف المحمول والتكنولوجيا الحديثة تطرق بنا إلى قضايا أخرى مثل الزواج عبر الإنترنت الذى طالما يوحى وينتهى بالفشل، حالات النصب الكثيرة، انتشار المواقع الإباحية التى بمثابة كارثة بكل المقاييس وأدمنها الكثير من الشباب بسبب عدم الزواج نتيجة غلاء الأسعار والتكاليف الباهظة للزواج التى لا يقدر عليها شاب فى مقتبل العمر فاختار هذا الطريق لإشباع رغباته.

أجرى البروفيسور”لارى روزن”فى مقاله عن تأثير الأجهزة الإلكترونية على الفرد ، فيوصى بعدم استخدام الهاتف وابتعاده عنك لمدة ساعة قبل النوم، وإذا لم تستطع فعليك الابتعاد قبل النوم تماما بفترةعن استخدام اى أجهزة إلكترونية لأن ذلك يعمل على التأثير على الهرمونات التى يفرزها المخ،وكذلك أنه من المفترض أن تحدد علاقتك مع هاتفك ووضع قواعد لاستخدامه حتى لا تصاب ب”نوموفوبيا”.

الحل فى قضية الاستغناء عن الهاتف المحمول هو أولا اتباع تعاليم الدين الإسلامى، مراقبة الشباب وتيسير الحياة الآمنة لهم، حل مشكلة البطالة، تحديد علاقتك مع الهاتف ووضع قواعد لاستخدامه كقواعد المعاملة مع بعض البشر، عدم استخدامه بكثرة، تحديد وقت محدد لاستخدام الإنترنت بواسطة الهاتف المحمول، مراعاة ضميرك فى كل شئ تستخدمه.

فى النهاية نحتاج فقط إلى صحوة ضمير حتى لا ننساق وراء الرغبات وغريزةحب الاستطلاع التى تقودنا إلى محل بلا هوية، فنجد أنفسنا فى دوامة لا نجد مخرج للهروب منها، وأيضا استخدام الهاتف فى النفع لا الضرر والتمسك بتعاليم ديننا والتربية السليمة،حتى لا يصبح عفريت التكنولوجيا ملازم لنا حتى فى الأحلام،ونرى أنفسنا كالضال للطريق ولا يجد من يهديه إلى الطريق الصحيح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock