شعر وحكاياتعام

خلف النافذة



خلف النافذة

بقلم / ريهام مصطفى

مثل عادته كل يوم يجلس على ذلك الكرسى فى الشرفة التى تطل على جانب من جوانب هذا الشارع الفارغ من كل شىء ، يحتسى فنجان من القهوة ، أعتقد أنه سادة ، لا أرى أى شىء من وراء نظارته المعتمة و لكن ملامحه تبدو حزينة دائما ، لاأتذكر يوما رأيته يبتسم أو تتغير ملامح وجهه العابسة ، والأن حان موعد خروجه من المنزل .

أرتديت قبعتى الشتوية وقفاز اليد وتلك البوط الذى يحمينى من تخلل الماء لقدمى ، أحب المطر جدا ولكننى لا أتحمل أن تتسخ قدماى فالحديقة تصبح بركة من الطين فى هذا الوقت من الشتاء ،أقفلت الباب ورائى وذهبت بسرعة لأتفقد ذلك الرجل ، فمنذ أن سكن هذا المنزل المقابل لمنزلنا يغمرنى الفضول نحوه .

خطواته سريعة وفى منتصف الطريق يهرول ويقف ثم يكمل الطريق ليصل للحديقة ، يجلس فى تلك الزاوية الباهتة الخالية من الأزهار والخضرة ، لا أعرف لماذا هذه الزاوية دون عن بقيةأجزاء الحديقة ، ربما لها ذكرى أو يريد أن يختلى بنفسه بعيدا عن الناس ، ولكن الحديقة بأكلمها طبعها هادىء ،فمنذ أن ولدت وهى هكذه لم يتغير بها شىء، لم يرفع نظارته قط ، أريد أن أرى عينيه لابد وأن أرى داخلهم شىء قد يرضى عقلى المشوش به فيجعلنى أبتعد عن متابعته ، ساعتين متواصلتين يجلس ولا يتحرك من مكانه أبدا ، إتسخ حذائه بالكامل بالطين فالأمطار بالأمس تركت أثرا كبيرا فى الشوارع ،لا أعرف لماذا لا يجلس اليوم فى بيته ما السبب الكبير الذى يجعله يأتى كل يوم إلى هنا، فلايترك يوما إلا وجاءإلى هنا لا يهمه أمطار أو طين أو أى شىءأخر .

بعد أن تناولت العشاء أتجهت إلى شرفة حجرتى كان الليل قد أقام ظلامه تماما ، رأيت نور غرفته مفتوح والهواء يعلو ويرفع ستائر نافذتها حتى تزحزحت تماما وأصبح ركن كبير من الغرفة مكشوف أمامى من خلف الزجاج ،وجدت منضدة يعلوها قلم وبعض من الأوراق وبجانبهم فنجان القهوة ،كان يجلس وهو يرتدى نفس النظارة الكاحلة ، رفع الفنجان ورشف رشفة من القهوة ثم أعاده مكانه على المنضدة ثم سحب القلم والأوراق تجاهه.

كان كل شىء جميل تماما حتى أصابته لعنة الظن ، كنت دائما أمدح فيها ليس لأننى أعشقها بل لأنها تهتم بك يا صديقى ، هذه زوجتك فكيف يخطر لك أن بينى وبينها شىء ، قتلتها وقتلت نفسك وتركتنى هنا بذنب لم أرتكبه أبدا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock