مقالات

شركة آبل أغنى شركة بالعالم

الكاتب/ طارق منير ناصر الدين

 

تأسيس ونشأة الشركة، سر شعار الشركة، تطور الشركة وتفردها عالمياً،

وفاة جوبز ووصيته حول تيم كوك، أهمية الشركة وبعض الأرقام حولها،

لماذا يقدم الناس على شراء منتجات أبل رغم ارتفاع أسعارها؟

تأسيس ونشأة شركة آبل

تأسّستِ الشركةُ عامَ 1976م، في مقاطعةِ ” كوبرتينو” في ولايةِ كاليفورنيا، ولكَ أن تعلم عَزيزي القارئ أن أعظمَ شركات ِالقرنِ العشرين وأكثرها شهرةً اليوم، قد انطلقت من كراجٍ للسيارت ببيتِ “ستيف جوبز” كمقرٍ لها، برأسمالٍ يقدرُ “بخمسُمائةِ دولارٍ” فقطْ !!! تخيلوا…. وكانت الشركة نتاجُ شراكةٍ بينَ ( ستيف جوبز و ستيف وزنياك و رونالد واين)، وكان الثلاثة يعملونَ في ذاتِ الشركة الشهيرة “أتاري للألعاب”، لم يلبث أن غادر “واين” الشراكة وباعَ حِصتهُ بمبلغِ 800 دولار فقط للشريكين، ويعود الفضل الأكبر في تطور الشركة لِعبقرية “ستيف جوبز” وبالمناسبة هو سوري الأصل وإبن المهندس البيولوجي السوري “عبد الفتاح الجندلي” واخته هي “منى الجندلي” الروائية الكبيرة والشاعرة التي تعرف بأمريكا باسم “منى سيمبسون”.

لقد طور ستيف جوبز في الحاسوب المحمول بعد أن طرح شريكه ستيف وزنياك أول حاسوب “أبل 1” وبيع حينها الآلافُ من القطعِ في السوق، ثم توصل جوبز من اختراع حاسوب “أبل ماكنتوش 2” الذي غير من نظرة العالم للحواسيب المحمولة وكان ذلك عام وكان هذا نقطة تحول كبيرة للشركة واعطاها شهرة كبيرة وخاصة أن الحاسوب بيع للمدارس في كل مقاطعة كاليفورنيا وكان ذلك عام 1984، ثم حصلَ بعد ذلك انقساماتٍ بالشركةِ بسبب خلافٍ كبير حولَ إطلاقِ المشاريعِ بين حاسوب “آبل ليزا” والذي توضح مع الزمن أنه أفشل حاسوب يمكن أن تصنعه شركة وقد ندمت الشركة بعد فترة ودفنت كل الإنتاج في الصحراء، وبالمقابل كان في المقلب الآخر هناك حاسوب “آبل ماكنتوش” الذي سارع جوبز من أجل نجاحه واطلاقه في السوق قبل “ليزا” إذاً الخلاف من سينزل للأسواق أولاً، اضافةً للصراعِ على السلطة بين “جون سكالي” الرئيس التنفيذي حينها مع جوبز الذي انحاز لمشروع ليزا ولم يتحمس “لماكنتوش” وقتها، مما حذى جوبز ليترك شركة آبل التي أسسها بنفسهِ وتعبَ من أجلها، وكان ذلك عام 1985 واتجهَ لتأسيسِ شركةٍ تحملُ اسم (نيكست) لصناعة تكنولوجيا الحواسيب الذكية، بقيت شركة آبل تتخبط بين نموٍ وانكماشٍ في المبيعات وفي التصنيع إلى عام 1996 حيث تم تغيير الرئيس التنفيذي لشركة آبل “مايكل سبيندلر” الذي كان على خلاف كبير مع جوبز وحلَ مكانهُ “جيل أميليو” رئيسا تنفيذياً للشركة، أجرى “جيل” تغييراتٍ كثيرةٍ في الشركةَ واستعانَ بشركةِ نيكست وبنظامها (نيكست ستيب)، وهكذا عادَ ستيف جوبز إلى شركةِ آبل كأهمِ مستشاريها، ولكنَ سياسةَ الشركة لم تفلح وبقيَ الإنتاجُ غيرَ متوازنٍ والربحيةَ متدنيةَ إلى أن سقطت إدارةُ “جيل” وأصبح ستيف جوبز الرئيس التنفيذي للشركة، خينها قام جوبز بتغيرات كبيرة على مستويات الإدارة والانتاج والتصميم، وبالفعل كانَ لتغيرياتِ جوبز الأثرُ الكبيرُ والواضحُ في عودةِ الشركةِ للحياة بعد أن كانت مهددةً بالتلاشي والإفلاس.

سر شعار الشركة

كما يعلمُ الجميع أن شعارَ شركةِ آبل هي التُفاحةَ، والسببُ في اختيارِ التفاحة هو من المرجح أن جوبز أرادَ التعريفَ بالشركةِ على أنها شركةُ المعرفة وهنا استعانَ كما يظن البعض ليوصل فكرتهُ “بالأسطورةَ الديّنية” حول آدم و تفاحة المعرفة التي قضمها آدم في الجنة والتي أعطته المعرفة بدورها وكانت سبب نزوله للأرض، أما آخرونَ رجّحوا أن التفاحةَ ترمزُ أيضاً لتفاحةِ (اسحاق نيوتن) التي سقطت عليهِ أثناءَ جلوسهِ تحتَ الشجرةِ فألهمتهُ إلى اكتشافِ “قانونُ الجاذبية”.

وبالفعل إن أولَ تصميمٍ للشعار حملهُ حاسوب أبل، كان شعارَ الشركةِ يظهرَ فيه “إسحاق نيوتن والتفاحة تسقط عليه”، ثم تغيرَ الشعارُ بعدها إلى “التفاحة المقضومة”، ثم نجد اليوم أن الشعارَ هو لوغو التفاحة ملونة بألوان قوس قزح، وهي ترمزُ حسب تكهناتِ البعض إلى شعارِ (المثلية الجنسية) التي يفتخرُ بها و بالإنتماء لها تيم كوك، وأقصدُ الرئيس التنفيذي الحالي لشركة آبل “تيم كوك” وهو مثلي جنسياً، غير أن الكثيرَ يرفضُ هذا التفسيرَ ويقولُ أن الألوانَ تعكسُ جمالَ شركةِ آبل وقدرةِ شاشاتها على نشرِ إنعكاسِ كلَ ألوانِ الطبيعة.

أما تسمية حاسوب آبل الشهير باسم “ماكنتوش” فهو أيضاً يعود للتفاح، وتحديداً لنوع “تفاحِ ماكِنتوش الكَندي” الذي كان يفضلهُ جوبز، فأطلقَ على الحاسوب المحمول لشركة آبل هذا الإسم ماكنتوش حيث يرى أن تفاح ماكنتوش تفاح يدل على كل الطاقة ولا يتعفن ويدوم طويلاً وبهذا يشبه حاسوب ماكنتوش بتفاحةِ ماكنتوش التي تعطي كل الفوائد وتدوم طويلاً دون عَطَبٍ أو تلفٍ أو تَعفنْ.

تطور الشركة وتفردها عالمياً

مع تَسلمِ ستيف جوبز زِمامَ المبادرةِ والسلطة في ذلك الوقت، بدأتِ الشركةُ بالانتعاش تدريجياً و هيكلة الإنتاج غدت أفضل وبطريقةٍ أخرى أكثر جدوى، كانتِ الشركةُ قد أرهقتها الخصوماتُ والمحاكمُ بينها وبين العديد من الشركات، وعلى رأسها “مايكروسوفت”، ولكن حنكةَ جوبز قلبتِ الخصومةَ معَ مايكروسوفت إلى شراكةٍ وأقنعَ الأخيرةَ في شراءِ أسهمٍ من شركة آبل التي ضَختِ المالَ والحياة من جديد للشركة، وتعاقدَ جوبز مع مايكروسوفت من أجلِ إنتاجِ حاسوبٍ يعتمد على واجهة مايكروسوفت مع مكانتش.

وبقيتِ الشركةُ تحملُ اسمَ شركةِ “آبل لصناعة الحواسب المحدودة” حتى عام 2007، ذلك العام الذي قفزت الشركةُ فيه نحوَ عالمِ تصنيعِ الهواتف الذكيةَ وليعلن جوبز عن هاتف “آيفون” الشهير الذي قفز بالشركة نحو العالمية أكثر فأكثر وزاد من أرباحها بشكل غير متوقع، وهكذا غدت شركة آبل شركة تصنيع متطورةَ للتكنلوجيا والإتصالات، ولم تعد مقتصرةً على عالمِ الحواسيبِ بل تعدّت ذلك لتصنيعِ الهواتفِ والايباد والايبود وغيرها من منتجات آبل، وما لبثت الشركة إلى أن أطلقت في العام الذي تلاه عام 2008 متجر التطبيقات الشهير ” أبل ستور”، ثم أطلقت أبل عام 2010 أول أيباد من الشركة وكان قفزة نوعية ولاقى رواجاً عالمياً في الأسواق.

وفاةُ جوبز ووصيتهُ حولَ تيم كوك

كان عام 2011 عامَ وفاةِ ستيف جوبز ذلكَ الرجلُ العظيم الذي طورَ وأسّس أهمَ شركةٍ من شركاتِ التكنولوجيا العالمية، رحلَ مع مرضٍ عُضال تاركاً وراءهُ شركةً عملاقةً في التكنولوجيا.

أوصى ستيف جوبز بعد استقالتهِ من رئاسة الشركة بسبب المرض أن يَخلفهُ في رئاسةِ الشركةَ رجلُ الأعمال “تيم كوك”، وهو من أهم رجال الأعمال وقد شغل منصب رئيس تنفيذي لشركة آبل أثناءَ مرضِ جوبز وأخذهِ إجازةً مرضية للعلاج، ومعَ تسلمِ “تيم كوك” المنصب أكملَ مسيرة جوبز وطورَ من استراتيجيات التقدم للشركة وحققت الأرباح تلو الأرباح.

شركة أبل نحو القمة

لم تتأثر آبل بموتِ جوبز كثيراً فقد استمرت في التطور وكان عامَ 2012 مميزاً لها، فقد حَققتِ الشركة من منتجاتها المتنوعة بين حواسيبَ وهواتفَ محمولة حوالي “ستةَ عشرَ مليار دولار” للربعِ الأول للسنة، ومعَ نهايةِ العام حققَ حوالي “إثنينِ وعشرينِ مليار دولار” فقط من مبيعاتها لهواتف أيفون، ثم حَلّقت الشركة في المبيعات والتطور مع كل سنة حتى أننا نجد في عام 2014م مبيعاتها وأرباحها تجاوزت مبيعاتُ شركة( فيس بوك و أمازون وغوغل مجتمعة)،

فتخيلوا أعزائي القرّاء أن الشركة تحقق أرباح تقدر ” بثلاثمائةِ ألفَ دولار في الدقيقة الواحدة”.

لم يقف طموحُ الشركةِ والمصنعين عند حد فترى الشركة كل عامُ تطلق جيلاً جديداً من هاتفها الذكي “أيفون”، يواكب كل ما هو متقدم في عالم التكنولوجيا، ناهيكَ عن توسعِ الشركة في صناعة الآيباد والساعات الذكية والدخول على تصنيع “نظارات العالم الافتراضي” الذي يدعمُ الجيلَ الخامسِ من الذكاء الاصطناعي.

أهمية الشركة وبعض الأرقام حولها

تُعدُ آبل أنها من أثرى وأشهرِ الشركات في العالم، والشركةُ الأكثرَ قيمةً في التداولِ حيثُ وصلت أصولَ ثروتها في شهر  شباط 2022م إلى “ثلاثةَ تريليون دولار” لتتربعَ على عرشِ أغنى شركات العالم، يعملُ في الشركة حوالي (مائةَ وخمسونَ ألف موظف)، وتمتلكُ الشركةُ حوالي “420 فرع” معظمهم في الولايات المتحدة ناهيك عن “أربعين فرع” في إنكلترا، وتمتلك “خمسمائة متجر ضخم” حول العالم، وتكمن أهمية هذه الشركة أنها من أكبرِ شركاتِ تكنولوجيا المعلومات العالمية اليوم، فهي شركةٌ مصنعةٌ للحواسيبِ المحمولةِ “ماكنتوش” والتي تعتبر من أكثرِ الحواسيبِ أهميةً وتطور، وقدرةً على تلبيةِ السوقِ العالميةِ في التكنولوجيا والأمانِ المتقدِمِ في المعلومات، و لقدرةِ هذه الحواسيبِ على العملِ الطويلِ دونَ توقفٍ ودونَ تعليقٍ أو تباطئٍ في الأداء، مما يجعلها متقدمةً على كل شركاتِ اللاب توب في العالم، إضافةً إلى الموبايلاتِ المتطورة الذكية “آيفون” والتي تعتبرُ أكثر الهواتف الذكية تطوراً، ناهيك عن أمنها والحمايةِ الفائقةِ لمعلوماتِ المستخدم، وحمايةِ البياناتِ من السرقةِ والتسربُ عبرَ الإختراقِ أو الهكر المنتشر كأشخاصٍ أو برامجَ منتشرة في الانترنت.

لماذا يقدم الناس على شراء منتجات أبل رغم ارتفاع أسعارها؟

● السلالةُ والبساطةُ في الاستخدام: حيث أن برنامج ونظام ماكنتوش والios واجهة نظام الأيفون بسيط وغير معقد فالكثير يفضل أن يتعامل مع نظام غير معقد وواجه سلسة .

● التحديثات الدائمة للهواتف والنظام: تهتم آبل بتحديثِ تقنياتها والنظامِ لديها لتبقى في المنافسةِ دوماً وتلاحق التطور وركب السرعة والحداثة.

● متانة التصنيع والخامات المستخدمة: إن ما يميز الشركةَ منذ تأسيسها المواد التي تستخدمها في صناعةِ هواتفها وأجهزة المحمول لديها، حيث نجُد هواتفها من الألومنيوم الفاخر والمتين مقارنةً مع البلاستيك والمواد الرخيصة التي يستخدمها المنافسين، وهذا ما يخلق الرضا عند الشاري ويعلم أنه يحصل على أجود مواد وأفضل نوعية.

● أناقة التصميم: إن أهم ما يلفت نظر الزبون هو الشكل الخارجي للهاتف قبل كل شيء، فالعين تختار وتعشق وترفض وتقبل وفقاً للشكل الذي ينزل فيه الهاتف الذكي، قبل الخوض بمميزاته التقنية والتكنلوجية.

● الأمان العالي للجهاز من السرقة والتطفل: تعتبر شركة أبل من أكثر شركات العالم حماية لبيانات عملائها ما ذكرنا سابقاً، من خلال “الاي كلاود”، الذي يحمي الجهاز من السرقة أو قرصنة المعلومات، ويمكنك من خلال هذة الميزة أن تنسخ جميع ارقامك و معلوماتك وصورك وكل ما لديك من جهازك القديم إلى جهاز أيفون الجديد إذا أحببت أن تطور من هاتفك لنسخة أحدث أو لأي سبب آخر.

● التطبيقات المميزة في سوق أبل: تتميز هواتف أيفون بتطبيقاتٍ مخصصةٍ لها فقط حيث سجل في متجر آبل حوالي مليار تطبيق يخص هواتف آيفون، حيث يمكن تحميلها من متجر مخصص للموبايل يدعى “آبل ستور” والذي قالت الشركة أنها دفعت حوالي 60″ مليار” دولار منذ عام 2008 حين أنشأت الشركة المتجر إلى يومنا هذا، وهو يختلف عن “متجر جوجل”، حيث لا يمكن للهواتف التي تستخدم نظام أندرويد أن تشتري أو تحمل منه، والأمر سيان مع هواتف آيفون ومنتجات آبل من “اللاب توب، والأيباد، والأيبود”.

● خلق حالة من التفرد عن الغير وإشباع غرور الطبقة الغنية: إن هواتف أيفون باهظة الثمن ولا يستطيع شخص من الطبقة الوسطى أن يفكر حتى في شراء منتجات أبل، وهنا المقصد من ارتفاع السعر، حيث أن شركة آبل تستهدفُ بمنتجاتها الطبقةَ الغنيةَ والثريةَ حول العالمِ فقط، ولا نرى من الشركة اصداراتٍ مختلفةٍ كباقي شركات الخليوي و الهواتف الذكية، فهي تُصدِرُ كل عامٍ هاتفاً واحداً فقط من هواتف آيفون، حيث يحمل اسم الجيل التي وصلت له الشركة مثال: ايفون الجيل 7 أيفون جيل 9 إلى أن نصل للجيل الجديد وهو 13، أي أن الشركة تخلق حالة نفسية تقول فيها لمالك الهاتف أنت لست كغيرك انت تملك هاتف باهظ الثمن ولطبقةٍ محددةٍ من البشر.

● استراتيجية مختلفة عن كل من حولها:

كما ذكرت في الفقرة السابقة أن الطبقة التي تستهدفها آبل، هي طبقة الأغنياء ولا تهتم أبداً في المنافسة بسوق الطبقة المتوسطة والشعبية، حيث دأبت الشركات على خلق حالة توازن في منتجاتها بين الطبقات المختلفة من أجل تلبية كامل السوق كما تفعل سامسونغ وغيرها حيث نرى هواتف بأسعار رخيصة للفئات الشعبية وهواتف باهظة الثمن للطبقات الغنية، ولكن شركة أبل لا تسعى في سياستها التسويقية أو منتجاتها على تلبية الأسواق المتنوعة طبقياً، بل هي تسعى فقط لكسب ود الطبقة الغنية في سياستها وسوقها وتطبيقاتها وما تقدمه، وهي بذلك كسبت ثقة هذه الطبقة واعتمدت على سياسة البيع القليل والربح الضخم على عكس البيع الكثير والربح المتوقع حسب النمو في السوق.

ولكن هذا لا يعني ان الفقراء أحياناً لا يحملون هواتف أيفون حيث تجد الكثير يتحامل على نفسه ويشتري أيفون لكي يشعر أنه يقتني هاتف لا يحمله إلا الأغنياء والطبقات المقتدرة.

● صداقتها للبيئة: حيث أحد المبادرات التي قامت بها شركة أبل هي استعادة الهواتف المستعملة المنتهية وإعادة تحويلها وإتلافها بطريقة لا تضر البيئة مما أعطاها قيمة عالمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock